الأربعاء، 28 مايو 2008

حب التلميذة العظيم لأستاذها :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

21 - حب التلميذة العظيم لأستاذها :
علاقتي طيبة مع التلميذات اللواتي درسن وما زلن يدرسن عندي في الثانويات كلها التي درَّستُ فيها أو في الثانوية التي ما زلتُ أُدرس فيها حتى اليوم . العلاقة طيبة ووثيقة أحيانا إلى درجة المبالغة التي لا أريدها . لا أريدها حتى يبقى حبُّـهن لي مبصرا لا أعمى . والفرقُ بين الحب المبصر والأعمى هو أنني مع الحب المبصر أبقى أظهرُ أمامهن بحسناتي وسيئاتي فينصحنني ويوجهنني إذا أخطأتُ أو عصيتُ , وأما مع الحب الأعمى فإن الحسناتِ فقط تظهرُ وتختفي السيئات أمام عيني المحب , وفي هذا من الشر ما فيه . وكمثال على حبهن لي أذكر مثالا وقع منذ حوالي أسبوع بالثانوية التي أدرس بها . خصصتُ للتلاميذ كعادتي في نهاية كل سنة دراسية حصة من ساعتين إضافيتين لتقديم نصائح وتوجيهات عامة متعلقة بالتحضير للبكالوريا ثم للدراسة في الجامعة بعد ذلك وللحياة المستقبلية داخل البيت أو خارجه . وطلبتُ السماحَ من التلاميذ ونصحتُـهم بالتسامح فيما بينهم وألححتُ عليهم أن يبقى الدعاءُ لبعضنا البعض بالخير عن ظهرِ الغيب , مهما ابتعدت الأجسادُ عن بعضها البعض ... وفي نهاية الحصة رأيتُ أن الكثيرات من التلميذات تأثرن بكلامي وملن إلى البكاء حزنا على الفراق .
وعندما خرجتُ من القسم في نهاية الحصة وجدتُ تلميذة في انتظاري ( مع زميلتها ) أمام باب القسم . والتلميذةُ هي أحسنُ تلميذة في قسمها أدبا واجتهادا , وهي من الأوائل في الثانوية كلها . سألتُـها "خيرٌ إن شاء الله يا..؟!" فقالت لي متحاشية النظر إلي حياء وأدبا " يا أستاذ إذا لم أنجحْ في امتحان البكالوريا , فإنني سأفرحُ أكثر مما أفرحُ لو نجحتُ "!!!. وسكتتْ . وفهمتُ في الحين قصدَها . قلتُ لها " لا تقولي هكذا يا... هذه هي الحياة " و " لكل بداية نهاية" و "يا محمد أحببْ من شئت فإنك مفارقه "...و" يبقى الدعاء بيننا بالخير وعن ظهر الغيب , يبقى باستمرار بإذن الله " و" ستجدين بإذن الله في الجامعة وفي كل مكان من هو خير مني بكثير " . ولعلكم فهمتم ماذا كان قصدُ التلميذة من وراء كلمتها السابقة . إنها تحبُّ أستاذَها الذي تعرفُ أنه يحبها كما يحبُّ الأبُ ابنتَـه , ولا تريد أن تفارقه بل تريدُ أن تعيد السنةَ حتى تدرسَ عنده مرة ثانية , لتتعلم منه العلوم الفيزيائية والإسلامية في نفس الوقت , وكذا تجارب الحياة التي من الصعب أن تجدها في بطون الكتب .
والحمد لله رب العالمين وحده على ما منّ وتفضّل وتكرّم .

ليست هناك تعليقات: