الثلاثاء، 17 يونيو 2008

وقفات ( من 221 إلى 230 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

221- قال لي " سأنصحها بإذن الله يا شيخ " ! : كنتُ أعرف في يوم من الأيام أخا كريما ( وهو عبارة عن شاب صغير عمره حوالي 26 سنة ) , أراد أن يتزوج بفتاة أعرفها جيدا وأعرف عائلتها . وكنت أرى أنها لا تصلح له لأنها كانت مائعة منحلة وكان أهلها يغضون الطرف باستمرار عن أخطائها وخطاياها , لأنها كانت ابنتهم الوحيدة , وكانوا يرون أن من تتمة أو تكملة تذليلهم لابنتهم أن ينظروا إلى مخالفاتها بعين واحدة فقط وأن يسمعوا عن انحرافاتها بأذن واحدة فقط . وكان الشاب يريد أن يتزوج بهذه الفتاة ولكنه لم يتحدث بعد عن نيته تلك إلا مع الفتاة وأمها . إذن من الناحية الشرعية ما زال لم يخطب الفتاةَ بعد , مادام لم يكلم بعد أباها في هذا الشأن . وكان هذا الشاب يذهب باستمرار لدار هذه الفتاة مدعيا محاولة التعرف عليها , ومستأنسا بعلم أهلها , أي أنه لا بأس أن يفعل معها ما يشاء ما دام ذلك يتم بعلم أهلها !!!. وكان يُـفطر هناك في الكثير من الأحيان ويتغذى ويتعشى , وكان يبيت في بعض الأحيان عند أهلها . وبطبيعة الحال كان يلتقي بالفتاة عند أهلها وبعيدا عن أهلها ( يختلي بها ) وبعلم أهلها , والله وحده أعلم ماذا كان يفعل بها ومعها ؟!. كان يختلي بها باستمرار وفي أوقات متقاربة ولفترات طويلة .
- قلتُ له – في يوم من الأيام - لائما ومعاتبا وموبخا وناصحا وموجها :
"يا أخانا أنتَ من البداية ترتكب مجموعة مخالفات وأخطاء ومحذورات شرعية :
ا- منها أنك تتصل بأهل فتاة وبالفتاة في حد ذاتها , وأنت ما زلتَ لم تخطبها بعدُ من أهلها .
ب- الخطبة تتم مع ولي الفتاة ( الأب ) , لا مع الأم .
جـ- زياراتك المستمرة والدائمة والطويلة لأهل الفتاة وأنت ما زلت لم تخطبها بعدُ ( ومن باب أولى ما زلتَ لم تعقد عليها ولم تدخل بها بعد ) , فضلا عما فيها من حرج شرعي , هي مخالف لعاداتنا وتقاليدنا وهي كذلك غير متفقة مع الذوق العام .
د- حتى من أجل أن تخطب الفتاة لا يجوز لك شرعا أن تنظر منها إلى غير الوجه والكفين من جسدها , ولكنك أنت ( في الحقيقة ) تنظرُ منها ومن مدة ليست بالقصيرة – كما سمعتُ من مصادر مطلعة – إلى غير الوجه والكفين من جسدها وأنت ما زلتَ لم تخطبها بعد .
هـ- أنتَ تختلي بالفتاة من مدة طويلة ولمرات ومرات , وكل ذلك حرام عليك ثم حرام , وبلا أي خلاف بين عالمين اثنين , لأن الفتاة ما زالت أجنبية عنك : أنتَ لم تخطـبْـها بعدُ ولم تعقد عليها بعدُ .
و- لا يجوز لك أن تختلي بهذه الفتاة ولا أن تُـقـبِّـلها ولا أن تنظر إلى غير الوجه والكفين من جسدها ولا ... سواء بعلم أهلها أم بدون علمهم . يحرم ثم يحرم عليك كلُّ ذلك سواء قبلت الفتاة ذلك أو رفضته , وسواء قبل أهلها ذلك أم استنكروه ورفضوه .
ي- وأما حكاية التعارف الذي تريد أن تحققه مع هذه الفتاة بمخالطتها خلال مدة طويلة , فوالله ثم والله إنه لتعارف كاذب ثم كاذب لأنك لن تتعرف على الفتاة إلا من خلال السؤال عنها , ثم لن تعرفها على حقيقتها إلا حين تتزوجها . عندئذ وعندئذ فقط ستعرفها وستعرفك . وأما مخالطة الرجل للمرأة قبل الخطبة أو بين الخطبة والعقد الشرعي أو حتى بين العقد والدخول من أجل التعرف عليها فهي أكذوبة من أكاذيب الشيطان ليخدع بها كلا من الرجل والمرأة وليوقعهما في الكثير من الأخطاء والمخالفات " .
- ثم قلتُ له في النهاية " يا أخانا إعلم أنه من تمام شكرك لله على كل ما أنعم به عليك هو أن تحاول أن تبدأ الزواج من أول يوم ومن أول خطوة على طاعة الله ورسوله ".
والمضحك هنا في هذه الوقفة هو أنني عندما قلتُ لهذا الأخ بأن الفتاة فيها وفيها ... وأنها لا تصلح له ...
- قال لي " سأنصحها يا شيخ بإذن الله , وسيستقيم أمرها خلال مدة قصيرة إن شاء الله " !!! .
- ابتسمتُ وقلتُ له مازحا وجادا في نفس الوقتِ " يا هذا : هذا الذي قلتَ لي الآن يصلحُ أن يكون نكتة , ولكن لا يصلح أن يكون كلاما حازما منك . إن رسول الله قال " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " , ومنه فأنت عندما تختلي بها , وعندما ترى منها ما لا يجوز لك رؤيته من جسدها , وعندما تقبلها أو تمس الجزء كذا أو كذا من جسدها , أنت بذلك ترتكب 3 مخالفات ومحظورات ومحرمات شرعية في آن واحد , فكيف بالله عليك تصدق أو تريدنا أن نصدق أنه يمكنك أن تنصح الفتاة وتوجهها وتأمرها وتنهاها وتدعوها إلى الله وأنت ترتكب معها هذه المعاصي والذنوب والآثام ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت تختلي بها يمكن أن تنصحها في الله ولله ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت ترى ساقيها وذراعيها وعنقها وصدرها و ... يمكن أن توجهها في الله ولله ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت تقبلها يمكن أن تأمرها بالمعروف وتنهاها عن المنكر وتدعوها إلى الله ؟!. إنك يا هذا إن أردتَ أن تنصحها في هذا الجو " الحرام " فلا تقل " أنا سأنصحها لله " , وإنما قل " سأنصحها لوجه الشيطان " . إن هذا الكلام قاس جدا عليك يا أخانا , ولكنها الحقيقة إن أردتَ أن أنصحك ولا أجاملك ".
- قال لي عندئذ " صدقتَ والله يا شيخ إنها الحقيقة التي تغطي عليها النفسُ الأمارة بالسوء وكذا الشيطانُ , وإنه الهوى الذي يعمي العقل ويقسي القلب , وإنها الشهوات التي تحببُ إلى الإنسان الفسوقَ والعصيان والعياذ بالله تعالى. أسأل الله لي ولها الهداية , آمين " .
222- لا تضحك علي حتى لا أضحك عليك ! : عندما كنتُ في سجن البرواقية فيما بين نوفمبر 1982 م و ماي 1984 م , حيث قضيتُ المدة كلها مع 20 أخا من الإخوة ( مجموعنا كان 21 شخصا ) , وكان الشيخ أحمد سحنون والشيخ عبد اللطيف سلطاني ( رحمهما الله تعالى ) في ذلك الوقت , كان كل واحد منهما في بيته ولكن تحت الإقامة الجبرية ( وكان ممنوعا حتى عن أداء صلاة الجمعة ) . قلتُ : عندما كنتُ في سجن البرواقية كان معي 20 شخصا أغلبيتهم من الجزائر العاصمة وضواحيها وكذا من الغرب الجزائري , وأما أنا والشيخ عبد الله جاب الله فكنا الوحيدين من الشرق الجزائري , وبالضبط من ولاية سكيكدة .
ومما كنتُ ألاحظه في تلك الفترة من المسائل الثانوية الفرعية البسيطة أن بعض الإخوة يتحدثون بلهجة الجزائر العاصمة ويأكلون ويشربون كما هي عادات وتقاليد العاصميين , وآخرين يتحدثون بلهجة الغرب الجزائري ويأكلون ويشربون كما هي عادات وتقاليد الغرب , وأما أنا وعبد الله جاب الله فإن لهجتنا هي لهجة سكيكدة ( مع أن لهجة مدينة القل " مسقط رأسي" تختلف قليلا عن لهجة سكيكدة عاصمة الولاية "مسقط رأس عبد الله جاب الله" ) , وطريقة أكلنا وشربنا كانت عموما كما هي عادات وتقاليد الشرق الجزائري .
ومما له صلة بهذه المسألة بالذات أنني كنتُ ألاحظ في تلك الفترة أن بعض الإخوة في البعض من أوقات فراغهم كانوا يسخرون ( وأحيانا يمزحون فقط ) من لهجة الغير ومن عادات وتقاليد الغير في الأكل والشرب و ... وأذكر أنني كنتُ غالبا إما أن أغيرَ موضوع حديثهم الهزلي ( الذي إن لم يكن حراما فهو على الأقل لغو ) إلى موضوع آخر جاد بطريقة لبقة ومؤدبة , وإما أن أحذرهم بالتي هي أحسن مما يقولون , وكان مما كنتُ أقول لهم :
1- إخوتي : نحن أحوج ما نكون كمسلمين إلى أن يكون أغلب حديثنا جادا .
2- ولما كنا دعاة إلى الله فمن باب أولى يجب أن ننـزه أنفسنا عن اللغو ما استطعنا , والأمة المجاهدة لا تعرف غالبا إلا الجد .
3- يجب أن نتعصب - إن تعصبنا – إلى اللغة العربية الفصحى التي هي لغة المسلمين جميعا دنيا وآخرة , لا إلى لهجتي أنا أو إلى لهجتك أنتَ . ومنه فإن الواجب أن نعتبر أن اللهجة الأفضل والأحسن هي اللهجة الأقرب إلى اللغة العربية . وفي الغالب ليست هناك لهجة أقرب إلى اللغة في كل كلماتها , وإنما كل لهجة هي قريبة في كلمات إلى اللغة وهي بعيدة عن اللغة في كلمات أخرى .
4- اللهجات مختلف فيها – عموما - بين الناس في كل زمان ومكان , ومنه فالواجب عدم التعصب فيها. ولا ننسى القاعدة الهامة جدا والصالحة في أمور الدين والدنيا : في المسائل التي لا خلاف فيها : الواجب هو التعصب , والتعصب محمودٌ بإذن الله تعالى . وأما في المسائل الخلافية الفرعية الثانوية الاجتهادية فالواجب سعة الصدر مع المخالف , وسعة الصدر فيها هو المحمود , والتعصب - على الضد من ذلك - هو المذموم .
5- يجب أن نتعصب- إن تعصبنا – إلى الوصفات الطبية والصحية في الأكل والشرب , لا إلى عاداتي وتقاليدي أنا أو إلى عاداتك وتقاليدك أنتَ في الأكل والشرب . ومنه فإن الواجب أن نعتبر أن الطريقة الأفضل في الأكل والشرب هي الطريقة الأقرب إلى مراعاة الصحة أولا ثم مراعاة الذوق العام ثانيا . وفي الغالب ليست هناك منطقة جغرافية كل عاداتها وتقاليدها هي أقرب في كل شيء إلى مراعاة القواعد الصحية , وإنما كل منطقة لها عادات وتقاليد هي قريبة في أشياء إلى مرعاة الصحة وهي بعيدة عن مراعاة ذلك في أشياء أخرى .
6- حتى إن كان الأخ مازحا مع أخيه فالأفضل تجنب المزاح في أشياء مثل هذه أو على الأقل عدم الإكثار منه . ولا ننسى أن الذي لا يزعجه مزاحك اليوم قد يزعجه ذلك غدا للأسف الشديد , هذا في وقت وظرف نحن أحوج ما نكون فيه إلى المحافظة على الأخوة والمحبة والمودة والرحمة فيما بيننا . كما يجب ألا ننسى دوما أن الضحك بلا سبب أو لسبب تافه هو من قلة الأدب , وأن كثرة الضحك تميت أو تقسي القلوبَ والعياذ بالله تعالى .
7- لا تنسوا إخواني أن كل تعصب يمكن جدا أن يولد تعصبا مضادا , ومنه فإذا ضحكت علي ( في مسائل خلافية كاللهجات وعادات الأكل والشرب ) يمكن أن أضحك عليك أنا كذلك , وإذا سخرت مني أنتَ يمكن أن أسخر منك أنا كذلك .
8-إذا كنتَ أنتَ اليوم في أغلبية مع أهل منطقتك فيمكنك أن تجد نفسك غدا معي أنا في مكان آخر وفي ظرف آخر حيث أكون أنا مع أغلبية من أهل بلدي وأنت لوحدك فقط .
9- وحتى لا يؤذيك أحدٌ لا تؤذ أنت أحدا , ولا تنس أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأنه كما تدين تدان .
10-وأخيرا يجب أن نعلم علم اليقين أنه من الصعب بقاء الحب والأذى مجتمعين لمدة طويلة , ومنه إن أردتَ أن أحبك فلا تظلمني أخي الحبيب لمدة طويلة , وإلا فلا تلومن إلا نفسك إن تحول حبي لك إلى كره أو بغض .
نسأل الله أن يرزقنا الصواب والإخلاص في القول والعمل . والله أعلم بالصواب .
223- قال " لماذا لا تزور زوجتُكَ زوجتي ؟ " ! : أنا أسكن مع زوجتي وأولادي منذ 1986 م , أسكن في حي سكني بجانب ثانوية عبد الحفيظ بوالصوف التي أدرس بها العلوم الفيزيائية منذ سبتمبر 1984 م . أسكن في هذا الحي السكني الخاص بأساتذة ثانويات مدينة ميلة . وهذا الحي يسمى حي بيدي عبد المجيد , كما يسمى كذلك حي 32 سكنا , لأنه يسكن به 32 أستاذا . وفي يوم من الأيام وحوالي 1990 م قال لي زميل من زملائي في التعليم وجار من جيراني " أنا ألاحظ منذ مدة أن زوجتك تزور كثيرا حوالي 4 أو 5 جارات , ومنه فأنا أتساءل بين الحين والآخر : لماذا لا تزور زوجتك زوجتي مثلا ؟ " , " هل هناك شيء لا يعجب فيما بين زوجتك وزوجتي ؟"!.
وأذكر أنني أجبته بما يلي :
1- ليس بين زوجتي وزوجتك إلا الخير .
2- هل يعقل أن تزور زوجتي 31 جارة !؟ . هل هذا معقول , وهل هذا ممكن عمليا , وهل هذا مستساغ عادة وعرفا ؟!. وهل يُـعقل كذلك أن تزور زوجتُـك 31 جارة ؟!.
3-هل يُـعقل أن أزور أنا أو تزور أنت 31 جارا ؟! . هل يعقل من تلميذ يدرس في مؤسسة تعليمية أن يتصل أو يخالط أو يصاحب كل تلاميذ المؤسسة التعليمية ؟!. هل يعقل من عامل بإدارة أو شركة أو مصنع أو ...أن يتصل أو يخالط أو يصاحب كل العمال أو الإداريين الذين يحيطون به ؟!. هل يعقل أن أتصل أنا أو أخالط أو أصاحب كل أساتذة الثانوية التي أدرسُ بها ؟!. هل هذا معقول , وهل هذا ممكن عمليا , وهل هذا مستساغ عادة وعرفا ؟!.
4- يا أخي !. إعلم أن الحب يأتي في الكثير من الأحيان بدون إرادة منا , ومنه فإنني إذا أحببتُ جارا مثلا أكثر مما أحببتُ جارا آخر , فإن ذلك لا يتم دوما بإرادتي , بل إن الحب يدخل إلى قلبي في الكثير من الأحيان بدون إرادة مني , ولا ننسى أن "‏ قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد , يصرفه حيث يشاء ‏"‏ كما ورد في حديث رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام . ولكن المطلوب مني في المقابل أن لا أسمح لقلبي أن يحب فاسقا أو فاجرا أو ضالا أو منحرفا أو كافرا أو مشركا أو منافقا أو عدوا للإسلام والمسلمين .
5- يا أخي ! . إعلم أنني إن أحببتُ غيرك أو اتصلتُ بغيرك أو خالطتُ غيرك , فليس معنى ذلك أبدا أنني أكرهك أو أبغضك أو أعتبرك عدوا أو خصما , بل أنا إن شاء الله أُحبك كما يحبُّ كلُّ مؤمن أخاه المؤمنَ , ولكنني ربما - بإرادة مني حينا وبدون إرادة مني أحيانا - أحببتُ غيرك أكثر مما أحببتُكَ أنتَ .
ومنه فالأمر بسيط وسهل ومفهوم , والنية من ورائه طيبة وحسنة ومباركة بإذن الله تعالى .
والله وحده أعلم بالصواب .
224- خفتُ من السحر فشربت كأسا كبيرا من زيت الزيتون :
حوالي 1987 م جاءتني امرأة من أجل أن أرقيها , وبعد مدة نشأت علاقة طيبة وودية بينها وبين زوجتي , ومنه أصبحت تزورنا بين الحين والآخر . وكان يبدو على المرأة الطِّـيـبةُ والذكاء والأدب والخلقُ و ... " الله يبارك عليها " ورحمها الله تعالى ( لأنها ماتت من سنوات قليلة ) .
وفي يوم من الأيام عبرت لي هذه المرأة عن طريق رسالة خطية أعطتني إياها بأنها تحبني وطلبت مني النصيحة لأنها تعرف شرفي وعفتي , وتعرف كذلك بأنني متزوج وبأنني أحب زوجتي وبأنني لست مستعدا أبدا للتزوج على زوجتي , حتى ولو كان تعدد الزوجات حلالا بشروط خاصة معلومة .
قرأتُ الرسالة على زوجتي لأطمئنها بأنني لا أخفي عليها شيئا خاصة ما له صلة بعلاقتي بالنساء بشكل عام , ثم كتبتُ ردا مكتوبا أعطته زوجتي لهذه المرأة بعد أيام , قدمتُ من خلاله مجموعة من النصائح لهذه الأخت من أجل أن تنساني أو من أجل أن تتخلص من حبها لي , أو من أجل تحويل هذا الحب من حب رجل لامرأة إلى حب مؤمن مسلم لأخيه المؤمن المسلم . والحمد لله أنني لاحظت بعد مدة من خلال سلوكها مع زوجتي من قريب , ومن خلال سلوكها معي من بعيد , بأنها استفادت كثيرا من نصائحي لها .
وأذكر بالمناسبة أن هذه الأخت أهدت إلى ( في تلك الفترة ) معطفا جميلا نسجته هي من الصوف , أهدته لي عن طريق زوجتي , فشكرتها زوجتي وقبلت منها هديتها , وأما أنا فأذكر أنني خفت من أن تكون قد صنعت لي سحرا من خلال هذه الهدية لتقربني منها ولتبعدني عن زوجتي . ولأنني كنتُ مبتدئا في ممارسة الرقية , فإنني عوض أن أرقي نفسي وأكتفي بذلك ( من أجل التخلص مما يمكن أن يكون هناك من سحر صنع لي ) فإنني لجأتُ – مع الرقية - إلى شرب كأس كبير من زيت الزيتون ظنا مني أن شرب زيت الزيتون مفيد من أجل التخلص من السحر كما هو شائع في بعض المجتمعات , وهو أمر بطبيعة الحال ليس صحيحا شرعا لأن السحر لا بد له من رقية وأما زيت الزيتون فهو واقي من الأمراض ومقوي بدنيا وهو كذلك علاج لكثير من الأمراض العضوية . وبعد أيام تبين لي بأنني أسأتُ الظن بهذه المرأة المؤمنة رحمها الله رحمة واسعة . وعندما أذكر هذه الحادثة أضحك على نفسي , لأنني أردتُ أن أعالج السحر ( الذي توقعته ) عن طريق شرب زيت الزيتون !.
وفي النهاية أعلق بتعليقات بسيطة على هذه القصة الطريفة :
1- الإسلام يوصينا بالميت خيرا . مطلوب منا أن نذكر الحي بالخير ولا نظلمه , ولكن مطلوب منا أكثر أن نذكر الميت بالخير وأن نذكر محاسنه , ونغض الطرف – ما استطعنا – عن سيئاته .
2- الحب أو العشق كما قلتُ وما زلتُ أقول , لا يلام عليه المؤمن إلا إذا كانت مقدماته حراما أو كانت نتائجه حراما , وأما إن أُصيب به الشخصُ بدون سبب منه , ثم لم يفعل حراما مع من أحب أو عشِـق , فلا يلام المؤمن شرعا أبدا على هذا الحب ولا يُعاتبُ ولا يُوبخُ ولا يأثمُ بإذن الله تعالى .
3- من علامات قوة الإيمان بالله أن تقول المرأة " أنا أحب فلانا " , "ولكن انصحوني رجاء وبالله عليكم من أجل أن أتخلص من هذا الحب الذي نهايته مسدودة ومغلقة " .
4- من تمام أدب المرأة الجم وحسن خلقها أن تضغط على نفسها هي , حتى لا تظلمَ امرأة أخرى ولا تفرق بينها وبين زوجها . وعلى الضد من ذلك كم هي عظيمة جدا جريمة المرأة التي من أجل نفسها ومن أجل دنيا زائلة ورخيصة , نجدها تعمل الممكن والمستحيل من أجل التفريق بين امرأة أخرى والزوج الذي أحبته هي أو عشقتهُ .
5- من أسباب سعادة الرجل مع زوجته وكذا سعادة المرأة مع زوجها أن يحس كل واحد منهما أنه وحده للآخر وأن الآخر له وحده . ولا يعرف أهميةَ هذه النعمة مثلُ الشخصِ الذي حُرِمَ منها .
6- كم هو جميل جدا ورائع جدا أن تنصحَ الغيـرَ بما لا يوافق هواك أو بما يعاكس ويخالف هواك !.
كم هو جميل ورائع عند ما تفعل ذلك لوجه الله تعالى . ومنه فلقد كنتُ أحسُّ بسعادة غامرة وأنا أنصح امرأة من أجل أن تتخلص من حبها لي , مع أن كل واحد منا مفطورٌ على الفرح بمحبة الناس كل الناس له , وكذا على الفرح بإعجاب ومحبة النساء كل النساء له .
7- مُـهِـمٌّ جدا لو يتعلمُ كل واحد منا ديـنَـه حتى يعرف بأن السحرَ لا بد له من رقية شرعية
( وليس زيت زيتون ) , وأما الغذاء المادي خاصة والطب الشعبي عامة وكذا الدواء الاصطناعي والكيميائي فهي علاجات للأمراض العضوية أو حتى لبعض الأمراض النفسية والعصبية .
8- صراحةُ الرجل مع زوجته بحيث يخبرها عن أهم ما بينه وبين أجنبيات عنه من النساء , هذه الصراحة وسيلةٌ أساسية من وسائل المحافظة على نظافة النفس وطهارتها وعفتها , كما أنها وسيلة مهمة للغاية من أجل كسب ثقة الزوجة بزوجها حتى تصبح مع الوقت ثقة تكاد تكون مطلقة .
225- ليست الحكمةُ : أن تسلك بالدعوة أقرب السبل إلى ضمان أمنِك ودنياك كما أنها ليست حِصنا يحمي به الداعيةُ نفسَه مما قد يلحقُـه من البأساء والضراء , وإنما الحكمة في الدعوة أن تسلكَ بها أقربَ السبل إلى أفئدة الناس وعقولهم ,كما أنها سياسةٌ يحافِظ بها على كلمة الحق كي تصل إلى مداها من عقول الناس ونفوسهم واضحةً وسليمة ومشروعة. ومن قال عكس هذا فكأنه يزعمُ أن على المرء أن يبتغي بآخرته الدنيا وأن يؤثر سلامةَ دنياه على سلامةِ دينه وأن يبحثَ عن مرضاة ربه فقط في الدعة واليسر والراحة والبحبوحة والنعيم.
وبالمناسبة هناك أشخاص كانوا بالأمس ( في الثمانينات ) بسطاء وبسطاء جدا في مجال علمهم بالدين وفي مجال عملهم الدعوي وكذا في مستواهم المادي ,ثم بطريقة "سِحرية" أصبح الواحدُ منهم بين عشية وضحاها "برلمانيا" يتقاضى عشرين مليونا من السنتيمات أو أكثر أو أقل مع مكاسب أخرى وامتيازات أخرى (وحالُ أغلب الشعب الاقتصادي والمعيشي معلومٌ من الدنيا والحياة بالضرورة ) . وإذا كان الواحد منهم يمكن أن يجد لنفسه حجةً يحتج بها ويُثبتُ من خلالها أنه مازال- حتى ولو كان هو في السماء ماديا وأغلبُ الشعب تحت الأرض - داعيةً إلى الله وزعيما إسلاميا سياسيا أو داعية إسلاميا كبيرا , فإنني أنصحُه أن يذهبَ إلى الغابة (حيث "ماوْكْلي" ومن معه ) لعله يجدُ حيوانا يُقنعُه بذلك , أو يذهبُ إلى مجنون لعله يثبتُ له صحةَ ما يقولُ . ماذا نقول عن الإسلامي الذي كان بسيطا ومتواضعا- ماديا - للغاية قبل توليه مسؤولية ما عند الدولة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين ,ثم وبقدرة قادر أصبح أو أمسى في وقت قياسي من الأغنياء الكبار في قريته أو مدينته أو ريفه ؟ ماذا نقول له أو ماذا نقول عنه ؟!. أنا لا أدري كيفَ يُقنع هذا البرلماني أو هذا المسؤول ( الإسلامي) واحدا من الناس بأنه يمثله بالفعل , وهو في قصرٍ وهذا " الشعبي " البسيطُ فيما يشبه القبر ؟!. ثم أنا لا أدري كذلك كيف يتصورُ صاحبُـنا هذا أنه – بعد أن ملأ له النظامُ جيبَهُ مالا - يمكن أن يقول للنظام : "لا " اليوم أو غدا أو بعد غد,إذا أساء هذا النظام في شيء ما ؟!.
ثم أقول : أنا من سنة 1994 م تقريبا , أرى من بعيد , وبين الحين والآخر , أرى أو أصادف برلمانيين إسلاميين كان الواحد منهم يحضرُ لي في نهاية السبعينات , يحضرُ دروسي ومحاضراتي وندواتي الإسلامية في الجامعة وغيرها , وكان يسألني عن مسائل الوضوء والصلاة وغيرهما , ... عندما أصادفه آتيا من بعيد إلى الجهة التي أكون فيها أنا , ألاحظ بأنه يُغـيِّـر طريقة حتى لا يلتقي بي . وأنا بطبيعة الحال على يقين من أنه لا يبتعد عن طريقي تكبرا علي لأنه يعرف أنني بصفة عامة زاهد في المال الكثير وكذا في المسؤوليات السياسية الرفيعة بالدولة , ولكنه كان يبتعد عن طريقي لأنه يستحي مني , ولا يعرف ما سيقوله لي ؟!. إنه متأكد من أنه لا يستطيع أن يقول لي ما يمكن أن يقوله لعامة الناس من أنه برلماني إسلامي مازال ثابتا على دينه ودعوته ومبادئه وأهدافه و... التي كانت عنده أيام زمان قبل أن يبدأ في النشاط من خلال الحزب السياسي وفي العمل من خلال البرلمان . إنه لا يستطيع أبدا أن يقـنعني أنه ومع الأموال الطائلة التي أصبح يمتلكها وطرق كسبها , ومع الجري الزائد والمبالغ فيه وراء الدنيا ومتاعها الزائل , ومع التساهل الشديد في صلاته وصيامه وعباداته , ومع سكوته عن كثير من المنكرات والتعديات على حدود الله التي يراها أمامه في كل مكان , ومع تخليه عن المطالبة بتطبيق شرع الله تعالى والحكم بما أنزل الله , ومع ... ما زال - مع كل ذلك ومع غير ذلك - إسلاميا وداعيا إلى الله تبارك وتعالى . إن حياءه هذا مني هو الذي يجعله يبتعد عن طريقي , والله بطبيعة الحال أحق أن يستحيا منه , ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
226- لا يحب سماع الأناشيد الدينية شخصان : ( شخصان مهمان , على سبيل المثال لا الحصر ) .
الأول : متشدد في الدين وجاهل ومتعصب ومتزمت , لا لأنه لا يريد أن يسمع ولكن لأنه يريد أن يفرض على غيره كذلك أن لا يسمعوا . إذن العيب ليس في أن لا تسمع , فهذا أمر أنت حرٌّ فيه , ويجوز لك حتى أن تمنع نفسك مما هو جائز ومباح بلا خلاف , ولكن العيب في أن تفرض على الغير ما لم يفرضه عليهم الله ورسوله , لأن سماع الأناشيد الدينية ( خاصة بدون موسيقى وبدون دف ) حلال وجائز ومباح بلا خلاف .
في يوم 26/4/2008 م , وعندما كنتُ راجعا إلى مدينة ميلة من سفر , رجعتُ أولا في حافلة تُقل حوالي 40 شخصا , شغَّـلتُ خلالها أناشيد دينية من خلال هاتفي النقال , وكان المسافرون كلهم ساكتين ( باختيارهم ) ويستمعون بشغف إلى الأناشيد الإسلامية التي اخترتها لنفسي ولهم . وبعد ذلك قطعتُ المسافة المتبقية من سفري من خلال سيارة تُـقل 6 أشخاص مع السائق . وبمجرد أن بدأنا الحركة شغلتُ أنشودة دينية لأبي خاطر ( بلا دف ولا موسيقى ) ورفعتُ الصوت قليلا حتى لا يُقلقَ ذلك الصوتُ أحدا من الركاب , ولكنني فوجئتُ بأحد الركاب ( يبدو من هيئته أنه من المتشددين في الدين والجاهلين ) يقول لي بصوت مرتفع وبفظاظة وغلظة " أطفئ هاتفك النقال يا هذا ولا تقلقنا بهذا الغناء المائع "!. أنا فهمتُ أن هذا الشخص يعتبر سماع الأناشيد الدينية حراما مهما كانت بدون موسيقى ولا دف ( لأنني أعرف مئات الأشخاص مثله في الجزائر ) , ولكن بقية الركاب نظروا إليه باستغراب وسكتوا . فكرتُ بسرعة " هل أستجيب لطلبه أم لا ؟!" , ثم عزمتُ أن أوقف تشغيل الأناشيد وأُعرض عن الجاهل ولا أدخل معه في جدال ومراء , وأنا أسأل الله له بيني وبين نفسي العلم والأدب والخلق والهداية .
الثاني : شخصٌ مستهتر تعوَّد على سماع الغناء الساقط المصاحب لكلمات مائعة ولموسيقى صاخبة , ومنه فهو لا يريد أن يسمع الطيب والنظيف من الأناشيد الدينية , بل يريد أن يُـبعد عنه كل من يريد سماع الأناشيد الإسلامية الطيبة المباركة , من باب " أخرجوا آل لوط من قريتكم , إنهم أناس يتطهرون " .
بعد أسبوع بالضبط من الحادثة السابقة , أي يوم 3/5/2008 م , انتقلتُ – مسافرا - مثل المرة الأولى تماما , أي في الحافلة ونحن نسمع الأناشيد الدينية , ثم في سيارة تُقل 6 أشخاص مع السائق . ولكن في هذه المرة – وبعد أن شغَّلتُ أنشودة دينية لأبي الجود ( بلا موسيقى ولا دف ) - طلع علي شخص آخر ( يبدو من تسريحة شعر رأسه ومن لباسه ومن السلسلة الذهبية في عنقه ومن شرب الدخان ومن ... أنه مستهتر بالدين غير مهتم به وبتعاليمه ) قال لي بصوت مرتفع وهو يغلق أذنيه بأصبعيه " رجاء يا هذا أطفئ هاتفك النقال , je n'aime pas ce genre de chansons , أي لا أحب سماع هذا النوع من الغناء " , فنظرَ إليه بقية الركاب باستغراب وفهمتُ وفهموا قصدَه . عزمتُ في هذه المرة على أن أقاوم ولا أستسلم فزدتُ من حجم الصوتِ قليلا وأظهر الركاب ُ لي وله بأنهم يريدون سماعَ الأناشيد , فلاحظتُ عليه أنه نزع بسرعة معطفه ووضعه على رأسه وسد بجزء منه أذنيه , وبقي على ذلك حتى وصلنا إلى مدينة ميلة ( والركاب ينظرون إليه ويبتسمون متعجبين ومنكرين ) . أسأل الله لي وله ولكل مسلم ومؤمن العلم الواسع والخلق الحسن والسعادة في الدارين , آمين .
ملاحظات أو تعليقات بسيطة :
1- الشاب الأول الذي قلتُ عنه بأنه متعصب , أهله وأصدقاؤه كذلك يقولون عنه بأنه متعصب , ولست أنا فقط الذي حكمتُ عليه بذلك .2- فرق كبير بين من يطلب مني أن أنقص الصوت ومن يطلب مني إغلاق النقال تماما . 3- وفرق كبير بين من يطلب مني أن أطفئ الهاتف النقال حتى لا يؤلمَه رأسه , أو حتى لا أشوش عليه في حديث مع آخر أو في مطالعة نافعة أو في تأمل للطبيعة أو في نوم أو في قراءة قرآن أو ... وبين من يطلب مني ذلك لأنه فقط يرى بأن سماع الأناشيد الدينية حرام . الموقف الأول مستساغ , وأما الثاني فمرفوض تماما . 4- الشاب الثاني الذي طلب مني إغلاق النقال تماما لم يطلب مني ذلك لأنه يريد أن يطالع مطالعة مفيدة أو ينام أو يسمع قرآنا أو يتأمل طبيعة أو يتحدث مع شخص آخر أو ... وإنما طلب مني ذلك انطلاقا من كراهيته لكل ما هو دين بدليل أن أصحابه وأصدقاءه يعرفون منه ذلك وبدليل الدخان الذي يتناوله والسلسلة الذهبية في عنقه وشعره الطويل الذي يشبه شعر النساء و ... وبدليل الغناء الساقط الذي كان يسمعه هو من جواله الخاص , وذلك باستعمال سماعة الأذنين ( نبهني إلى ذلك ابني الذي كان يجلس بجانبه في السيارة ).
5-أنا عندما كنتُ أسمع الأناشيد مع الشخص الثاني كنتُ أفعل ذلك بموافقة ومباركة وتأييد كل الركاب . إذن أنا وسائر الركاب أغلبية وهذا الشخص الذي رفض السماع يشكل الأقلية التي يجب أو يستحسن أن تخضع للأغلبية , خاصة وأنه يرفض سماع أناشيد دينية ليسمع غناء ساقطا كان ابني معي يسمعه منه حتى وهو يستعمل سماعة الأذنين الخاصة بجواله .
قال لي أخ كريم : " وماذا لو كنت أنتَ أقلية وسط أغلبية تسمع ما تراه أنت غناء فاحشا , هل يستحسن أن تخضع للأغلبية !؟! .الأمر هنا لا علاقة له بالأغلبية والأقلية , وإنما الأمر له علاقة بالإحترام المتبادل"!!!. فأجبتهُ قائلا :1- الأقلية تخضع للأغلبية في المسائل الخلافية في الدين مثل أن نسمع أناشيد دينية أو لا نسمع . وأما لو كانت الأغلبية تفعل الحرام وتسمع الغناء الفاحش الذي لا خلاف في أنه حرام , فيجب أن تخضع للأقلية التي لا تريد السماع إلا إلى الحلال . هذه هي الشورى في الإسلام , وهذا مما هو مقبول من الديموقراطية الغربية . وأما إذا قلنا " ما دامت الأغلبية تريد السماع إلى الغناء الساقط فلنسمح لها احتراما للأغلبية " , فهذا مما هو مرفوض من الديموقراطية الغربية .2- المسألة هي مسألة دين وإسلام وحق وعدل و " يجوز أو لا يجوز" قبل أن تكون مسألة احترام متبادل كما قلتَ أنتَ أخي الكريم . الذي يريد سماع الفاحش من الغناء لا يجوز أبدا أن يُحترم . هو لم يحترم الله ولا رسول الله ولا ... فكيف أحترمه أنا ؟. 3- وأما ما قلتَه لي أنتَ بقولك " ما تراه أنتَ فاحشا " , فأنا أقول لك بأن الغناء الذي قلتُ عنه بأنه فاحش وبذيء لا خلاف في أنه كذلك , وهذا ليس رأيي وإنما هو إجماع العلماء في كل زمان ومكان . لا خلاف في أن " الراي " مثلا أو الموسيقى الصاخبة لا يجوز السماع إليها , ولا خلاف في أن غناء مثل غناء الشاب أو الساقط خالد (الجزائري) أو ... هو حرام ثم حرام ثم حرام . إذن هذا شرع وليس فقط رأيي أنا .والله أعلم بالصواب .
227- ابدأ مع زوجتك رجلا عاديا ثم أحسن إليها بعد ذلك , ولا تفعل العكس ! :
أنا أنصح من زمان كل مقبل على الزواج "مطلوب منك أيها الرجل أن تُرِيَ لزوجتكَ من أول يوم في الحياة الزوجية أسوأ ما عندكَ ( بعيدا عن الحرام ومخالفة الدين بطبيعة الحال ) كما يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله , حتى إذا قبِلتْ مضطرة بك وصبرت محتسبة عليكَ , تـعود أنتَ فتُريَـها أحسنَ ما عندكَ من خلق وأدب ومعاشرة طيبة , فتفرحُ الزوجة بذلك فرحا شديدا وتحس وكأنها تزوجت بك من جديد , فتُقبل على زيادة الإحسان إليكَ وزيادة خدمتكَ , وستصيران بذلك كلما زادت الحياة الزوجية يوما كلما زادت سعادتكما قدرا ملموسا بإذن الله تعالى" . ثم أوضح حتى لا يلتبس على القارئ الأمر :
أولا : أقصد بكلامي أن تظهَـرَ - أيها الرجل - أمام زوجتك من أول يوم شخصا عاديا , حتى إذا قبلتْ بك على ذلك أظهرتَ أنتَ لها بعد ذلك ما عندك من خير ورحمة وبركة وإحسان وفضل و ... ( بعد زواجك بشهور أو بعام أو أكثر ) فتحس المرأة وكأنها تزوجت من جديد فتفرح بذلك فرحا شديدا وتُـقبل عليك وعلى خدمتك والإحسان إليك أكثر وأكثر . وأما الذي يفعله أغلبية الرجال المتزوجون في ال 15 أو ال 20 سنة الأخيرة , فهو العكس من ذلك , أي أن الرجل من أول يوم يقول لزوجته " أموت فيك , وأجن فيك , وشبيك لبيك عبدك بين يديك , وطلباتك أوامر , وتعبك راحة و ... " ويمكن أن يعصي الزوجُ اللهَ أو يكلف نفسه ما لا يطيق من أجل إرضاء زوجته , وفي ذلك ما فيه من الفساد للرجل وللمرأة على حد سواء , لأن من نتائجه : ا- أن الرجل لا يستطع أن يستمر على ذلك لمدة طويلة , أي أنه لا يستطيع أن يستمر لمدة طويلة على إحسانه الزائد لزوجته . ب- حين يضطر للإنقاص من الإحسان إلى زوجته تستاء المرأة , لأنها لا تعتبره أنقص من الإحسان إليها فقط ولكنها تعتبره ظلمها واعتدى عليها وأساء إليها وحرمها من حقوقها و ... ويمكن أن تعمل المرأة بعد ذلك - شعرت أم لم تشعر - على الإساءة إليه من باب الانتقام منه , وكذلك لا تشكره بل تنقم عليه . جـ - إذا بدأ الرجل حياته بالإحسان الزائد ( وأؤكد على كلمة " الزائد " ) إلى الزوجة فإنها يمكن جدا أن تعتبر طيبته معها ضعفا فتركب على ظهره , وإذا ركبت على ظهره يصبح بعد ذلك من الصعب جدا أن يُـنزلها من على ظهره , ويصبح هذا الرجل عندئذ يعيش مع زوجته ذكرا لا رجلا , ولا يمكن أبدا أن يكون رجلٌ من هذا النوع قواما على زوجته كما لا يمكن لزوجته أن تحترمه , بل هي - في أعماق نفسها - تحتقره بكل تأكيد . ولا ننسى أن المرأة مفطورة من خالقها على احترام وتقدير وحب الرجل المحسن والقوي , وأما الظالم فإنها تخافه ولا بركة في زواج تخاف فيه المرأةُ من زوجها , وكذا فإن الزوج الضعيف تحتقره زوجته ولا خير في زواج تحتقر معه المرأةُ زوجَها . ثانيا : كلامي لا ينطبق على كل النساء , ولكنني أظن أنه ينطبق على نسبة معتبرة وكبيرة وأغلبية من النساء . ومع ذلك فأنا أحترم كل الاحـترام رأي من يخالفني الرأي . نتفق ونحن إخوة ونختلف ونحن إخوة كذلك , والاختلاف في غير أصول الدين لا يجوز أبدا أن يفسد للود قضية . ثالثا : أنا في هذا الذي أقوله هنا أنطلق من واقع عرفته من خلال مشاكل واستشارات واستفتاءات أكثر من 1000 امرأة ورجلا قابلتهم وسمعتُ منهم وكلمتهم خلال أكثر من 30 سنة , وكذلك أنا أنطلق من مطالعاتي لمئات الكتب والمجلات والجرائد و ... خلال أكثر من 35 سنة التي تتحدث عن المرأة نفسيا وكذا عن العلاقات بين الرجل والمرأة .رابعا : يمكن للرجل أن يختلف معي في رأيي هذا كما يمكن للمرأة أن تختلف معي في وجهة نظري هذه , ولكن لا يليق أبدا أن يتهمني أحد بإحدى التهمتين الآتيتين , لأنني بريء منهما معا : ا- أنني مغلوب من طرف زوجتي , وأقرب الناس إلي يشهدون بأنني مع زوجتي سيد ورجل في نفس الوقت , والحمد لله رب العالمين . ب - أنني أظلم زوجتي , وزوجتي في حد ذاتها أول من يُـبطل هذه التهمة ويُكذبها لأنها تقول باستمرار لأمها ( لأنها تستحي أن تقول ذلك لأخواتها الإناث , ومن باب أولى لإخوتها الذكور ) " يا أمي , زوجي عبد الحميد : إذا أحسنتُ إليه مرة أحسن إلي هو 10 مرات " .
228- " إذا صليتُ الصبح في وقته أصبحتُ مرتاحة ونشطة " : قبل أن أرقي امرأة معينة منذ أيام
( ماي 2008 م ) طرحتُ عليها مجموعة من الأسئلة لتعينني الأجوبةُ عليها على تشخيص مرضها . وكان من ضمن الأسئلة التي طرحتُها عليها " كيف تصبحين عندما تستيقظين في الصباح : هل تكونين حيوية نشطة أم تصبحين معذبة ومكسرة وكسلانة ؟ " , فأجابت بدون تردد " عندما أصلي الصبح في وقته أصبح حيوية نشطة , وأما عندما لا أصليه إلا بعد خروج وقته أي بعد طلوع الشمس فإنني أصبح كسلانة معذبة ومُكَـسَّـرَة " . وكأن طريقة إجابتها عن السؤال أوحت لي بأنها – لجهلها - ترى أن هذا العرض هو إلى جانب أعراض أخرى من العلامات الدالة على أنها مصابة بسحر أو عين أو جن !.
قلتُ لها عندئذ :
[1- إن هذا الذي ذكرتِه الآن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالسحر أو العين أو الجن .
2- هذا الذي ذكرتِه الآن هو بإذن الله علامة طيبة على إيمانك القوي وعلى حسن إسلامك , لأنك من جهة حريصة على أداء صلاة الصبح وكذا سائر الصلوات الأخرى في وقتها , ومن جهة أخرى أنتِ تُـحِسين في الحين وفي الدنيا بثمرة الطاعة الطيبة أو بالثمرة الخبيثة للتكاسل عن الطاعة .
3- إذن هذا الذي ذكرتِه أختي الفاضلة مهم جدا , ويدل من ضمن ما يدل عليه على أن طاعة الله تعالى ليس فيها خير الآخرة فقط بل فيها بإذن الله تعالى كذلك خير الدنيا والآخرة .
4- أختي الفاضلة , يا ليتَ كل مسلم يُلزمُ نفسه باستمرار وبشكل دائم ومادام حيا بجملة واجبات دينية من أهمها أن يحرص على اتخاذ الاحتياطات اللازمة والأسباب المناسبة من أجل أن يؤدي صلاة الصبح في وقتها ( الرجل في المسجد ما استطاع إلى ذلك سبيلا , والمرأة في بيتها ) .
5- إن أداء صلاة الصبح جماعة علامة من علامات قوة الإيمان وشدة التعلق بالله , وعلامة من علامات عظمة المؤمن والمسلم , وعلامة من العلامات على أن أمة محمد عليه الصلاة والسلام ما زال فيها الخير والبركة .
6- الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى يوم القيامة , والكلمة الأخيرة والنصر النهائي سيكون حتما للحق , ولن يتم ذلك إلا على أيد متوضئة تحرص من ضمن ما تحرص عليه على أداء صلاة الصبح في وقتها ]. والله أعلى وأعلم , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير.
229 - قال " أنت ربي معك يا أستاذ ! " : في يوم من أيام شهر ماي 2008 م كنت أحرس تلاميذ السنة الأولى في امتحانات نهاية السنة الدراسية . وكعادتي في الحراسة أنا أتشدد ما استطعتُ مع التلاميذ من أجل منعهم من الغش , ومنه فالكثير من التلاميذ يريدون أن يدرسوا عندي ولكنهم لا يريدون أن أحرسهم في الامتحانات . أردتُ أن أجلس في لحظة من اللحظات على كرسي ( جرت العادة عندي أن أقضي جل الحصة وأنا أمشي متنقلا داخل قاعة الامتحان بدون أن أشوش على التلاميذ ) , وكان الكرسي مكسورا .
فقلتُ لتلميذة من التلميذات مازحا :
" أخاف عليكم أن تدعوا علي بالشر فينكسر الكرسي من تحتي وستضحكون علي طويلا " . قالت التلميذة وكثير من زملائها " أبدا يا أستاذ !. مهما أقلقنـا تشددك معنا في الحراسة فإننا لا ولن نتمنى لك بإذن الله إلا الخير ".
وقال تلميذ آخر " يا أستاذ أنت ربي معك , فلا تخف ".
وأنا أريد الآن أن أعلق على كلمة هذا التلميذ بجملة تعليقات :
1-الله وحده أعلم من الأفضل منا عند الله . ولا أحد يجزم بأنه أحب إلى الله من غيره , ولا يجوز لأي منا أن يتألى على الله تعالى فيدعي أو يزعم أنه أفضل من غيره .
2- فرق بين أن نقول " ربي معك " على سبيل الدعاء , وبين أن نقولها على سبيل الإخبار . وهذا مثل
" رضي الله عن فلان " مقبولة على سبيل الدعاء وغير مقبولة على سبيل الإخبار والإعلان , إلا بالنسبة لمن أعلمنا الله بأنه رضي عنهم كالصحابة مثلا " رضي الله عنهم ورضوا عنه " .
3- نحن نتمنى لنا ولكل مؤمن أن يكون الله معنا أينما كنا : يحفظنا ويؤيدنا وينصرنا ويثبتنا ويلهمنا ويسددنا ويوفقنا لكل خير .
4- الدنيا يعطيها الله للمؤمن والكافر وأما الآخرة والسعادة الدنيوية فإن الله لا يعطيهما إلى لمؤمن , ومنه فالواحد منا يجب ألا يفرح كثيرا بسبب الدنيا التي يصيبها بل عليه أن يفرح أكثر بمدى طاعته لله واجتناب معصيته ومدى قربه من الله و ...
5- وأخيرا , وهذا الذي أردتُ أن أؤكد عليه الآن مع هذه الوقفة : كلمة التلميذ " أنت يا أستاذ ربي معك" تدل من ضمن ما تدل عليه على أن التلميذ يعلم بيقين ( وهذا حال أغلبية التلاميذ والحمد لله ) بأنه وهو يغش هو يرتكبُ الحرام وهو يفعل ما لا يليق , وأنني أنـا وأنا أمنعه من الغش أنا على الحق وأنا أطيع الله بهذا وأنا لا أريد له في النهاية إلا الخير .
230- أنا أقول دوما للفتاة التي تستعمل المحادثة عن طريق الأنترنت : أكثر من واحدة من البنات اللواتي يستعملن المحادثة عن طريق الأنترنت يتصل بها الرجل في البداية متسميا باسم امرأة , حتى إذا أوقعها في مخالبه تحول معها إلى ذئب مفترس لا شفقة عنده ولا رحمة . وأما إذا انتبهت الفتاة قبل أن يوقعها الرجل في الشباك وسألته " لماذا الكذب بإظهارك لنفسك على أنك امرأة , وأنت في الحقيقة رجل ؟! " , يقول لها " ليس عندي إلا هذه الوسيلة لتحقيق مآربي من النساء والبنات , لأنني إذا أظهرتُ نفسي رجلا لا تكلمني ولا تتابعني ولا توافقني فيما أريد إلا النادرات من النساء ". وإذا امتنعت الفتاةُ عن مطاوعة الرجل في تحقيق رغباته الحيوانية اتهمها بأنها معقدة أو متعصبة . وإذا لم تكن الفتاة مؤمنة وقوية الشخصية فإنها يمكن جدا أن تسلم له فيما يريده منها حتى تنفي عن نفسها التعصب والتعقيد !!!.
وأنا أقول دوما للفتاة التي تستعمل المحادثة عن طريق الأنترنت :
1- عندما ترفض الفتاة التكلم مع رجل عن طريق الأنترنت , هي على صواب , وهي على حق بإذن الله تعالى .
2- أما اتهامها من طرف رجال بأنها معقدة ومتعصبة و... فهو أمر قديم يلصقه أي رجل لا يخاف الله في وجه المرأة التي لا تطاوعه على ما يريد منها .
3- وأما اتهامها بأنها معقدة من طرف نساء فهو أمر قديم كذلك تـلـصقه أية امرأة لا تـخاف الله في وجه من لا تطاوعها على ما تريده لها من ميوعة وانحلال وفسق وفجور .
4- لا يجوز أن تقلقك - أختي وابنتي - كلمات " معقدة ومتشددة ومتعصبة " و... التي توجه لك من طرف رجال أو نساء , إذا كان المقصود بالتعصب والتشدد والتزمت والتعقيد : المحافظة على العرض والشرف والحياء والأدب والخلق والدين .
5- حافظي ثم حافظي ثم حافظي على الشرف فإنه رأسمالك أختي وابنتي الفاضلة , وقولي لمن يتهمك بأنك معقدة " إذا كان الشرف تعقيدا وتعصبا , فاللهم احيني معقدة وأمتني متعصبة وابعثني يوم القيامة معقدة ومتعصبة , اللهم آمين ".
6-لا تنسي أن الرجال الذين لا يخافون الله لا يكذبون في شيئ مثلما يكذبون على المرأة حين يريدون إيقاعها في شباكهم .
7-اعلمي أن الرجال في تعاملهم مع المرأة أنانيون إلى حد كبير ( يريدون لنسائهم الشرف ويريدون لنساء الغير المـيـوعة ) , فاحذري ثم احذري ثم احذري مكرهم وخداعهم وأنانيتهم .
8- أنا أتمنى من كل امرأة أن تقول لنفسها ولأهلها ولمن يحبها من الناس – ولو بلسان الحال لا بلسان المقال - كما تقول لي تلميذاتي في الثانوية بميلة " يا أستاذ نورتنا وعلمتنا وأفهمتنا وربيتنا , إلى درجة نعدك معها أننا لن نكون بعد اليوم مغفلات أبدا " .
9-يجب أن تستفيد المرأة - وهي تستعمل الأنترنت - من تجارب الآخرين ومن أخطائهم , ولا يليق أبدا أن لا تبتعد المرأة عن السيئة حتى تقع فيها هي بنفسها , كما لا يجوز أن لا نبتعد عن شرب المخدرات حتى نشربها ونتأكد من أنها سيئة !.
10-إذا استعملتِ " الشات أو المحادثة " عن طريق الأنترنت , فتحفظي ما استطعتِ فيما تقولين أو تكتبين , لأن المتكلم يمكن أن يكون رجلا وليس امرأة , كما يمكن أن تكون امرأة ساقطة تسيء إليك أكثر مما تحسن إليك .
11- ثم لا تعط لأي كان من خلال الأنترنت سرا من أسرارك الخاصة , ولا تعط كذلك صورتك لأحد عن طريق الأنترنت مهما بدا لك بأنه امرأة , بل حتى ولو كان المتكلم معك بالفعل امرأة , بل حتى ولو كانت امرأة طيبة وصادقة ومخلصة .
الله يرضى عليك ويجعلك من أهل الجنة أختي وابنتي , آمين .

وقفات ( من 211 إلى 220 ):

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
.
211- لماذا تُـخوِّف النساءَ من الرجال ؟! : قال لي تلميذ من التلاميذ في يوم ما " ألا يمكن – يا أستاذ -أن تستند التلميذةُ أو المرأةُ على تحذيراتك لها من الرجل أو من التلميذ باستمرار من أجل الطعن في الرجال بشكل عام واعتبارهم أقل شأنا من النساء ؟! ".
قلتُ له " نعم هذا ممكن , لكنها ستكون مخطئة في استنتاجها , لأنني عندما أقول بأن الرجل لا أمان فيه وهو مع المرأة وأن نقطة ضعفه هي المرأة وأنه أناني في تعامله مع المرأة وأنه أقل وفاء في الحب من المرأة , فإنني أذكر سيئة من سيئات الرجل وعنده في المقابل من الحسنات ما عنده كما أن المرأة عندها حسنات وسيئات . ثم إنني أتحدث عن رجال لا يخافون الله لا عن كل الرجال , والرجل الذي يخاف الله يحرص على شرف المرأة وكأنها من أهله . ولا ننسى أن الأنبياء كلهم رجال , وأنني أنا كذلك رجل , ورسول الله أخبرنا أنه اطلع على أهل النار فرأى أن أكثر أهلها النساء وليس الرجال , وهكذا ...ثم إن منطلقي فيما أقول هو الدين أولا ثم الطب وعلم النفس والواقع والتجربة ثانيا .
والله أعلم بالصواب .
212- السلفية , مهما كان بعضُـهم متعصبين , فهم مسلمون مثلنا : أذكر أن شابا كان يسمع آخر ينتقد حينا المتعصبين من السلفية وحينا آخر ينتقد الشيعة , فسألني يوما " هل السلفية شيعة أم لا ؟!" فابتسمتُ وكدتُ أبكي من جهتين :
الأولى : جهل الناس بالإسلام كبير إلى درجة أن الشخص أصبح أحيانا لا يفرق بين سلفية وشيعة مع أنهما ضدان وعدوان أو خصمان , ولا يكادان يلتقيان أو يتفقان في شيء , ومع أن السلفيين من أهل السنة والجماعة وأما الشيعة الإمامية الإثناعشرية فعندهم من الضلال والانحراف والفسق والفجور في أصول العقيدة ما عندهم , ومنه فليسوا من أهل السنة لا من قريب ولا من بعيد .
الثانية : تعصب بعض السلفيين كبيرٌ إلى حد أن بعض الناس أصبحوا ينتقدون السلفيين المتعصبين كما ينتقدون الشيعة لأن الشيعة يقدسون أئمتهم , وكذلك المتعصبون من السلفية يقدسون علماءهم , أي أن تعصبَـهم هو الذي جر عليهم الكثيرَ من النقد كما أصبح تعصبُـهم أحيانا سببا من أسباب نفور بعض المسلمين من الإسلام للأسف الشديد .
نحن نرفض بقوة تعصبَ البعض من السلفيين , ولكن ليس كل ما يقولونه خطأ وباطل وظلم وشر وإخفاق , بل عندهم الكثير من الصواب ومن الحق والعدل والخير والتوفيق , وخيرهم بإذن الله أعظم بكثير – وبكل تأكيد - من شرهم , وحسناتهم أكثر بكثير بإذن الله من سيئاتهم .نحن لا نرفض كل ما يقولون , بل الكثير الكثير من المسائل يقولون بها ونحن نوافقهم على ما يقولون , وما يجمعنا بهم أكثر بكثير مما يفرقنا عنهم , والإسلام العظيم ( وكذا الإيمان بالله وأركانه ) يجمع بيننا وبينهم . ولا ننسى أنهم مسلمون مثلنا , ما يجمعنا بهم أكثر بكثير مما يفرقنا عنهم , ونحن منهم وهم منا , ونحن جميعا جسد واحد يجمعنا الإسلام العظيم . والإسلام منتصر بإذن الله في النهاية بنا أو بغيرنا , ولكننا نسأل الله أن ينصره بنا وبإخواننا السلفية , حتى المتعصبين منهم .
213- عن اتهامي بأنني أسرق مواضيع دينية !!! : نشرتُ في منتدى من المنتديات موضوعي" بين السلفيين والإخوان " وكذا " ما الذي يبقى لنا من دين إذا ضللنا هؤلاء ؟!" . سبني من أجلهما بعض الإخوة السلفيين المتعصبين , واتهمني أحدهم بأنني أسرق المواضيع واعتمد على حكاية " ... " الذي اتهمني منذ مدة بأنني سرقتُ موضوعا معينا عن الرقية . وبسبب من ذلك السب ومن تلك التهمة حذفت الإدارة الموضوعين ووجهت لي إنذارا .فنشرتُ عندئذ في المنتدى ما يلي : [ أولا : الذي قال بأنني أسرق من كتابات غيري أقول له فقط " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " , " إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " . وما أسهل أن تتهم , وما أصعب أن تقدم الدليل على صحة اتهامك . " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " , ولا بد لك من شاهدي عدل على ما تتهمني به أو اعتراف مني بالسرقة , وإلا كنتَ قاذفا . اتق الله ! الله الله الله في أعراض المسلمين. إذا كنا نريد أن نكون سلفيين بحق مثل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين و ... فلا يجوز أبدا أن تتهمني بناء على أن فلانا ( ... ) قال في ما لستَ متأكدا أنتَ منه , وتأكد بأن الله سيحاسبك وحدك ولن تجد " من نقلتَ عنه بأنني أسرق " , لن تجده يدافع عنك أمام الله يوم القيامة . آه لو يسمعكم الناس والمسؤولون وأولياء التلاميذ والتلاميذ والإسلاميون و ... عندنا في ميلة بالجزائر , لو يسمعونكم وأنتم تتهموني بالسرقة : لا أدري ماذا سيقولون لكم بالتفصيل ؟!. ومع ذلك أنـا أكاد أجزم أنهم سيقولون لكم من ضمن ما سيقولون " عبد الحميد أستاذنا و... وإذا كان هو سارقا , فنحن كلنا سارقون "!!!. ثانيا : غريب !!!. أي عدل عندكم وأنتم تحكمون علي فقط من خلال أشخاص اتهموني بدون دليل , اتهموني بدافع الغيرة والحسد وكذا لأنني أنتقد باستمرار تعصبهم وتشددهم وتزمتهم في الدين وجرأتهم على سب العلماء والدعاة ؟! . أين هو العدل الذي من مقتضياته السماع من الطرفين ثم الحكم بعد ذلك ؟!. أما أنتم فإنكم حكمتم علي قبل أن تسمعوا مني ؟!. ثالثا : يا لهذا الزمن الغريب والعجيب !!!. الذي يكتب " حوار مع أخ سلفي " و" من حقك وليس من حقك " و" بين السلفيين والإخوان المسلمين " و "ما الذي يبقي لنا من دين إذا ضللنا كل هؤلاء ؟! " و " لمن قال بأن الأشاعرة ضالون " و " الإسلام صراط مستقيم وليس خطا مستقيما " و ... يُـتهم بأنه يخالف قوانين المنتدى , والذي يتهمني بالباطل ( وبالسرقة ) ويشتمني ويسبني , بدون أية تهمة ارتكبتُـها ... لا يوجه له ولو نصف إنذار . أي دين هذا الذي تتحدثون عنه وتسمونه " عقيدة أهل السنة والجماعة " ؟! . أهذه هي عقيدة أهل السنة عندكم ؟! أهذه مقتضياتها ؟!. ألا ما أسوأها إذا كانت هذه هي شعار منتداكم !!! .آه ثم آه ثم آه من شدة وطأة الظلم خاصة عندما يأتيك من الجهة التي لا تتوقع منها ظلما كما هو حال منتدى
" ..." الطيب المبارك الذي هو أول منتدى إسلامي دخلـتُـه في حياتي . رابعا : إقرأوا لي جميع ما نشرتموه لي حتى الآن . إقرأوه بدون خلفية سيئة , ثم انظروا هل أستحق منكم هذا الظلم والتهديد بالطرد أم لا ؟!. خامسا : أنا مستعد لأن أحجب نفسي قبل أن تحجبوني يا إخوتي الكرام . أنا أريد أن أعيش معكم في منتداكم وأنا مرفوع الرأس معززا مكرما . لو ارتكبتُ جريمة تحذرونني بسببها وتنذرونني وتخوفونني لكان موقفكم معقولا ومقبولا , وأما أنني لم أرتكب مخالفة ولا نصف مخالفة ولا ربع مخالفة ولا شبه مخالفة , ثم تظلمونني بالطريقة التي وقعت اليوم ( (6 /2 /2006 فهذا ما لا يقبله منكم لا الله ولا العدل ولا العقل ولا المنطق ولا ... ولا عقيدة أهل السنة والجماعة . سادسا : لو عرفتُ أنكم متعصبون إلى هذا الحد , والله ما كنت اتصلتُ بالمنتدى من أول يوم . أنا أتجولُ وأُبْحرُ منذ حوالي 7 شهور في حوالي 25 منتدى أغلبيتها الساحقة المشرفون عليها معتدلون والحمد لله , سواء كانوا سلفية أم لا , وحوالي 2 أو 3 فقط وجدتُها منتديات متعصبة تعصبا ممقوتا غفر الله لأصحابها مغفرة واسعة وجعلهم من أهل الجنة . وأنا في البداية لم يخطر ببالي أبدا أن يكون منتدى "....... " من المنتديات المتعصبة . يا إخواني اتقوا الظلم فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة . سابعا : أيتها الإدارة : قلتم " بما أنه قد وصلت عدة شكاوى بأن هذه المواضيع مسروقة , لذا أخى الكريم نأمل تعاونك معنا ، و نحن لا نرضى بخروجك من منتدى ... , مع التحية والتقدير وفائق الإحترام " .وأنا أقول لكم : أعلق هنا فقط على الجملة " وصلت عدة شكاوى بأن هذه المواضيع مسروقة " !!!. ا- أليس من البديهيات في ديننا أن المسلم بريئ حتى تثبت إدانته ؟!. كيف غابت عنكم هذه القاعدة الدينية المشهورة والتي تعتبر من صميم عقائد المسلمين في كل زمان ومكان ؟!. ب- ثم أليس المعروف عندنا في الدين والمعلوم منه بالضرورة أن " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " ؟!. هيا ليقدم لي من اتهمني ولو عشر بينة على أنني سرقتُ موضوعا واحدا مما هو منشور في منتداكم أو على الأقل عشر موضوع أو أقل من ذلك . أليس كلامي هو العدل كل العدل ؟!. هو يقدم البينة وأنا أقسم بالله بعد ذلك على أنني ما سرقتُ موضوعا أو عشر موضوع في حياتي . بل أنا ما سرقتُ سنتيما في حياتي , وسرقةُ الفكر أخطرُ من سرقة الأموال بكثير . إنه لا يسرق المواضيع إلا سافلٌ وساقط وهابط ومن لا خلاق له ولا خوف لديه من الله ولا عنده ولو ذرة حياء من الناس أو من نفسه . جـ- ثم أخيرا ومبالغة في إقامة الحجة عليكم وبيان أنكم ظلمتوني ظلما فاحشا : أهل منتدى ... الكرام.أنا مستعد أن أتلاعن مع من اتهمني بالسرقة على صفحات منتداكم العامة أو في منتدى الشكاوى والاقتراحات: *يقول من اتهمني " والله الذي لا إله إلا هو إن عبد الحميد رميته سرق مواضيع من الغير ونسبها إلى نفسه ". * * ثم أنا أقول بعده مباشرة : " والله الذي لا إله إلا هو ما سرقتُ ولو عشر موضوع ولو 1/100 من الموضوع ولو ...". * * * ثم نبتهل إلى الله بعد ذلك أنا وإياهم ونكتب هذا على صفحات منتداكم , ونقول :" ألا لعنة الله على الكاذبين " .ما رأيكم : كلامي مقنع أم لا , وحجتي قوية أم لا ؟! أم ما زلتم مصرين على ظلمكم لي ؟!.أنتم الآن أمام خيارين : الأول : إما أن تعتذروا إلي وترجعوا الموضوعين المحذوفين إلى مكانهما وتتخذوا الموقف الإسلامي المناسب مع من قذفني بدون دليل . تقيمون العدل والحق لوجه الله وحده وتقدمون الدليل على أنكم لا تخافون في الحق لومة لائم .الثاني : وإما أن تقبلوا الملاعنة بيني وبين من قذفني بالباطل . وأنا مستعد لذلك متى شئتم .وإلا إذا رفضتم الحلين الأول والثاني معا , فمعنى ذلك أنكم مصرون على ظلمكم لي , فحسبي الله ونعم الوكيل , وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد , وسامحكم الله دنيا وآخرة , وأقول لكم عندئذ " وداعا ".أنا في الانتظار للغد مساء بإذن الله . ثامنا وأخيرا : أنا أنتظر حتى الغد بإذن الله : إذا تلقيت منكم اعتذارا وإرجاعا للرسالتين " بين السلفيين والإخوان" و" ما الذي يبقى لنا من دين ..." , فأنتم مشكورون جدا وأنا منكم وأنتم مني , وعفا الله عما سلف . وإلا إذا لم أتلق منكم شيئا أو تلقيت ما يفيد التمادي في الظلم والتعدي فإنني سأودعكم في الغد مساء بإذن الله إلى غير رجعة , وأعتبركم طردتموني بطريقة أو بأخرى , بطريقة مباشرة أم غير مباشرة . ولن أفعل بعد ذلك ما يفعله أغلبية المظلومون في دنيا الناس , أي لن أدعو عليكم ولن أقول " الله لا يسمحْ لمن ظلمني أو..." , بل سأدعو لكم كلما ذكرتكم بالخير , أنتم وكل منتدى ... .أسأل الله لكم التوفيق والسداد والصواب والإخلاص كأشخاص , وأسأل الله للمنتدى كل التقدم والرقي , وأسأل الله أن يبدل سيئاتكم حسنات وأن يجعلكم من أهل الفردوس الأعلى .وأتمنى عندئذ من كل واحد منكم أن يفكر على راحته في المستقبل : هل ظلمني أم لا ؟. وأتمني أن يعترف الواحد منكم ولو قبل موته بساعة , وإن لم يبلغ لي اعتذاره .أتمنى فقط أن يعترف بظلمه ولو بينه وبين نفسه ولو قبل أن يموت بساعة واحدة . هذه أمنية غالية جدا عندي . الله يسامحكم دنيا وآخرة آمين .والسلام عليكم وإلى اللقاء في الغد بإذن الله لأرى موقفكم وردكم ] .وقبل أن تكتمل 24 ساعة أرجعت الإدارة الموضوعين وكتبت لي ما يلي بالحرف : " الأخ الكريم عبد الحميد رميته , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وأهلا وسهلا بك في شبكة ... .إشارة إلى ما ورد في شكواك وبعد الرجوع لملفك الشخصي والتحقق من المواضيع والاطلاع عليها وقراءتها بعناية وتروي ، وجدنا أنها لا تتعارض مع قوانين الشبكة . وبناء عليه فإنه جاري إعادة كافة الموضوعات الخاصة بك إلى المنتدى العام أو الإسلامي ، كما أنه سيتم حذف كافة الإنذارات الموجهة لك .كما أننا نعتذر لك عن هذا الخطأ غير المقصود والذي لم يأت إلا حرصا على المنتدى الذي تقاطر عليه خلال الأيام الماضية بعضٌ من صعاليك الأنترنت وقاموا بنشر مواضيع مسيئة , فاختلط الأمر علينا قليلا , وفُسِّـر موضوعُـك من قبل البعض بصورة اتخذ به ذلك الإجراء الخاطىء منا . وأما بشأن ما وصلنا بأن المواضيع مسروقة , فقد طالبنا المدعي حينها بالبينة , ولكن لم يأتِ بها حتى الساعة . ولذلك لم نقم بأي تصرف أو إجراء سوى ما وضحـتُـه لك أعلاه من خطأ غير مقصود .ختاما : أكرر الاعتذار لك وأنه ليسعدنا ويشرفنا وجودك بيننا , وأسأل الله أن يجعل أعمالك وجهودك في موازين حسناتك . ولك من الجميع فائق التحية والتقدير .أخوك ومحبك…....
ثم بعد شهور كرمني المنتدى وأعطاني لقب " كاتب " , وأنا حتى الآن أنشر فيه ...و" فهرس مواضيعي" بهذا المنتدى موضوع مثبت حتى الآن في القسم العام بالمنتدى . والحمد لله أولا وأخيرا . والله أعلم بالصواب , وهو وحده الذي يدافع عن الذين آمنوا .
214- لماذا لا يضع كل أستاذ لتلميذه في علامة التقويم 15/20 مثلا ؟! : علامة التقويم هي علامة يضعها الأستاذ في النظام الجديد للتعليم في بلادنا , وفي إطار ما يسمى بإصلاح (أو إفساد ) المنظومة التربوية في الجزائر. يضعها – في كل ثلاثي - بناء على سلوك التلميذ ومشاركته في القسم وأدائه لواجباته المنزلية وللواجبات المحروسة في القسم واعتنائه بالكتب والكراريس و ... وتضاف هذه العلامة إلى علامة الفروض والاختبار وتقسم بطريقة معينة لنحصل في النهاية على معدل التلميذ خلال الثلاثي في كل مادة من المواد الدراسية .
وتلاميذ هذا الزمان تكاسلوا وتهاونوا إلى الحد الذي قلتُ معه في وقفة سابقة مع ذكريات حسنة أو سيئة " ما أبعد الفرق بين تلاميذ زمان مضى وتلاميذ هذا الزمان " , وكذا إلى الحد الآتي :
قال لي تلميذ بالثانوية منذ حوالي شهر ( فيفري 2008 م ) , قال لي وهو جاد فيما قال " يا أستاذ أنا أتعجب كثيرا
لماذا لا يضع كل أستاذ لتلميذه في علامة التقويم 15/20 مثلا ؟!. لماذا يضع الأستاذ للتلميذ أحيانا 5 أو 10 على 20 ؟!. ما الذي سيخسره الأستاذ إن تساهل مع التلميذ وأعطاه في التقويم وفي كل مرة علامة جيدة !!!.
قلتُ له " أنت جاد في سؤالك ؟! " قال " والله أنا جاد يا أستاذ "!!!.
قلتُ له " هذه كلمة جادة منك , ولكنها تصلح يا بني أن تكون نكتة لكنها نكتة لا أدري إن كانت تُضحك أم تبكي". قال " ولمَ يا أستاذ ؟! " . قلت له " إن الأستاذ يضع هذه العلامة بناء على سلوك واجتهاد التلميذ خلال الثلاثي . والأستاذ أو المعلم يجب أن يكون مربيا قبل أن يكون معلما . ومن أهم ما يلزم المعلم أو الأستاذ حتى يرضى الله عنه ثم يحبه تلاميذه والناس وكذا حتى يبارك الله له في تدريسه وتعليمه وتربيته : العدل والصدق . إن الأستاذ لا يعطي العلامات للتلميذ من جيبه . وإن الأستاذ إذا وضع للتلميذ – أي تلميذ , ومهما كان التلميذ في سلوكه واجتهاده – في التقويم 15/20 مثلا , فإنه يكون قد ظلم تلاميذ آخرين وظلمه هو كذلك وظلم المؤسسة التعليمية وظلم التعليم وظلم القوانين وظلم الناس أجمعين . إنه بذلك يظلمُ , وهو كذلك – بذلك – يكذبُ على الله ( والله بطبيعة الحال أعلم بحال التلميذ من علمه هو بنفسه ) ويكذبُ على التلميذ وعلى وليه وعلى زملائه والإداريين والأساتذة وعلى المؤسسة التعليمية وعلى مديرية التربية وعلى وزارة التربية وعلى الحكومة وعلى رئاسة الجمهورية ويكذبُ على الشجر والحجر ويكذبُ على الأرض والسماء وعلى ... ".
ثم أضفتُ قائلا " أعرفتَ يا هذا لماذا لا يفعلُ الأستاذُ ما تريدهُ أنتَ منه ؟!".والله أعلم بالصواب . نسأل الله أن يهدينا وأن يهدي تلاميذنا وأن يصلح أحوال التعليم في العالم العربي والإسلامي آمين . 215-لستُ مائعا ولا منحلا والحمدُ لله : عندما نشرتُ موضوعا عن حكم الإسلام في سماع الموسيقى ثار بعض الإخوة ضدي في أكثر من منتدى إسلامي متهمين إياي بأنني مائع ومنحل . وعندئذ قلتُ لهم :
1-أنا فقط أتحدث عن حكم الموسيقى الهادئة والمصاحبة لكلام نظيف , بأنها مسألة خلافية بين الفقهاء , وبأنها ستبقى كذلك وإلى يوم القيامة مهما تعصب المتعصبون . لقد تعصب قبلهم ناس في زمن مضى وبقيت المسألة خلافية , ويتعصبون هم اليوم ثم ستبقى المسألة بعد ذلك خلافية . هذا فقط الذي قصدتُـه .
2- وأما اتهامي بأنني مائع ومنحل ومفرط في دين الله أو معتدي على حدود الله أو كما قال لي أكثر من أخ
( سامحهم الله جميعا دنيا وآخرة ) " أنت ضال ومضل , وفاسق وفاجر , ومبتدع , وسيء جدا , وما رأيتُ أخبث منك في حياتي , ولا رأيتُ أسوأ منك في حياتي , وقاتلك الله يا عبد الحميد , وقبحك الله , وأسأل الله أن ينتقم منك يا رميته دنيا وآخرة و..." ( وما لم أذكره مما قالوا لي هو أكثر بكثير مما ذكرتُ , كل ذلك لأنني قلتُ بأن بعض العلماء أباحوا السماع إلى الموسيقى بشروط ) . قلتُ : وأما اتهامي بكل ذلك فوالله لن يقدم أحد المتعصبين على ذلك ولو 1/10 دليل أو شبه دليل أو نصف دليل . والغريب أنني أُتهم بالباطل وتُـلصق بي العيوب السبعة (كما يقولون ) ثم يُـطلبُ مني أن أسكتَ ولا أدافعَ عن نفسي , وإلا قيل لي " أنت تزكي نفسك , وهذا قد يبطل عملك" !!!. أي أنهم هم يسبون ويسخرون ويحذرون ويتهمون و ...كل ذلك حرام عليهم , ومع ذلك لا تهتز لذلك ولو شعرة من بدن الواحد منهم , ثم مطلوب مني أنا أن لا أرد وإلا فأنا مزكي لنفسي . أي منطق هذا وأي دين هذا ؟!.
أنا لن أسب من سبني ولن أرد على السيئة بـمثلها أبدا , مع أن ذلك جائز لي شرعا . إنني لا أقبل أن أسيئ إلى أخ مسلم أبدا حتى ولو قال لي ما قال وفعل معي ما فعل , ولكن في المقابل أنا لستُ مستعدا للسكوت باستمرار عن الدفاع عن نفسي. أسكت أحيانا وأُعرض عمن آذاني على اعتبار أن الإعراض أحسنُ جواب له , ولكنني لا أسكتُ دوما . أنا أدافعُ عن نفسي بالحق وبالأدب وبالخلق . هذا حقي في كل الشرائع : شريعة الله , أو في القوانين والشرائع الأرضية .
3- أنا والله عف اليد مثلا , والأدلة على ذلك كثيرة جدا منها أنني أرقي منذ 23 سنة ورقيت حتى الآن حوالي 14 ألف شخصا وما أخذتُ ولو سنتيما واحدا من أحد . هذا مع أن أكثر من 50 % من الرقاة في الجزائر كاذبون وسارقون لأموال الناس بالباطل , وهم يكرهونني لأنني لا آخذ مالا وهم يأخذون , لا بل هم يسرقون بأتم معنى الكلمة للسرقة . وأغلبهم بنوا ديارا واشتروا سيارات وجمعوا الأموال الطائلة بالكذب على الناس وسرقة أموالهم والعياذ بالله .
4- أنا والله عف البصر والفرج . وهذا يعرفه عني كل من يعرفني هنا في الجزائر . إقرأوا لي إن شئتم على سبيل المثال " وقفات مع ذكريات لها صلة بالمرأة " و" وقفات مع ذكريات حسنة أو سيئة " و.... واقرأوا لي بشكل عام مواضيعي عن المرأة . والله إنني كنتُ الوحيد في الابتدائي وفي المتوسط وفي الثانوي ( من زملائي ) الذي لا يخالط النساء أبدا , ولكن الواحدة منهن إذا صادفـتْـها أية مشكلة فإنها لن تأتي إلا إلى شخص واحد تستشيره , هو أنا . والتلاميذ كانوا ينادوني من الصغر " يا شيخ " مع أنني زميلهم . يقولون لي " شيخ " من شدة الاحترام والتقدير .
5- أنا والله لا أسمع الموسيقى الهادئة إلا نادرا ومع أناشيد دينية قليلة جدا , ولكن أغلب ما أسمعه من الأناشيد هو بدون إيقاع . وأما الغناء الساقط الذي يسمعه أغلبية الناس ( بموسيقى صاخبة أو بكلام لا يليق ) والذي يشكل أغلبية الغناء في الدنيا اليوم , أنا أعتبره حراما بلا خلاف بين عالمين , وأنا لا أسمعه أبدا أبدا أبدا .
6- أنا لا أصافح النساء منذ 1975 م وحتى اليوم , ومن باب أولى أنا ما قبَّـلتُ امرأة أجنبية في حياتي ولا ارتكبتُ معها شيئا من مقدمات الزنا . والنساء يحببني كثيرا بسبب تديني وبسبب حسن معاملتي لهن , ويحبني الرجل قبل أن تحبني زوجته ( في الله ثم في الله ثم في الله " , ويحبني الرجل قبل أن تحبني ابنته , ويحبني الرجل قبل أن تحبني أخته و...
7- والله أنا أحفظ القرآن منذ 23 سنة , وأنا أراجعه باستمرار , وأقرأ في كل يوم وردا متكونا من أحزاب وأحزاب , أقرأها في كل يوم وعن ظهر قلب وبسهولة ويسر والحمد لله . قلبي طيب بإذن الله ونظيف , وأنا سعيد جدا مع تلاميذي ومع زوجتي وأولادي ومع عامة الناس الذين يحبونني ويحترموني ويقدرونني إلى حد كبير والحمد لله رب العالمين .
8- أنا والله قلبي بإذن الله سليم , ومنه أنا لا أنام ليلة في حياتي خاصة منذ حوالي 20 سنة , إلا وأنا متأكد من نفسي بأنني بإذن الله لا أحمل في قلبي غلا ولا غشا ولا حقدا لواحد من المسلمين . أنام في كل ليلة وأنا أدعو لكل من آذاني بخيري الدنيا والآخرة , وأقول دوما " يا الله إنني سامحتُ كل من آذاني من المسلمين . وإنني أسألك يا الله أن ترضى عنهم جميعا وأن تبدل سيئاتهم حسنات وأن تغفر لهم وترحمهم وتهديهم وترزقهم وتعافيهم , وأن تنصر الإسلام بي وبهم وأن تجعلني وإياهم من أهل الفردوس الأعلى " . وفي الكثير من الأحيان أذكر في صلواتي من آذاني بأسمائهم " ... ... ... ... " , والقائمة طويلة .
9- والله أنا عفٌّ بشكل عام خاصة في سمعي وعيني , حتى أن من يسمع الغناء الساقط في السوق ويبيع أشرطة وأقراص الغناء المائع والمنحل , عندما أقتربُ منه أو عندما يراني من بعيد يطفئ في الغالب الجهاز أو ينقص على الأقل الصوت احتراما لي . وحتى شارب الخمر عندما أقترب منه يخبئ زجاجة الخمر ويتوقف عن الكلام الفاحش والبذييء الذي كان يقوله , يتوقف بطبيعة الحال احتراما وتقديرا لي . يتوقف ويقول لصاحبه " أسكت , الأستاذ ... آت " .
10- أنا والله عف اللسان , ومنه ما نطقتُ بالكفر في حياتي ولو نصف مرة , ولا قلتُ كلمة فاحشة أو بذيئة ولو مرة واحدة في حياتي مع أن زملائي في الصغر كان أغلبيتهم يتكلم الكلام الفاحش كأنه شربة ماء , بل إن البعض من زملائي في التعليم اليوم مازالوا يقولون الكلام الفاحش بين الحين والآخر , ولكن يستحيل أن يفعلوا ذلك أمامي . وإذا فعلوا مرة , فإن الذي يحدث عجيبٌ والحمد لله , واقرأوا إن شئتم موضوعي " كلمة فاحشة في الحمام " , واقرأوا لي كذلك موضوع " مع الكلمة الفاحشة " المنشور في المنتدى .
هذا ولو أردتُ أن أزيد لزدتُ الكثير والكثير , ولكنني أكتفي بما ذكرتُ , وأسأل الله لي ولكم جميعا الصواب والإخلاص في القول والعمل .
ومما تقدم أقول " لا داعي بعد هذا الذي أشرتُ إليه أن يأتي أحد السبابين والشاتمين ليزايد علي ويبقى يتهمني بالميوعة والانحلال بدون دليل ولا حجة ولا برهان " .
والله أعلى وأعلم . وفقني الله وإياكم لكل خير .
216- الآن فقط عرفت أين تقع المعدة !!! : كل واحد منا يعرف من الحياة والكون وعن الإنسان , يعرف شيئا وتغيب عنه أشياء . هكذا خلقنا الله تعالى لحكم نعلم البعض منها ونجهل البعض الآخر . وربما خلقنا الله كذلك حتى يتواضع الإنسان مع نفسه ومع الله ومع بقية البشر , ولا يغتر ولا يتفاخر ولا يتباهى بعلمه ليصبح
( ربما ) في يوم الأيام يدعي ويزعم أنه يعلم كل شيء وأنه بكل شيء عليم ( أستغفر الله ) ( هذه صفة خاصة بالله وحده , ولا تجوز إلا له هو ) .
كنت من سنوات وسنوات أسمع الناس يتحدثون عن المعدة وعن أوجاعها وآلامها وأمراضها و ... ولكنني كنت لا أعرف أين تقع المعدة من جسم الإنسان ؟. نعم درستُ العلوم الطبيعية من قبل , ولكنني مع الوقت نسيتُ الكثير مما درست في هذه المادة . وكان يمكن أن أسأل غيري " أين تقع المعدة ؟" , ومع ذلك ما سألتُ , ربما لأنني لم أضطر للسؤال . وفي يوم من الأيام ( حوالي عام 2000 م ) , أصبت بمرض بسيط في إحدى رجلي , وعندما استشرت الأطباء قالوا لي بأنه التهاب بسيط جدا في المفاصل . أعطوني الدواء المناسب فتناولته , ولكنني , ولأنني كنت من محبي المطالعة في كتب طب الأعشاب , فإنني قرأت في كتاب من ضمن عشرات الكتب التي قرأتها في طب الأعشاب ( خلال حوالي سنة واحدة ) , قرأت وصفة مفيدة ( وبالفعل أفادتني كثيرا ) لالتهاب المفاصل . وقوام الوصفة شرب كمية من عصير الليمون خلال شهر لرفع رصيد الفيتامين ( ج ) في الجسد والعظام . وفي الأيام الأخيرة من هذه ال 30 يوما ( وكانت من أيام رمضان ) , تناولت كمية زائدة من العصير في وقت قصير ( بين الفطور وبعد التراويح ) , فأحسست فجأة بألم حاد في جهة ما من جسدي . ولأنني أعلم أن الإكثار من تناول عصير الليمون قد يؤدي إلى أوجاع في المعدة , فعندئذ وعندئذ فقط عرفت مكان المعدة من جسدي .
قلت لزوجتي في ذلك الحين مبتسما " الآن فقط يا زوجتي العزيزة عرفت أين تقع معدتي ؟!!!" .
والله أعلم , وهو وحده الشافي أولا وأخيرا .
217- قال لي " على ماذا تشكرني ؟ : بعد أن انتقدني أحد المتعصبين في منتدى من المنتديات , انتقدني بشدة لأنني معتدل وهو متعصب . انتقدني لأنه يريدني أن أتعصب مثله وإلا لم يرض عني , ووصفني بما لا يليق , واتهمني بما ليس في , وألصق بي العيوب المختلفة . بعدها قلت له " بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ونفع الله وبك وجعلك الله من أهل الجنة آمين " . ودعوت له إلى جانب ذلك بدعوات أخرى .
ولما كانت عادة أغلبية الناس أن من سبك تسبه ومن سخر منك تسخر منه ومن حذَّر منك تحذِّر منه و ... أي أن الناس تعودوا على مقابلة السيئة بمثلها ( وهو أمر جائز ) أو بأكثر منها ( والزيادة حرام ) , فإن هذا الأخ الكريم لم يفهم كيف أنه انتقدني بشدة وأنا شكرتُـه ودعوتُ له بالخير , لم يفهم كيف أنني قابلتُ سيئته بحسنة . لذلك فإنه تعجب ورد علي قائلا " آمين , شكرا لك أخي على دعواتك لي بالخير , ولكن لماذا أنت تشكرني ؟!" , فقلتُ له " أنا أشكرك على النصيحة التي وإن لم أقتنع بها إلا أنني أعرف أن نيتك حسنة وأنت تقصد وتريد الخير لي , ومنه فأنا أشكرك على ذلك شكرا جزيلا " .
218- " والله يا أستاذ 32 سنة من عمري كانت كلها علي لا لي "!!! : اتصلت بي طبيبة منذ حوالي 20 سنة من أجل طلب النصيحة أو من أجل أن أرقيها . والمرأة كانت في نظري تحتاج لمن ينصحها لا لمن يرقيها ( كما فهمتُ منها بعد أن كلمتني من خلال الهاتف لدقائق , ثم بعد أن أعطيتُـها موعدا من أجل رقية) . سمعتُ منها قبل أن أرقيها , وقدمتُ لها النصائح والتوجيهات المناسبة , ثم رقيتُـها فقط من أجل أن أُطيبَ خاطرها , لأنها كانت متعلقة بالرقية الشرعية كل التعلق . المرأة كانت تعاني من ظروف عائلية واجتماعية صعبة بسبب أن أمها ماتت وتزوج أبوها بامرأة أخرى أصبح يعاملها المعاملة الأطيب وأهمل الاهتمام بأولاده من امرأته الأولى ومنهم هذه الطبيبة . وحتى الزوجة الثانية أصبح اهتمامها الأكبر بنفسها وزوجها , ولكنها في المقابل كانت تسيئ معاملة أولاد زوجها وبناته من المرأة الأولى ومنهم هذه الطبيبة . ومن ضمن النصائح التي قدمتها للطبيبة مع بداية حديثي معها " تحدثي , وخالطي , وتفاءلي , وانظري إلى من هو دونك في شؤون الدنيا , وإلى من هو فوقك في مسائل الدين , واشغلي وقتك الفارغ بما ينفع من أمور الدين والدنيا , وقو صلتك بالله من خلال الصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن و…وانظري إلى ما هو حسن في الحياة ولا تنظري إلى ما هو سيء , وفكري في الحاضر والمستقبل أكثير من تفكيرك في الماضي خاصة السيئ منه , وليكن عندك أمل كبير في الله وثقة كبيرة في الله وحسن ظن كبير في الله , و… اضحكي للحياة تضحك لك الحياة وكوني جميلة تري الوجود جميلا و…" , ثم قلتُ لها من ضمن ما قلتُ لها " ولا تنسي أن الحياة يومان : يوم لك ويوم عليك , والرياح لا تجري دوما لنا كما تشتهي السفن أو كما نشتهي نحنُ , و…" , فقاطعتني معترضة " والله يا أستاذ إن 32 سنة من عمري كانت كلها علي لا لي "!!!. قلتُ لها " والله يا حكيمة أو يا طبيبة إنك مخطئة مهما كانت نيتك حسنة , وإن هذا الذي تقولين لا يدعو إليه إلا الجهل بالدين والتشاؤم وعدم شكر الله على نعمه وقلة الرضا بقضاء الله وقدره و…" , " إن كل واحد منا لو حاسب نفسه حسابا يسيرا أو عسيرا لوجد بأن الله أعطاه أكثر مما حرمه , وأنه أحسن وأفضل من الكثير من خلق الله , وأن نعم الله عليه لا تعد ولا تحصى و…".
اللهم إذا أنعمتَ علينا فاجعلنا من الشاكرين , وإذا ابتليتنا فاجعلنا من الصابرين , آمين .
219- عن الخل بالكحول ( 6 0 ) الذي يباع عندنا في الأسواق الجزائرية : يوجد عندنا في الأسواق الجزائرية نوعان من الخل : أحدهما 6 0 والآخر 12 0 . وال 6 درجات أو 12 درجة هي الدرجة الحمضية للخل , وهي عبارة عن كتلة الحمض في 100 غ من محلول الحمض . ومنه فالخل 6 درجات معناه أن كل 100 غ منه تحتوي على 6 غ من حمض الخل الصافي , والخل الآخر 12 درجة معناه أن كل 100 غ منه تحتوي على 12 غ من حمض الخل الصافي . ومنه فإن ال 6 درجات مثلا تشير إلى الدرجة الحمضية لهذا الخل , أو تشير إلى تركيز الكحول في الخمر لكن قبل أن يتحول الخمر إلى خل , عن طريق تفاعل كيميائي . وال 6 درجات ليس معناها أبدا أبدا أبدا أنها نسبة الكحول الموجود في هذا الخل , وإلا ( أي لو وُجد كحول في الخل ) لأصبح الخل عندئذ حراما شربه أو تناوله مع أية أكلة من الأكلات .
نكتة 1 : كان البعض من إخواني أو زملائي الطلبة في جامعة قسنطينة في عام 1976 م , كانوا عندما يرونني آكل في مطعم الجامعة " السلطة " التي فيها كمية من الخل بطبيعة الحال ( كما جردت العادة عند أغلبية الناس في صنع السلطة ) , كانوا يقولون لي " يا عبد الحميد لا تأكل السلطة لأنها تحتوي على خل وهذا الخل ( الذي يباع في بلدنا ) بالذات حرام لأنه فيه نسبة من الكحول " , ثم يضيفون قائلين وموضحين " أنظر ألا ترى إلى قارورة الخل , أليس مكتوبا عليها ( خل بالكحول ) " ؟!!!.
وكنتُ أقول لهم " يا إخواني !. إن الخل يُـصنع عادة من الخمر , لكن عن طريق تفاعل كيميائي يتحول معه الخمر الخبيث إلى خل طيب . وأما ال 6 درجات فهي الدرجة الحمضية للخل , أو على الأقل هي تركيز الكحول في الخمر لكن قبل أن يتحول الخمر إلى خل" , ثم أضيف " ولقد أجريتُ أنا وبعض الأساتذة والطلبة تجاربَ علمية وكيميائية على هذا الخل , وتأكدنا في النهاية بما لا يدع أي مجال للشك بإذن الله بأن هذا الخل لا يحتوي الآن على أية قطرة من الكحول" .
نكتة 2 : وكان البعض من الطلبة يضيفون " ولكن ما رأيك يا عبد الحميد في أن بعض الأشخاص شربوا قارورة كاملة من الخل , فأصيبوا بالدوخة .أليس هذا دليلا قويا على أن الخل فيه كحول وأنه مسكر , لذلك من شربه سكر فأصيب بالدوخة "!!!؟.
وكنت أجيبهم مبتسما " هذه نكتة يا إخواني !. إن هذا الذي تقولون لا يشبه الدليل ولا الحجة ولا البرهان ولا ... لا من قريب ولا من بعيد , ومنه فهو ليس قويا ولا ضعيفا ولا ضعيفا جدا , بل هو لا دليل !. إن الأصل في الأشياء الإباحة , والتحريم لا يقول في الدين على الهوى ولا على الوهم ولا بهذه الطريقة الفوضوية ... ثم إن الذي يشرب كمية كبيرة من العسل أو الزيت أو ... يمكن جدا أن يُـصاب بالدوخة بسبب الإكثار من تناول الحلال لا بسبب تناول مسكر حرام . إن هذه الدوخة التي أنتم تتحدثون عنها لا علاقة لها أبدا بالكحول ولا بالخمر ولا بالحرام . والله أعلى وأعلم .
220- قالت لي " ظننتكَ أستاذ علوم شرعية لا فيزيائية " !!! : فقلتُ لها " عشرات أو مئات الناس يخطئون ويظنونني لأول وهلة أستاذ علوم إسلامية . وأنا أقول بأن الخير في كل الأساتذة بإذن الله مهما كان اختصاصهم , ولكنني أعتز أكثر لأنني أستاذ علوم فيزيائية لا أستاذ علوم شرعية , لجملة أسباب يمكن أن أذكر منها سببين أساسيين :
ا- أن حديثي مع التلاميذ عن الدين من أجل تربيتهم , هو تطوع مني أو شبه تطوع , وهو ليس واجبا
علي قانونا , وأما بالنسبة لأستاذ العلوم الشرعية فإن حديثه عن الدين وعن الإسلام مع التلاميذ يدخل في صميم واجباته القانونية .
ب- حديثي مع التلاميذ عن الدين والشرع وكذا النصح والتوجيه الدائمان مني للتلاميذ يكلفني عادة الكثير من التضحيات , ويتطلب مني بذل الكثير من الجهد والوقت والمال , ويصيبني بالكثير من الأذى من طرف بعض التلاميذ وبعض الأولياء وبعض المسئولين و ...
وللسبب الأول والثاني أظن ( ولم أجزم ) أن أجري عند الله في النهاية ربما سيكون أعظم من أجر أستاذ العلوم الإسلامية , وكذا استعداد التلميذ للتأثر بتوجيهي وللتجاوب مع نصائحي سيكون أعظم بإذن الله تبارك وتعالى . هذا فضلا عن أن العلوم الشرعية والفيزيائية ( عندي وفي نظري) أخوان , ومنه فإنني أقول للتلاميذ دوما " الإسلامُ علمني العقل والمنطق , والعلوم الفيزيائية كذلك علمتني العقل والمنطق ". ومع ذلك يمكن أن أضيف على ما قلتُ آنفا : العلم بالدين والحديث عن الإسلام والدعوة إليه و ... هي كلها في متناولنا جميعا ( أي جميع المسلمين ) إن اجتهدنا كما ينبغي وقدمنا الأسباب المناسبة , وهي ليست أبدا حكرا على من تخرج من جامعة إسلامية أو تخصص في دراسة ثم تدريس العلوم الشرعية . كل واحد منا يمكن أن يصبح عالما في الدين أو داعية إسلاميا , أو على الأقل عنده رصيد لا بأس به من علوم الدين والإسلام مهما كان تخصصه الدنيوي , والله أعلم .

وقفات ( من 201 إلى 210 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

201- ال" جال " أولا والمحفظة ثانيا : كل شيء يتجه في بلادنا – الجزائر خصوصا - إلى الأسوأ . بدأ السوء من السياسة وانتقل بعد ذلك إلى كل مجالات الحياة المختلفة حتى وصل إلى التعليم والتربية . وإذا وصل الفساد إلى التربية والتعليم فكبر على الأمة 4 تكبيرات . ومع ذلك وحتى إن فقدنا الأمل في العباد أو في الكثير منهم فإننا لا نفقد الأمل في رب العباد سبحانه وتعالى , ومنه فإننا نبقى دوما نتمنى ( ونبذل الجهد والوقت والمال من أجل تحقيق ذلك ) أن يكون غدُنا وغد الأمة الإسلامية أفضل من يومنا هذا وأن تكون الدار الآخرة خيرا لنا من الدار الدنيا.
ومن مظاهر فساد أحوال التربية والتعليم في بلادنا دنو الهمة أو دناءة الهمة عند الكثير من تلاميذنا , بحيث أصبح الواحد منهم ليست له أية رغبة في أن يكون أفضل من غيره من التلاميذ أو من الناس , أو في أن يكون غده أحسن من يومه أو في أن يبذل الجهد الذي يقدر على بذله من أجل دنيا حلال أو من أجل آخرة , أو في أن يستغل وقته فيما يـنـفع ويُـفيد . حدث هذا ومازال يحدث إلى درجة أننا أصبحنا نلاحظ الفرق الكبير بين مستوى تلاميذ العام الماضي ( 2006-2007 م) وتلاميذ هذا العام ( 2007-2008 م ) تعليميا وأدبيا وأخلاقيا , وكأنه فرق بين جيلين لا فرق بين تلاميذ سنتين دراسيتين متتاليتين , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ومن مظاهر دنو الهمة أو دناءتها :
1- تلميذ نسأله في الأيام الماضية " كم تقضي من الوقت يوميا مع تسريح الشعر أو إفساده بالGEL ؟ (الذي يغطي الشعر وبصيلاته ويعمل على انسداد مسامات البصيلات مما يؤدي إلى عدم وصول الأكسجين إلى الشعر وبالتالي تكسره وتقصفه , كما أن استخدام مجفف الشعر الكهربائي بعد وضع الجل على الشعر يؤدي إلى جفافه وتساقطه ,وتكرار استخدام الجل يؤدي إلى تجعد الشعر بسبب وصوله إلى محور الشعرة مما يساعد على انثنائها وتكسرها على المدى البعيد (… , فيجيب التلميذ وهو يقسم بالله معتزا بما يقسم عليه " أقضي مع شعري في كل يوم بين ساعة ونصف إلى ساعتين" !!!. وأترك الكلمة بدون تعليق لأنها غنية عن أي تعليق .
2- تلميذ آخر سمعني أدعو التلاميذ إلى علو الهمة وإلى قوة الشخصية وإلى الإهتمام بعظائم الأمور لا بسفاسفها , حيثُ أشرت إلى التقليد الأعمى عند الكثير من الذكور وإلى المال الضائع والصحة الضائعة والوقت الضائع مع الكثير من الزيف مثل زيف ال " جال " , فسمعته يقول عندئذ لزميله ظنا منه بأنني لا أسمعه " بالنسبة إلي ال ( جال ) أولا والمحفظة ثانيا , وأما الدراسة بلا ( جال ) فلا قيمة لها عندي !!!". وشر البلية ما يُضحك كما يقول المثل .
3- تلميذ آخر أخذتُ منه الهاتف النقال ( في الأسبوع الماضي ) بسبب أنه كان يلعب به وبموسيقاه داخل القسم , من أجل أن أسلمه للإدارة لترجعه له مباشرة أو لوليه . جلس التلميذ أمام مكاتب الإدارة على الساعة ال 10 , فقلتُ له " إذهب إلى القسم لتكمل دراستك لهذا الصباح ( من ال 10 إلى ال 12 ) , وأما الهاتف فاترك أمره للإدارة , وسترجعه لك بإذن الله , إما مباشرة وإما عن طريق ولي أمرك " , فقال التلميذ بصوت منخفض " أنا لن أدخل إلى القسم إلا بالجوال "!!!. وأترك الكلمة تعبر وحدها عن الأحوال المتدهورة لكثير من تلاميذنا اليوم .
نسأل الله الهداية والصلاح لنا ولجميع تلاميذنا , حاضرا ومستقبلا , آمين .
202 – لماذا أذكر ضمن " الوقفات " البعض من سيئاتي :
قلتُ مع بداية كتابتي لموضوع " وقفات مع ذكريات حسنة أو سيئة " المنشور في كثير من المنتديات , قلتُ بأنني أريد من وراء كتابة الموضوع تحقيق جملة أهداف منها : ثامنا : الإشارة إلى البعض من حسناتي وخصالي الحميدة وأفعال الخير التي عملتها في حياتي لا من أجل مدح النفس أو تزكيتها أو من أجل الرياء وإنما من أجل دعوة الغير للإقتداء بي في هذا الخير , وهذا أمر أكد العلماء قديما وحديثا على جوازه إن تم بهذه النية . وأما ما فعلـتُـه من شر فأنا إما أن أستره على نفسي عسى أن يستره الله علي دنيا وآخرة , وإما أن أذكره أحيانا لأجاهد نفسي أو لأحذر الناس من هذا الشر الذي في أنا .ومنه فإنني أشير بين الحين والآخر وفي بعض الوقفات إلى سيئة من سيئاتي , لتحقيق أهداف عدة منها أن أَذكرَ تقصيري في طاعة الله لأُحذر الغيرَ من هذا التقصير .وكذلك أنا أذكر للغير تقصيري في جنب الله لتحقيق هدف آخر , وهو أنني تعودتُ من زمان على أنني كلما أحسستُ في نفسي بنوع من الكبرياء ومن الإعجاب بالنفس لسبب أو لآخر ألجأ إلى أن أذكرَ أمام الغير ( بطريقة أو بأخرى ) سيئة من سيئاتي : ا- لأظهر نفسي أمام نفسي على حقيقتها . ب- ولأقهر في نفسي ذلك الإعجاب بالنفس وذلك الكبرياء . جـ- ولأفرض على نفسي التواضع لله أولا ومع الناس والنفس ثانيا . والحمد لله , أنا أشهد بأنني كلما اتبعتُ هذه الطريقة كلما أحسستُ بالسكينة والطمأنينة تنزل على قلبي وأحسستُ براحة لا يعرف قيمتها إلا من ذاقها .وما أبعد الفرق بين الراحة الشكلية الكاذبة التي يُـحس بها الشخص وهو معجب بنفسه إعجابا شيطانيا , والسعادة الحقيقية التي يعيشها بالفعل وهو متواضع لله وذليل مع الله ومستسلم لله وخاضع لله و...أو ما أبعد الفرق بين الراحة الظاهرية والمزيفة التي يحس بها المرء وهو يتبع أهواءه ونفسه الأمارة بالسوء وشهواته , والطمأنينة الحقيقية التي يعيشها حقيقة وواقعا وهو يُـجاهد نفسه ويوقفها عند حدها ويُـلزمها بفعل ما يرضي الله وباجتناب ما يُـسخط الله تبارك وتعالى .ملاحظة : هناك إخوة أجدهم هنا وهناك في بعض المنتديات لا يرضيهم شيء : ا- إذا ذكرتُ حسنة من حسناتي ضمن هذه الوقفات اتهموني بالكبرياء والغرور وبتزكيتي لنفسي وبرفع قدري , وسبوني وشتموني وألصقوا بي العيوب السبعة وسخروا مني واستهزءوا بي وحذروا الغير مني وحقروني و... !!!. ب- وأما إذا ذكرتُ سيئة من سيئاتي اتهموني بضعف الإيمان وبالتساهل في الدين وبالميوعة والانحلال , وقالوا عني " أنظروا إلى هذا الأستاذ الذي يعجبكم وتعجبكم كتاباته ! . أنظروا إليه كم هو مخادع وماكر , وكم يتهاون في الدين ولا يهتم بشرع الله ولا يقف عند حدود الله ولا يراعي حرمات الله !!. أنظروا إليه يا ناس كم هو مائع ومنحل وضال ومضل , ولكنه في المقابل يتظاهر أمامكم بالبر والتقوى وبالإحسان والورع !!!". سامحهم الله دنيا وآخرة , وهداني الله وإياهم لخيري الدنيا والآخرة , آمين . وفقني الله وإياكم جميعا لما فيه سعادة الدارين , آمين .
203- الوقت هو الحياة : الوقت ليس " كالسيف إن لم تقطعه قطعك " , وليس " من ذهب " , وليس ... ولكن الوقت هو الحياة . إنه الثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور والسنوات التي يعيشها المرء على هذه الأرض , ومنه فما أغلاه إن استُـغِـل في خير وما أتفهه وأحقره إن استُـغـل في شر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُـسأل عن عمره فيما أفناه , وعن علمه فيم فعل , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه , وعن جسمه فيم أبلاه " .
ومنه مهم جدا جدا جدا لو يسعى كلُّ واحد منا إلى أن يستغل وقته ما استطاع فيما ينفع ويفيد إلى درجة أنه يصبح مع الأيام , ليس لديه الوقت الفراغ الذي لا يجد ما يفعله فيه . هذه أمنية أرى أنها غاليةٌ جدا يجب على كل واحد منا أن يتمنى من الله أن يحققها له .
صحيحٌ أن الشخصَ إذا وصل إلى هذا الحد , بحيث لا يصبح عنده وقت فراغ أبدا , هذا الشخص سيعيش متعبا ولكنني أظن أنه سيعيش مع ذلك سعيدا كل السعادة بإذن الله تعالى , هذا مع أجره الكبير عند الله سبحانه عزوجل .
ملاحظة : إن وقت الترفيه عن النفس بالحلال وبين الحين والآخر ( بلا مبالغة ) هو ليس وقـتا ضائعا , كما أنه يمكن أن يتحول إلى عبادة لنا عليها أجر إن قصدنا بهذا الترفيه التقوي على عبادة الله تعالى .
ومن شدة حرصي على استغلال الوقت الاستغلال الأكبر أنا منذ سنوات وسنوات أقول للكثير ممن أعرف من الناس " لو كان الوقت يُباع لاشتريتُ 6 ساعات لكل يوم بحيث يصبحُ عدد ساعات اليوم عندي 30 ساعة , وعدد ساعات اليوم عند من يبيعني وقـتَـهُ 18 ساعة فقط ". أنا منذ سنوات وسنوات أقول للكثير ممن أعرف من الناس " لو كنتُ قادرا على أن لا أنام لما نمتُ , ولو كنتُ قادرا على أن أكتفي بالنوم لساعة واحدة مثلا خلال اليوم الواحد لفعلتُ " , لأنني محتاج دوما إلى الوقت الزائد , ولأنني دوما أرى أن الواجبات الدينية وكذا الدنيوية أكثر بكثير من الأوقات المتاحة . أقول هذا الكلام للغير وأنا جاد كل الجد , وأنا أعي تماما ما أقول .
إن من أعظم نعم الله علي – مع كثرة سيئاتي التي أتمنى أن يسترها الله علي دنيا وآخرة - أنني ومنذ أكثر من 30 سنة ما عانيتُ ولو للحظة واحدة من الزمان مما يعاني منه الكثير من الناس , أي من وقت الفراغ الذي لا أجد ما أشتغل فيه . إن هذا لم يحصل لي أبدا من سنوات وسنوات . لم يمر علي يوم أو ساعة من النار أو الليل قلتُ فيها لنفسي أو لغيري " آه ! والله أنا لا أدري ما الذي أفعله , ومنه فأنا قلق" . لم يحصل هذا لي منذ حوالي 30 سنة مضت من عمري , وأتمنى أن لا يحصل لي هذا في المستقبل , أسأل الله لي - ولكل إخواني القراء – طولَ العمر وحسن العمل , وكذا الصوابَ والإخلاص في القول والعمل , آمين .
إنني أستغل جزء كبيرا من وقتي مع المطالعة الدينية والعامة وفي العلوم الفيزيائية وعلم النفس وفي السياسة وأخبار المسلمين في الجزائر والعالم و...ومع ممارسة الرقية الشرعية , ومع مساعدة الناس على حل مشاكلهم , ومع الدعوة الفردية إلى الإسلام , ومع التعليم والتربية بالثانوية , ومع تعليم أهلي دينهم , ومع الاهتمام بدراسة الأولاد , ومع قضاء حاجات الأسرة والزوجة والأولاد المادية , ومع الكتابة الدينية والتلخيص والبحوث , ومع ممارسة الرياضة أو الجري بين الحين والآخر , ومع نشر مواضيع دينية في مواقع ومنتديات إسلامية , ومع الصلاة والذكر والدعاء , ومع قراءة القرآن ومراجعته , ومع سماع الأناشيد الدينية , ومع ...
شغلُ كل وقت الفراغ عندي هو – كما قلتُ قبل قليل - نعمة عظيمة جدا , أنا أحمد الله عليها بالليل والنهار , وأرى أن شكري لله عليها هو نعمة أخرى تستحق بدورها أن أشكر الله عليها . وصدق الله العظيم حين قال
" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " .
الحمد لله الذي بنعمته تـتم الصالحاتُ , والحمد لله الذي يجب أن يُشكر في كل وقت ومع كل الأحوال .
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك . يا رب إذا أنعمتَ علينا فاجعلنا من الشاكرين وإذا ابتليتنا فاجعلنا من الصابرين , آمين .
204- ما أعظم أن يُـستغَـلَّ وقت الفراغ عندنا في الخير : أقول بين الحين والآخر للتلاميذ في الثانوية " هناك إجرام من نوع آخر غير الإجرام المعروف عند علماء الإسلام أو رجال القانون أو عند السياسيين أو الاقتصاديين أو الاجتماعيين أو عند علماء النفس أو ... ألا وهو قتل وقت الفراغ بدون أي ذنب ارتكبه هو في حقنا ". ومنه فإنني أنصح نفسي وأنصحهم دوما باستغلال وقت الفراغ فيما ينفع من أمور الدين والدنيا , وأقول لهم " لم لا تستغلون أوقاتكم فيما ينفع , بما فيها وقت الذهاب من الثانوية إلى البيت ومن البيت إلى الثانوية , وكذا وقت السفر القصير والطويل , وكذا أوقات الانتظار من أجل تحقيق مصلحة من المصالح ؟! . لم لا تستغلونها مثلا في مراجعة دروسكم بالثانوية مراجعة مهما كانت بسيطة , وكذا في مراجعة القرآن الكريم الذي تحفظونه ( إذا كنتم بعيدين عن أماكن الصخب والأماكن النجسة ) , وكذا في الذكر والدعاء و...؟!". " إنكم بذلك ستحققون لأنفسكم أكثر من فائدة منها الأجر الوفير عند الله , وكذا تعلم الدين والدنيا أكثر , وكذا السعادة الدنيوية , وكذا طرد القلق والوسواس والخوف و" الخلعة" و...".
ومنه فأنا أقول بأنني ومن زمان طويل لم أحس أبدا بالقلق الآتي من وقت الفراغ , لأن وقت الفراغ عندي مشغول دوما والحمد لله رب العالمين . وأذكر بالمناسبة أن هاتفا نقالا اشتريته مؤخرا ( فيفري 2008 م ) أراجع من خلاله القرآنَ ( مسموعا ومقروء ) وأسمعُ الأدعية والأذكار , وأسمعُ الأناشيد الدينية , هذا الجوال ساعدني أكثر على استغلال كل وقت الفراغ عندي . وأذكر كمثال بسيط عن استغلال وقت الفراغ فيما ينفع , ضمن أمثلة أخرى كثيرة جدا :
كنت منذ حوالي 3 أسابيع داخل مصلحة " Sonelgaz " ( مصلحة الكهرباء والغاز ) من أجل تسديد تكاليف فاتورة . ولأن المنتظرين كانوا كثيرين فإنني اضطررتُ للإنتظار حوالي 75 دقيقة . وأثناء الانتظار كنت أرى الضيقَ على وجوه أغلب من هم حولي , والتبرم , والقلق , وكذا ثورة الأعصاب و... بسبب أن القليل منهم له أشغال أخرى تنتظره , وبسبب أن الكثير منهم لا يستغلون وقت الانتظار فيما ينفع . قلتُ : كان الكثير ممن هم حولي قلقين , ولكنني كنتُ في المقابل أراجعُ القرآنَ بصوت منخفض (حتى لا أزعج من هم حولي من الناس ) , ومنه لقد كنتُ – أثناء الانتظار - في كامل الراحة والسعادة والطمأنينة بسبب من ذلك . لذا فإن ال 75 دقيقة مرت علي وكأنها دقائق قليلة فقط , ومرت علي بردا وسلاما والحمد لله . ووقع لي نفس الشيء بعد أيام قليلة فقط من الحادثة الأولى , وقع لي ذلك داخل مصلحة البريد وأنا أنتظر دوري من أجل استلام مرتبي الشهري , وكذا في مقر شركة نقل المسافرين وأنا أنتظر مجيء الحافلة من أجل سفر , وهكذا ... إنني أفرح كل الفرح عندما أستغل في الكثير من الأحيان وقت الذهاب إلى المسجد أو الرجوع منه وكذا وقت الذهاب إلى الثانوية أو الرجوع منها وكذا ... أستغله في مراجعة القرآن أو الذكر أو الدعاء أو ... ما أعظم أن يُـستغَـلَّ وقتُ الفراغ عندنا في الخير .
والله وحده أعلم بالصواب , وهو وحده الموفق والهادي لما فـيـه الخير .
205-" أعد الصلاة , لأنها باطلة " ! : في يوم من الأيام ( منذ حوالي 30 سنة ) كنت أصلي صلاة الظهر جماعة في مسجد من المساجد في ولاية ميلة ( بعيدا عن ميلة عاصمة الولاية التي أسكن فيها وأعمل فيها ) . وكان إمام ذلك المسجد يوجه – من أكثر من عام - رواد المسجد على خلاف أغلبية مساجد الوطن , أي على غير المذهب المالكي في الفقه , وهو المذهب السائد في المغرب العربي . وأنا هنا أحكي وقفة خاصة بي ولست هنا بصدد القول بأن موقف الإمام على صواب أو على خطأ . أنا فقط أؤكد على أن الإمام كان يفتي الناس ويقدم لهم الدروس الفقهية ويوجههم على غير المذهب المالكي . ومن المسائل الخلافية المعروفة في فقه الصلاة موضع تسليم المأموم خلف الإمام في نهاية الصلاة , حيث قال الإمام مالك بأن السلام مشروع من بعد انتهاء التسليمة الأولى , وذهب فقهاء آخرون إلى أن التسليم لا يشرع إلا بعد التسليمة الثانية للإمام , ولكل فريق من الفقهاء ( رضي الله عنهم ) أدلته القوية أو الضعيفة على ما يقول , والمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد , ولا يعلم المصيبَ إلا اللهُ تعالى.
صليتُ الظهرَ , وأنا لا أعرف حال رواد المسجد , وإلا – أي لو كنتُ أعرفُ أنهم لا يُسلَِّمون إلا بعد التسليمة الثانية للإمام – لتابعـتُـهم ولفعلتُ مثلما يفعلون , لأن الله لا يُـعذب فيما اختلف فيه الفقهاء . صليتُ الظهرَ , وفي نهاية الصلاة سلَّم الإمامُ وسلمتُ أنا بعد تسليمه الأول , وأما أغلب المصلين فلم يُـسلموا إلا بعد التسليمة الثانية كما علَّمهم الإمامُ . وبعد الصلاة مباشرة التفتَ إلي رجلٌ ( جاهلٌ , ولا ينتجُ التعصبُ إلا من الجهل ) وقال لي " أعد الصلاة يا بني " , قلتُ " لمَ يا أبتِ ؟!" , قال " لأنك سلمتَ مباشرة بعد السلام الأول من الإمام " !. أردتُ أن أفهمه بأن المسألة خلافيةٌ بين الفقهاء , لأن جمهور الفقهاء يقولون بأن التسليمة الأولى فرض والثانية سنة فقط , ومنه فإذا سلم المأموم قبل التسليم الثاني من الإمام , أو إذا قام المسبوق لإكمال صلاته مباشرة بعد التسليم الأول من الإمام , فإن صلاته صحيحة بإذن الله تعالى ( وقال آخرون بأن التسليمة الثانية لا بد منها ) . وقبل أن أواصل شرحي للخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة وأسبابه , بأسلوب سهل وبسيط يتناسب مع مستوى الرجل الظاهر عليه , قاطعني الرجل بطريقة غير مؤدبة ولا محترمة , قائلا " كفاك تفلسفا , أنا نصحتك حين أخبرتك بأن صلاتك باطلة , ثم بعد ذلك أنت وشأنك : تقبل النصيحةَ أو ترفضُها "!!! . قلتُ له " أسألُ الله يا أبتِ أن يُـعلمني الحق والصواب ". عندئذ تركتُ الرجلَ لجهله وسألتُ الله لي وله ولسائر المسلمين الهداية والعلم والإيمان .
206- الشيوعيون كانوا أرحم معي من بعض المتدينين المتعصبين : ناظرتُ الكثير من الشيوعيين في حياتي , ومنذ عام 1975 م ( حيث كنتُ طالبا في جامعة قسنطينة ) , وهم الآن بعد هداية الله لهم , يحترمونني جدا , والحمد لله رب العالمين . ناظرتُهم ولم يسبني واحدٌ منهم أبدا , ولكن البعض من إخوتي المتعصبين في بعض المنتديات أشبعوني سبا وشتما وسخرية واستهزاء وتنفيرا وتحذيرا , لأسباب ثانوية جدا من أهمها أنني أوسع صدري في المسائل الخلافية في الدين وهم لا يعرفون إلا ضيق الصدر والتشدد والتزمت والتطرف والتعصب لعلماء ودعاة إلى درجة قريبة من التقديس . وفي المقابل يتعصبون ضد علماء ودعاة آخرين إلى درجة اعتبارهم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى . أشبعني هؤلاء الإخوة سبا وشتما وكأنني أسوأ من فرعون " قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى". يسبونني ثم يطلبون مني أن أناقشهم في مسائل معينة من أجل أن يسبوني أكثر وأكثر . وأنا أقول لهم بين الحين والآخر " لا يمكن أن أتناقش معكم في شيء في ظل جو مثل هذا ( سب وسخرية وتحذير و ... ) , ومع ظلم فظيع يصدر من طرف ناس يعتبرون أنفسهم مجاهدين في سبيل الله ودعاة , ومن خلال منتدى إسلامي". كم في هذه الدنيا من عجائب وغرائب , وكما يقول المثل عندنا " عيش تشوف , وعيش تسمع".
207-" أريد أن تزوجني يا أبي على سنة رسول الله " !!! : مما هو معلوم من الدين بداهة أن زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره 25 سَـنة , هو سُـنة عادية وليست سُـنة تعبدية .
من مظاهر الجهل الزائد عند البعض من الشباب المتدين أن رجلا قال لي ( شاكيا ) من سنوات بأن إبنه المتعصب طلب منه أن يُـزوجه ( وهو مازال صغيرا نسبيا : عمره 25 سنة ) ( ومازال لم يجد شغلا بعد , وليس له ولا لأبيه مال يكفيه ليتزوج لا لينفق على زوجته وأولاده بعد الزواج ) .
قال الأب لابنه : ولكننا لا نستطيع يا بني , وأنت مازلت صغيرا , وما زلتَ لم تجد شغلا بعد !.
فأجاب الولد المتعصب : إنها سنة رسول الله يا أبي !.
- ما هي ؟
- من السنة أن يتزوج الرجل وعمره 25 سنة , لأن رسول الله تزوج وعمره 25 سنة !!!.
ابتسمتُ وقلتُ للأب " يا ليتك قلتَ لابنك عندئذ : إذن نزوجك يا بني بامرأة عمرها 40 سنة , وثيبا و..."!!!.
قال الأب " لقد قلتُ له ذلك , ولكنه لم يجبني بشيء ".
وشر البلية ما يضحك ويبكي , كما يقولون .
208 – " لا يمكن أن يرى الأستاذ عبد الحميد ابنتي العروس " :
كم عند الناس من تناقضات في حياتهم اليومية .
ومن ذلك تناقض بعض الرجال في تعاملهم مع المرأة , خاصة مع البنت . يوجد في مجتمعاتنا رجال لا يهتمون ببناتهم خارج البيت أو داخل البيت في الأحوال والأيام العادية , ومنه تجد الواحدَ منهم لا يراقب ابنته ولا ينصحها ولا يوجهها ولا يوقفها عند حدها إن تعدت حدا من حدود الله في أدب أو خلق أو حياء أو شرف أو عفة أو كرامة أو ... ومنه لا بأس عليها أن تخالط ذكورا أو رجالا وتصافحهم وتسلم عليهم وتتحدث معهم بما يصلح وما لا يصلح من الكلام , وربما تختلي بالواحد منهم وتفعل معه أو يفعل معها ما الله أعلم به , بلا حسيب ولا رقيب من أهلها وخاصة من أبيها . وتجد الواحد منهم لا يراقب ابنته ولا يحاسبها سواء خالطت الرجال بحلال أو بحرام , وسواء تم ذلك داخل البيت أو خارجه .
ولكنك تجد الرجل في المقابل وفي المناسبات الخاصة كالأعراس وغيرها مما يشبهها , تجده يتشدد مع ابنته التشدد الزائد حتى أنه يمكن أن يمنع ابنته من الحلال لا من أجل الله , ولكن مراعاة فقط لتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان . ومن هذا المنطلق يمكن أن يمنع الرجلُ مثلا خاطبا جاء يخطب ابنته على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وجاء يريد رؤيتها لبضع دقائق , في بيتها , وبحجابها , وفي وجود محارمها من الرجال . يمكن أن يمنع الرجلُ هذا الخاطبَ منعا باتا , ويرد على طلبه بعنف , ويزجره بقوة , ويكلمه بفظاظة وغلظة وكأنه طلب حراما أو أراد مستحيلا !!!.
وأذكر بالمناسبة أن أهل عريس طلبوني منذ سنوات لأرقي العروس في اليوم الموالي لدخول زوجها عليها . وعندما ذهبتُ إلى بيت العريس انتظرتُ طويلا حتى يُـدخلوني إلى حجرة معينة أرقي فيها العروس . انتظرتُ وبعد حوالي نصف ساعة جاءني العريسُ وبعضُ أهله من الرجال – محرجين - ليعتذروا إلي على اعتبار أن أب العريس قال لهم " لا يمكن أن يرى أيُّ رجل العروسَ . هذا مستحيل !!!". قلتُ لهم " بالنسبة إلي هذا يريحني كثيرا لأن الرقية أتعبتني ولأن ضغط الناس علي من أجل الرقية يزيدُ مع الأيام , وأنا أريد شفاءَ العروس وأفرحُ له سواء تم على يدي أو على يد غيري " , ثم أضفتُ قائلا " ولكنني في المقابل أتعجب من سلوك هذا الرجل ( أب العريس ) :
1- يا ليت الرجل ( أي رجل ) يتشدد مع ابنته – عموما – ليمنعها من الحرام شرعا , لا ليمنعها من الحلال
أو ليمنعها من أشياء مراعاة لعادات وتقاليد بالية .
2- أنا تعودتُ على أن النساء تطلبنني من أجل الرقية وأنا أتهرب ما استطعتُ من أجل التخفيف على نفسي.
وحتى الراقي في بعض الأحيان يطلبني من أجل أن أرقي زوجته أو ابنته أو أخته أو أمه ... مع أنه يمكن له هو أن يرقيها بنفسه . وعندما أقول له " لماذا تطلب مني أن أرقيها ؟!. ارقها أنتَ " , يقول لي " يا شيخ , هي التي طلبتكَ وألحت على طلبها , فلم أُردْ أن أرفضَ لها ما طلبت ".
3-أنا عندما أرقي المرأةَ , لن أرقيها إلا وهي بحجابها ( وربما بنقابها إن أرادتْ ذلك , وهذا الذي أتمناه منها ولها ) , وفي وجود زوجها أو أحد محارمها , ومنه فإن تحفظ أبِ العريس لا معنى له , وهو غير مقبول ولا مستساغ البتة من كل النواحي الشرعية أو العقلية أو المنطقية ".
فرد علي أهل العريس جميعا " والله يا شيخ , إن الحق كل الحق معك , وكل ما قلتَ صواب , ونحن معك 100 % في كل كلمة قلـتَـها , ولكن أب العريس غلـبـنـا " .
قلت لهم " لا عليكم !. سامحه الله , وشفى الله العروسَ وبارك الله للمتزوجين وجمع الله بينهما في خير" .
ثم استأذنت وانصرفتُ . وفي الغد اتصل بي أهلُ العريس من جديد , وقالوا لي " مشكلة العروس ما زالت قائمة ولم تُـحلَّ بعدُ , وأبُ العريس رضي أخيرا بأن ترقيها , وهو نفسه الآن يطلبك ويُـلح في الطلب من أجل أن ترقي العروس , فذهبتُ ورقيتُ العروس , في وجود زوجها , وشُـفـيـت مما كانت تعاني والحمد لله رب العالمين . 209 - هل المطلوب النجاح في الدراسة أم البحث عن زوج ؟! :
عندما تذهب الطالبة إلى الجامعة وترجع منها بعد سنوات بشهادة تعينها في مستقبل أيامها في البيت أو خارج البيت , فإنها تعود مشكورة من الله ومن العباد إذا عادت نظيفة طيبة طاهرة أدبا وخلقا ودينا . أما إذا أتت بشهادة جامعية لكن بعد أن خسرتِ العفة والحياء, فلا بارك الله لها في دراستها وفي الشهادة التي أتت بها .
ومن المضحك والمبكي في نفس الوقت أن تخبرني طالبة في يوم من الأيام - وهي تكاد تبكي - أن أهلها عوض أن يهنئوها في نهاية دراستها الجامعية بنجاحها في دراستها , عوض ذلك لاموها – هداهم الله - لأنها لم تأت من الجامعة معها بزوج المستقبل . هكذا قالوا لها ؟! نعم هكذا , وكأن الطالبة ذهبت إلى الجامعة للزنا أو على الأقل للزواج لا من أجل الدراسة . قلتُ لها " يا ليتَ فرصة تتاح لأكلمَ أهلك وأحذرَهم من مغبة ما يقولون ويفعلون مع ابنتهم , وأبين لهم بأن هذا السلوك منهم لا يدل أبدا على حب لابنتهم وإنما هو يدل على جهل فضيع بالدين وكذا على قلة غيرة على الشرف والعفة والكرامة والعياذ بالله تعالى ". صحيح أن أهلها متأثرون بنظرة الطبقات غير الجامعية السلبية إلى الطالبة الجامعية , لذا فإنهم يرون أن ابنتهم أو أختهم إذا لم تتزوج من خلال الجامعة وفي فترة الدراسة الجامعية قد لا تتزوج بعد ذلك أبدا . هذا سبب , لكن لا يجوز أبدا أن يكون عذرا مقبولا لهم من الناحية الشرعية أو حتى من ناحية العرف والعادات النظيفة .
حسبنا الله ونعم الوكيل , والله أعلم بالصواب .
210 – لم أصافحها فغضبت وقالت للتلاميذ ...! : في السنوات الأولى من بداية تدريسي للعلوم الفيزيائية بالثانوية ( أي منذ أكثر من 25 سنة خلت ) , دخلتُ إلى قاعة الأساتذة بثانوية من الثانويات فسلمتُ على الأساتذة جميعا ( ذكورا وإناثا ) وتوجهتُ للأساتذة الذكور من أجل مصافحتهم ( على اعتبار أنني ومن سنة 1975 م لا أصافح النساء بشكل عام , ولو كن عجائز ) , فجاءتني أستاذة من الأستاذات لتصافحني فحاولتُ أن أتحاشاها بأن أعطيها ظهري وأكتفي معها بالسلام من بعيد , ولكنها أصرت على الوصول إلي لمصافحتي ( وواضح أنها لم تكن تعرف بأنني لا أصافح النساء , وإلا لما اقتربت مني ) . مدت يدها إلي فاعتذرتُ إليها بأدب , وقلتُ لها " أنا – يا أستاذة – لا أصافح النساء " , ثم أضفتُ " كيف حالكم يا أستاذة ؟!. أنتم بخير إن شاء الله !".
لم تجبني الأستاذة وغضبت غضبا شديدا , وظهر الغضبُ بشكل واضح جدا على تقاسيم وجهها , وانسلت من بين الأساتذة والأستاذات لتخرج من قاعة الأساتذة , وهي عازمة على الانتقام .
في الأيام القليلة القادمة عرفتُ كيف أرادت الأستاذةُ الانتقامَ مني . كانت تُـدرِّس قسما من الأقسام كنتُ أُدرِّسُهُ أنا كذلك . سألتْ تلميذاتِـه علانية وأمام كل تلاميذ القسم " ما الذي يقول لكم الأستاذ رميته خارج برنامج الفيزياء والكيمياء ؟! " , فأجبنها " هو ينصحنا باستمرار – فضلا عن الاجتهاد في الدراسة – بالستر والحجاب , وهو يحثنا على الدوام على البعد عن الاختلاط بالذكور إلا عند الضرورة , وعلى ترك الماكياج والعطور خارج البيت , وعلى تجنب اللباس الضيق والمفتوح والشفاف والقصير خارج البيت , وعلى عدم القهقهة ورفع الصوت أمام الرجال , وعلى الأدب والخلق والحياء بشكل عام , على اعتبار أن رأسمال كل امرأة هو حياؤها وعلى ...". قالت الأستاذة للتلميذات " لا تسمعن للأستاذ ولا لهذه النصائح , إنه يغلِّـطـُكــنَّ . ليس لكن إلا حياة دنيا واحدة , ومنه يجب أن تستمتعن بها أقصى استمتاع : البسن ما يعجبكنَّ , وتزينَّ كما أحببتنَّ , واختلطن بالذكور كما شئتنَّ , وتكلمن واضحكن مع الغير كما يفعل الغيرُ معكن , واعلمن أنه لا فرق أبدا بينكن وبين الرجال في شيء !!!". والذي أؤكد عليه هنا هو أن التلميذات كن يُـحببني ويستمعن لنصائحي وينتظرنها مني بفارغ الصبر , ولكنهن ازددنَ حرصا على سماع هذه النصائح بعد أن قالت لهن الأستاذةُ ما قالت , لأنهن اقتنعن أكثر بأنني أنصحهن نصيحة الأب لبناته , وأما الأستاذة فإنهن عرفن أنها لم ترد لهن الخير لا من قريب ولا من بعيد .
إن الحق يبقى حقا إلى يوم القيامة , مهما ابتعد الناس عنه وزهدوا في الدعوة إليه .
وإن الباطل يبقى باطلا إلى يوم القيامة مهما انغمس الناس فيه وبالغوا في الدعوة إليه .
ملاحظة : الأستاذة اليوم – والحمد لله – متقاعدة , وأنا فرحٌ جدا لأنني لاحظتُ عليها مؤخرا بأنها لبست الحجاب , ورجعت إلى الدين بقوة , والحمد لله رب العالمين .أسأل الله الهداية لي ولهذه الأستاذة ولكل قراء هذه الوقفة . وفقني الله وإياكم لكل خير .

وقفات ( من 191 إلى 200 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
.
191-عن تعلق المرأة الزائد بالأحلام : في يوم من الأيام اتصل بي أخ من الإخوة في الإسلام يقول لي :
- أختي ( عمرها 35 سنة ) رأت بالأمس في منامها بأنها ستتزوج برجل عمره 60 سنة .
قلتُ له : وماذا بعدُ ؟!
- واليوم , وبعد صلاة العصر دق بالفعل باب بيتنا رجل عمره 60 سنة , جاء يطلب أختي للزواج .
- ثم ماذا ؟! .
- انقسم أفراد الأسرة بين موافق على هذا الزواج , على اعتبار أن ما رأته أختي رؤيا صالحة ويجب أن تنفذ وإلا فهي تخاف على نفسها من العواقب السيئة , ومعارض على أساس أن الرجل أكبر من أختي بكثير .
- ثم ؟!
- أختي طلبت منا في النهاية أن نتصل بك أنت يا شيخ , من أجل أن تفصل بيننا وتعطينا رأيك في الموضوع : هل نوافق على خطبتها والزواج منها لهذا الرجل " الشيخ " أم أن الأفضل لنا أن نرفض ذلك ؟!.
قلتُ له : أخي الكريم :
1- أشكركم جميعا – ومعكم أختك – على ثقتكم في .
2- ليس هناك أي دليل قطعي على أن ما رأته أختك في المنام , هو بالفعل رؤيا صالحة .
3- ثم إن الأصل – بعد ذلك وقبل ذلك - فيما يراه النائم أنه على أقسام :
· إن رأى بأنه سيفعل واجبا دينيا : فعله استجابة لأمر الله لا استجابة للرؤيا , كمن رأى غيره يطلب منه في المنام بأن يؤدي الصلاة في وقتها .
· إن رأى بأنه سيفعل حراما شرعا : وجب ألا يفعله لأن ذلك حرام – كشرب الخمر مثلا - , ولأنه لا طاعة لمخلوق أو لمنام في معصية الله تعالى .
· إن رأى بأنه سيفعل مباحا أو جائزا كأن يأكل كذا أو يشرب كذا أو ... يسافر إلى كذا أو يتزوج بفلان أو علان أو ...
4- المرأة متعلقة - بشكل عام - كثيرا إلى درجة المبالغة بالأحلام والرؤى .
5- رؤيا الأنبياء فقط هي التي تعتبر حقا خالصا لأنها وحي من الله , وأما رؤيا غير الأنبياء فيمكن أن يُعمل بها أو يُـهتم بها , كما يمكن أن تُتجاهلَ ولا يعطى لها أي اهتمام .
6- كون الأخت رأت شيئا في المنام بالأمس ثم تحقق اليوم , هذا ليس دليلا ولا حجة ولا برهانا على أن ما رأته حق يجب تنفيذه .
7- توافق أختك على الزواج بهذا الرجل أو لا توافق , كل ذلك جائزٌ ومباح من الناحية الشرعية , ولكن مطلوب منا أن نبحث لها عما هو أفضل لها دينا ودنيا .
8- أنا أخي الحبيب لو كانت أختُـك أختي أو ابنتي , أو لو كانت لي عليها سلطة لما قبلتُ منها ولا لها هذا الزواج مهما كان الزوجُ صاحبَ دين ومال وقوة وسلطان . إن من أهم ما يلزم توفره في الزوج حتى تسعد المرأةُ بزواجها منه هو الكفاءة في السن , وذلك بأن يكون الرجلُ أكبر منها ب 5 أو 10 سنوات أو حتى 12 أو 13 أو 14 أو حتى 15 سنة . وأما أن يكون الفارقُ في السن بين المرأة والرجل 25 سنة فهذا الذي لا أقبله ولا أستسيغه أبدا . من الصعب جدا أن تسعدَ امرأةٌ بزواجها من رجل في عمر أبيها : من الصعب أن تسعد معه نفسيا أو جنسيا أو شعوريا ووجدانيا و...
والله أعلم بالصواب وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .
192- تشدد مقصود في عدم أخذ الأجرة عن الرقية : لقد قلتُ في أكثر من مناسبة بأن بعض العلماء قالوا : يجوز أخذ الأجرة على الرقية بإطلاق , وقال آخرون : يجوز ذلك بشرط تحقق الشفاء , وقال فريق ثالث بقول ثالث . ولكن الكل متفق على أن عدم أخذ الأجرة أفضل وأحسن وأنفع من وجوه عدة منها أن أجر الراقي عند الله سيكون أوفر , ومنها أن بركة الرقية ستكون بإذن الله أكبر , ومنها أن قيمة الشخص عند الناس ستكون أعظم . ومنه فلقد رقيتُ حتى الآن ربما أكثر من 14 ألفا من الأشخاص ( خلال 23 سنة ) وما أخذتُ حتى الآن ولو سنتيما واحدا من مريض أبدا أبدا أبدا . لا أقبل أبدا أن يُعطى المبلغُ لي أو لأحد من أهلي , كما لا أقبل أبدا أن يعطى المبلغُ نقدا أو بما يُـعوضُ النقدَ . ولا ننسى أن " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق" , وأن " القناعة كنز لا يفنى " , وأنه إذا أردتَ أن يحبك الله ثم الناس فازهد ما استطعتَ فيما في أيدي الناس , و...
ومن قصص تشددي مع المرضى في هذه المسألة بالذات , حتى أُفهمَهم وأُفهمَ من خلفهم بأنني لا أقبل أبدا أن آخذ ولو سنتيما واحدا على الرقية الشرعية ما يلي :
جاءني منذ أكثر من 10 سنوات رجل من ولاية ميلة , جاءني بابنته ذات ال 5 أو 6 سنوات من عمرها , من أجل أن أرقيها . وعندما انتهيتُ من الرقية ( في بيتي ) خرجتُ معه من إحدى الحجرات نحو خارج الدار . وكان الرجل يسير أمامي , وأنا خلفه أمسك بالبنت وأقودها معي خلف أبيها . وعندما خرج هو أمام الباب وقفتُ أنا داخل الدار وقلتُ له وأنا ما زلتُ ممسكا بيد ابنته , أي ما زلتُ لم أترك يدها بعدُ " أسأل الله الشفاء العاجل لابنتك , وأن يطيل الله عمرها ويحسن عملها ويجعلها من إماء الله الصالحات . لا تنس أن تتصل بي في الأيام المقبلة من أجل إخباري بحالتها الصحية . رافقتكما السلامة . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . تفوهتُ بهذه الكلمات وأردتُ أن أطلق ابنته من يدي . ولكن قبل ذلك وجدتهُ أخذ من جيبه حوالي 40 ألف سنتيما ووضعها في جيب معطفي ( كأجر على الرقية بطبيعة الحال ) . قلتُ له " خذ أمانتك , واعلم أنني لم آخذ أجرا على الرقية في حياتي , ولن آخذ أجرا بإذن الله " , قال " لا يا شيخ ! , بل ستأخذها , هي حقك أو أقل من حقك , وإلا فاعتبرها هدية مني إليك ". قلتُ له عندئذ كلمة أنا أعرف الآن أنها تشدد زائد , ولكنني أعتبر نفسي معذورا على هذا التشدد لأن كل تعصب يولد تعصبا مضادا , ومنه فإن تعصب الكثير الكثير من الرقاة في أخذ الأجرة والمبالغة في ذلك وكذا الكذب على الناس من أجل سرقة أموال المرضى وأكلها بالباطل ( باسم أن أخذ الأجرة جائز في الدين ) , هذا التعصب ولَّـد عندي تعصبا مضادا وتشددا مبالغا فيه من أجل عدم أخذ الأجرة من مريض أبدا أبدا ( مع أنني رقيتُ حتى الآن آلافا وآلافا من الأشخاص ) . ولكن قبل ذلك ومع ذلك وبعد ذلك , أسأل الله أن يكون هذا التشدد صوابا خالصا لوجهه الكريم .
هذا مع ملاحظتين :
1- أن تشددي حتى وإن اعتبر خطأ فهو ليس خطيئة , والفرق شاسع بين الخطإ والخطيئة .
2- هذا تعصب فرضتُـه على نفسي , ولكنني لم أفرضه على غيري .
ما زلتُ لم أكمل القصة بعدُ . قلتُ للرجل بعد أن وضع الأجرة في جيب معطفي " والله إن لم تأخذ المال الذي وضعته في جيبي , فإن ابنتك لن تخرج من بيتي " !!!. نظر إلي بوجه مصفر وعرف بأنني لستُ مثل المشعوذين ولا مثل الكثير من الرقاة السارقين والكاذبين . مد يده إلى جيبي فأخذ المبلغ , ثم تهللت أسارير وجهه وابتسم وقال لي " يا أستاذ , أنا أعتذر إليك عن الإزعاج . قصدي كان طيـبا , الحمد لله على أنه ما زال في هذه الدنيا خير . بارك الله فيك ونفع الله بك ". أطلقتُ عندئذ ابنته من يدي , فأخذها وانصرفَ .
والحمد لله رب العالمين . نسأل الله أن يرزقنا الصواب والإخلاص والقناعة والرضا , آمين .
193- من ذكرياتي السيئة " عن الصلاة جماعة في المسجد " : من المعروف بداهة في عقيدتنا الإسلامية أن الإيمان يزيد وينقص , ولو بقينا باستمرار وعلى الدوام وطيلة حياتنا الدنيا على درجة واحدة من الإيمان لصافحتنا الملائكة . شكا
حنـظلة إلى أبي بكر الصديق قال : نافق حنظلة ، قال : ما هو ؟ قال : نكون مع رسول الله فكأن على رءوسنا الطير ، ثم نخرج ونعافس النساء والأموال وننسى ، قال : وأنا كذلك ، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ! إننا نكون معك على حال فإذا خرجنا ورجعنا إلى الضيعات والأولاد والنساء تغيرت أحوالنا ، قال : لو بقيتم في بيوتكم وفي الشوارع كما كنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات ، ولكن ساعة وساعة ) . ومن علامات ضعف الإيمان التهاون مع المستحبات أو فعل المحرمات .
ومع ضعف الإيمان الذي يعترينا بين الحين والآخر , فنحن نسأل دوما لأنفسنا ولغيرنا من المسلمين والمؤمنين أن تكون قوة الإيمان عندنا هي الغالبة , وأن تكون كثرة الطاعة هي المسيطرة , وأن تكون في النهاية حسناتنا أكثر من سيئاتنا وأن نكون من أهل الجنة يوم القيامة .
مرت علي - منذ مدة – فـترة من الفترات قضيتُ فيها أكثر من شهرين وأنا أصلي أغلبَ الصلوات الخمس في البيت ( عوض أن أصليها جماعة بالمسجد ) , تارة جماعة مع أهل بيتي من النساء ومعهن ابني الصغير ( ما زال لم يبلغ بعد ) , وتارة أخرى أصليها لوحدي فذا .
ملاحظة : اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجماعة للرجال في المسجد على أقوال :
الأول : قال أحمد بن حنبل : إنها فرْض عَيْنٍ على كل قادر عليها ، وذهب إلى ذلك عطاء والأوزاعي وأبو ثور، ومن أهل الحديث ابن خزيمة ، وابن حبان ، كما ذهب إليه الظاهرية الذين يَأخذون بظاهر النصوص . ولهؤلاء أدلتهم المحترمة على ما يقولون , سواء كانت قوية أو ضعيفة . الثاني : قال مالك وأبو حنيفة وكثير من الشافعية : إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة .
الثالث : قاله الشافعي في أحد قوليه وجمهور المتقدمين من أصحابه وكثير من المالكية والحنفية . قالوا : إن صلاة الجماعة فرض كفاية ، يجب على أهل كل محلة أن يقيموها ، وإذا أقامها بعضه سقط الطلب عن الباقين ، وكانت في حقهم سنة , وذلك لإظهار شعيرة الإسلام بإجابة المؤذن وإقامة الصلاة .
قلتُ : كنتُ لأكثر من شهرين أصلي أغلب صلواتي في البيت عوض أن أصليها جماعة بالمسجد .
فعلتُ ذلك لسببين إثنين :
الأول : تكاسل وتهاون و ... بسبب ضعف إيمان . وهذا سبب أساسي للأسف الشديد .
الثاني : بُـعد المسجد عن البيت . وهذا سبب ثانوي , لأن المسافة بين البيت والمسجد لم تكن كبيرة بالقدر الذي يُـعذرُ معه الشخصُ شرعا عن تخلفه عن صلاة الجماعة بالمسجد .
وفي يوم من الأيام انتبهتُ من غفلتي ومن سباتي ومن تهاوني ومن تكاسلي ومن قلة شعوري بالمسؤولية . والذي نبهني أمران :
الأول بالتدريج : وذلك لأنني بدأتُ أُحس مع الأيام بالحرج بيني وبين نفسي , لأنني وجدتُ نفسي ( فضلا عن التقصير في طاعة الله تعالى ) أصلي مع النساء في البيت ( إماما أو فذا ) أكثر مما أصلي مع الرجال في المسجد. وفي هذا من الحرج ما فيه من نواحي عدة على رأسها الناحية الشرعية .
الثاني فجأة : وذلك عندما كنتُ أريد أن أُنصِّب برنامجا لأوقات الصلاة على الكمبيوتر بالبيت أو على جوالي الخاص , علَّـق شخصٌ ( من أهلي ) تعليقا بسيطا جدا ومؤلما جدا , حتى وإن كان قصدُه من وراء ذلك حسنا لأنه كان يريد أن ينصحني بطريقة غير مباشرة . قال هذا الشخصُ " ما حاجة الأستاذ رميته لهذا البرنامج وهو لا يكاد يصلي بالمسجد مع الجماعة إلا صلاتين فقط تقريبا خلال 24 ساعة "!!!.
وعندما سمعتُ هذه الكلمة نزلت علي كأنها نار أو خنجر أو ماء بارد أو ماء ساخن أو ... ولكن في كل الأحوال فإن هذه الكلمة نبهتني وأيقظتني من سباتي ومن غفلتي , وكانت سببا في رجوعي القوي إلى المسجد من جديد حتى أرجع إلى ما كنتُ عليه من قبل أو إلى أحسن وأفضل من ذلك .
آلمتني الكلمة ولكنني مع ذلك قبلـتُـها واستفدتُ منها :
· آلمتني لأنها حقيقةٌ , وليس هناك ما يجرح مثل الحقيقةُ .
· وقبلـتُها مع ذلك لأن نيةَ صاحبها طيبة ومباركة , ولأن في العمل بهذه النصيحة خيري بإذن الله تعالى في الدنيا وفي الآخرة .
ومما أردتُ أن أنبه إليه من خلال هذه الوقفة :
1- بيان أهمية صلاة الجماعة في المسجد . 2- أهمية قبول النصيحة من الغير مهما كانت ثقيلة .
3- الإيمان يزيد وينقص , ونتمنى أن تكون الزيادة لنا جميعا أكثر من النقصان . 4- العيب ليس في الخطأ أو في المعصية , وإنما العيب في التمادي والإصرار على ذلك . 5-كل واحد منا له حسنات , ولكن كل واحد منا له عيوب كذلك , ولا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .هذه المعاني وغيرها هي التي أحببتُ أن أنبه إليها هنا .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك , آمين .
194- ما أبعد الفرق بين تلاميذ أيام زمان وتلاميذ هذا الزمان ! : كما أن الصلاح يزداد في مجتمعاتنا فإن الفساد يزداد كذلك . ومع إيماني وعلمي ويقيني بأن المستقبل لهذا الدين وأن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى يوم القيامة ولكن الكلمة الأخيرة ستكون للحق بإذن الله تعالى . مع إيماني بذلك فإنني أعلم من جهة أخرى بأن وقت النصر مجهول الله وحده أعلم به , وكذلك على يد من يتم النصر في النهاية ؟ الله وحده أعلم بذلك .
ومنه فإنني أرى في الكثير من الأحيان ما يطمئنني إلى أننا في وقت دعاة الشر فيه أكثر من دعاة الخير , هم أكثر أو هم أقوى . لذلك فإنني أرى أن مستوى التربية والتعليم في بلادنا ( الجزائر ) متجه من الحسن إلى السيء أو من السيء إلى الأسوأ . ومن علامات ذلك حرص تلاميذ زمان على الدراسة وعدم اهتمام تلاميذ اليوم بهذه الدراسة.
هذا مع ملاحظتين أساسيتين :
1-أنا أتحدث عن الأغلبية بطبيعة الحال ولا أتحدث عن كل التلاميذ , لأنه يوجد في كل جيل تلاميذ
ممتازون وجيدون أدبا وخلقا واجتهادا وتربية وتعليما و...
2-فرق بين جيل سابق وهذا الجيل , وأنا أرى – للأسف الشديد – الفرق لا بين 10 سنوات
سابقة واليوم , وإنما أنا ألاحظ الفرق حتى بين تلاميذ العام الماضي وتلاميذ هذه السنة , الفرق المتجه من الحسن إلى السيء أو من السيء إلى الأسوأ .
أنا لا أخرج التلاميذ من القسم كعقوبة إلا نادرا . وفي يوم من الأيام منذ 3 سنوات أخرجت مجموعة من التلاميذ من القسم كعقوبة لأنهم لم يؤدوا واجبا منزليا . أخرجتهم من القسم على الساعة ال 10 صباحا , وطلبتُ منهم أن يتركوا أدواتهم في القاعة حتى نهاية الحصة ( على الساعة 12 ) , وقلتُ لهم " ستحرمون من حضور الدرس لمدة ساعتين ", فقالت لي إحدى التلميذات المعاقَبات متوسلة , قالت نيابة عن أغلبية زملائها
" ساعتان !. هذا كثير يا أستاذ !". , فقلتُ لها " اخرجي ! قلتُ لكم : لن ترجعوا إلى الحصة إلا على الساعة 12 !", فخرجت التلميذةُ من القاعة وهي تكاد تبكي حسرة على فوات الحضور لساعتين من العلوم الفيزيائية خاصة مع أستاذ تحبه هي وأغلب زملاؤها . أكملتُ الدرس مع بقية تلاميذ القسم , وبقي أغلب التلاميذ المعاقبون أمام القاعة (لم أرسلهم إلى الإدارة ) ساكتين ومنصتين ينظرون إلي من خلال زجاج النوافذ وأنا أقدم الدرس ليستمتعوا ولو بالنظر إلى الإشارت حتى ولو لم يسمعوا كلماتي . وبقوا ينظرون إلي بهذه الطريقة على أمل أن أشفق عليهم وأُرجعهم إلى القسم قبل انتهاء مدة العقوبة التي هي " ساعتان" . وبالفعل عندما دق جرسُ الحادية عشرة , طلبتُ من تلميذ أن يخرج إليهم ليطلبَ منهم الدخول , حيث تابعوا مع زملائهم الدرس وهم فرحون جدا ومسرورون جدا ونادمون جدا على سوء ما فعلوا وعازمون على أن لا يُـقصِّروا في أداء واجب منزلي مرة أخرى حتى لا تتكرر معاقبتهم بحرمان من الحضور للدرس : حرمان يجدون صعوبة في الصبر عليه . وفي نهاية الحصة جاءتني التلميذة وتحدثت إلي راجية ومتوسلة " يا أستاذ رجاء ثم رجاء , لقد بالغت في معاقبتنا . نحن نتمنى منك مرة أخرى ( إن قصرنا ونـتمنى أن لا نُـقصر ) أن تعاقبنا بالطريقة التي تشاء , ولو بالضرب الشديد ( مجرد الضرب ممنوع قانونيا في بلادنا ) , ولكن رجاء لا تحرمـنا من الحضور إلى درسك ولو لساعة من الزمان . ومع ذلك نحن نشكرك على أن خففتَ علينا العقوبةَ , وكذلك نحن نعدك أن نتجنب أي تقصير في المستقبل ما استطعنا !!!".
هذا الحال منذ 3 سنوات فقط , وأما حال الكثير من تلاميذنا اليوم فحدث عنه ولا حرج . إن الكثير منهم – حاشا من لا يستحق ذلك منهم بطبيعة الحال – من أغلى أمنياتهم أن يغيب الأستاذ أو أن يطرأ طارئ يجعل حصة من حصص الدراسة لديهم تتعطل . وأما أن يعاقبَ الأستاذُ التلميذَ فيُخرجه من القسم , فإن التلميذَ يكاد يشكر الأستاذ على ذلك , لأنه خلصه من الحضور للدرس وأتاح له فرصة لاستنشاق الهواء الطلق أو لبعض التجول أو للعب بواسطة الهاتف النقال أو للالتقاء بتلميذ آخر في ساحة الثانوية ليتجاذبا أطراف الحديث أو ... وأما عن ذهابه إلى الإدارة فهو لا يخافه لأن الإدارة هي التي أصبحت تخاف من التلميذ بعد أن كان التلميذ هو الذي يهابُها . وأما أن يأتي التلميذُ بورقة تسمح له بالدخول إلى القسم بعد الغياب فهذا عند التلميذ أصبح أمرا أسهل من شربة ماء , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
اللهم حسن أحوالنا وأحوال التربية والتعليم في بلادنا آمين .
195- لم أمتلك في حياتي مبلغا أكثر من 5 ملايين سنتيما ! : مع ظروف الأستاذ المادية المتدهورة في بلادنا ( الجزائر ) , ومع كوني لا أملك موردا ماليا إضافيا من غيري راتبي الشهري المتواضع جدا . ومنه فإنني أقول كلمة عن نفسي يكاد لا يصدقها من يسمعها مني . إنني لم أمتلك مبلغا في حياتي دفعة واحدة أكثر من 5 ملايين سنـتيما , أي أكثر من راتب شهرين تقريبا ( 2008 م ) لأستاذ مرسم وعمل ل10 سنوات أو أكثر في قطاع التعليم وله بعض الأولاد . قلتُ : لم أمتلك في حياتي كلها دفعة واحدة , لم أمتلك أكثر من 5 ملايين سنـتيما ولو لمرة واحدة . هذا مع أنني أستاذ تعليم ثانوي لمدة 30 سنة تقريبا . قلتُ : لم أمتلك دفعة واحدة مبلغا أكبر من 5 ملايين من السنـتيمات , مع أن أغلب زملائي في الثانوي ( إن لم أقل كلهم ) , وكذا أغلب جيراني وأقاربي وأصدقائي و ... امتلكوا هذا المبلغ وأكبر منه بكثير , امتلكوه في حياتهم مرات ومرات .
وأنا لا أتحدث عن هذه المسألة أبدا من أجل الاعتراض على قضاء الله تعالى , بل إنني أقول دوما " الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله , اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك , الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , اللهم إذا أنعمتَ علينا فاجعلنا من الشاكرين وإذا ابتليتنا فاجعلنا من الصابرين ". وإنما أنا أتحدث عنها لأنبه إلى جملة مسائل ودروس وعبر مهمة في حياتنا اليومية منها :
1- فضلُ الله يؤتيه لمن يشاء , والله يسألُ عباده عما يفعلون , ولكنه هو سبحانه وتعالى لا يُسألُ عما يفعلُ .
2- الدنيا ( مال ومتاع وديار ونساء وسيارات و...) يعطيها الله لمن يحب ولمن لا يحبُّ , ولكن الآخرة , ومعها سعادة الدنيا فإن الله لا يعطيها إلا لمن يحبُّ .
3- وإن كان الفقر يكاد يكون كفرا , ولكن – ومع ذلك – فإن الغنى الحقيقي هو غنى النفس لا غنى المال , ومنه فإنني أحس وفي الكثير من الأحيان ( بل في أغلب الأحيان ) بأنني أسعد بكثير ممن هو أغنى مني مالا وأكثر مني متاعا بسبب الإيمان أولا ثم القناعة والرضا ثانيا . ولا يسعدُ صاحبُ المال الكثير أكثر مني إلا إن كان أكثر مني طاعة لله وأكثر قربا منه سبحانه عزوجل .
4- التنافس على الدنيا الحلال جائز , ولكن الأولى منه والأفضل والأنفع والأطيب والأحسن هو التنافس على طلب الآخرة والجنة .
والله وحده أعلم بالصواب .
196- فرحتُ به فرحا شديدا : لكل واحد منا لحظات وأوقات جميلة جدا عاشها في حياته . ومن أحسن اللحظات التي عشـتُـها في حياتي والتي فرحتُ بها كثيرا , اليوم الذي اشتريتُ فيه هاتفا نقالا ( يحتوي على ذاكرة سعتها 1 جيغا ) يسمحُ بتحميل القرآن الكريم كله مسموعا , وكذا بتحميل المصحف أو القرآن الكريم مقروء . اشتريتُ هذا الهاتف ( في الأسبوع الأول من شهر فيفري 2008 م ) وحملتُ فيه المصحف المرتل والمقروء وبدأتُ استعماله من أجل مساعدتي على مراجعة القرآن الكريم الذي أحفظه منذ عام 1983 م . فرحتُ به فرحا كبيرا جدا لسبب واحد وأساسي هو أنه يساعدني على مراجعة القرآن الكريم أينما كنتُ , ويساعدني على استغلال كل أو جل أوقات الفراغ عندي , خاصة منها أوقات الفراغ المفروضة علي فرضا أو الإجبارية :
* مثل وقت الذهاب إلى المسجد أو الرجوع منه .
* أو وقت الذهاب إلى أماكن معينة لقضاء حاجات معينة .
* أو وقت الانتظار في إدارة من الإدارات أو شركة من الشركات أو مصنع من المصانع .
* أو وقت الفراغ عندي في الثانوية التي أعمل بها .
* أو وقت السفر القصير أو الطويل .
أو …الخ …
وبسبب ظروفي المادية الصعبة كأي أستاذ في الجزائر , فإن سعر الهاتف كان غاليا بالنسبة إلي . ومع ذلك فإن سبب شرائي له ( من أجل القرآن ) جعل زوجتي وأولادي يفرحون معي بهذا الهاتف ويهنئونني عليه , وهذا مما زاد من فرحتي أو مما خفف علي من وطأة سعره المرتفع .
لقد فرحتُ بهذا الهاتف النقال فرحا شديدا , وأنا أسأل الله أن يحقق لي به المقصودَ وأن يجعلنا جميعا من أهل القرآن , كما أسأله تعالى أن يجعله زيادة لي في كل خير ونقصانا لي من كل شر , آمين .
وقبل أن أختمَ , أنبه إلى بعض الملاحظات المتعلقة بهذه الوقفة من ذكرياتي الخاصة :
1- التعلق بالدنيا ( المتوسط لا المبالغ فيه ) أمرٌ لا بد منه لنا , من أجل أن نسعد ونرتاح في حياتنا الدنيا ومن أجل أن نعبد الله في جو طيب ومبارك . ولا يحس بهذا النعمة مثل الذي فقدها .
2- ليس الصغار فقط ولا الكفار فقط هم الذين يفرحون بالدنيا , بل كل إنسان خلقه الله مفطورا على حب الدنيا .
3- الفرق بين حب المؤمن للدنيا وحب الكافر لها , هو أن الكفار " يتمعون وياكلون كما تاكل الانعام , والنار مثوى لهم " , وأما المؤمن فشعاره " ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة , ولا تنس نصيبك من الدنيا , وأحسن كما أحسن الله إليك , ولا تبغ الفساد في الأرض " .
4- ما يُـفرحني أنا – من متاع الدنيا - قد يكون بالنسبة إليك أمرا عاديا , وما يفرحك أنتَ – من متاع الدنيا - قد يكون أمرا عاديا بالنسبة إلي , أي أن الذي يُـفرح من الدنيا أمرٌ نسبي . وأما ما تعلق بالآخرة فيجب أن نفرح به جميعا حتى وإن تفاوتت درجة الفرحة من شخص لآخر .
5- ما أبعد الفرق بين أن نفرح لنيل دنيا (حتى وإن كانت الدنيا حلالا , وحتى وإن كانت الفرحةُ حلالا ) , وأن نفرح لنيل آخرة . إن الفرحة الثانية أعظم وأكبر بكثير من الأولى . إن الأولى تنتهي ثمرتها في الحين , وأما الثانية فإن ثمرتها الطيبة تبقى بإذن الله إلى الأبد .
ومنه ما أبعد الفرق بين أن تفرح لحصولك على هاتف جوال من أجل الترفيه ليس إلا حتى وإن كان الترفيه حلالا , وبين أن تفرح به لأنه سيقربك بإذن الله من الله تعالى . وأما فرحتك بالجوال لأنه يساعدك على المعصية بالتفرج على صور عورات نساء أو سماع أغاني خليعة أو … فتلك مصيبة المصائب والعياذ بالله تعالى .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة آمين .
197- " كأنها شهادة دكتوراه " : من عجائب التعليم والمعلمين في بلادنا أن المربي والمعلم والأستاذ والولي يغش أحيانا في الامتحانات التي هو يعمل باستمرار من أجل أن يُـفهم الناس بأن الغش فيها حرام شرعا وممنوع قانونا . ومن المضحكات والمبكيات التي مرت بي في حياتي الماضية , أنني كنتُ أحرس في بداية هذه السنة الدراسية ( 2007/2008 م ) المترشحين للفوز بإدارة متوسطات أو إكماليات , أي كنتُ أحرس أساتذة المتوسط الذين يترشحون من أجل أن يصبحوا مديرين في متوسطات. وأثناء الحراسة في امتحان مادة الفرنسية حاول أغلب أفراد الفوج الذي كنتُ أحرسه , حاولوا أن يغشوا بأكثر من طريقة فمنعتهم بشدة وحزم . قال لي بعضهم " يا أستاذ إسمح لنا بسؤال واحد من أجل معرفة معنى كلمة واحدة !" , قلتُ لهم " لن أسمح لا بمعرفة معنى كلمة ولا نصف كلمة !". قالوا " يا أستاذ : تعاونوا على البر والتقوى " !. قلتُ لهم " بل هذا تعاون على الإثم والعدوان ". حاولوا ثم حاولوا فلم أسمح لهم بشيء , فرفع عندئذ أحدُهم صوتَـه لائما ومحتجا ومعترضا
" والله يا أستاذ كأن هذا الإمتحان هو من أجل نيل شهادة الدكتوراه "!!!. وكم هي مضحكة هذه الكلمة خاصة عندما تصدر من مربي ومسؤول وولي وأستاذ , ولكنه ضحك كالبكاء !.
وصدق من قال " هَـمْ يْـضحَّـكْ وهَـمْ يْـبَـكِّـي "!!!.
198- " لعنة الله عليك " 3 مرات : من المعروف بداهة في ديننا أنه لا يجوز للمسلم أبدا أن يلعن أخاه المسلم المعين , لا يجوز له ذلك أبدا مهما أخطأ الأخُ الآخر أو عصى , أو مهما كان الآخرُ فاسقا أو فاجرا أو ... لا يجوز للمسلم أن يلعن آخرَ معينا ما دام مسلما . وحتى الكافرُ فالأولى أن لا يُـلعن إلا إن تأكدنا 100 % بأنه مات على الكفر الذي لا شك في أنه كفر . يجوز أن نقول لعنة الله على الظالمين , ولكن لا يجوز أن نلعن مسلما بعينه مهما كان ظالما , ونفس الشيء يُـقال عن السارق والكاذب والخائن وشارب الخمر والزاني والغش و ... عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : جاء نقلا عن شبكة أنا المسلم :
[ ” ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء ”. من سب مسلماً فقد فسق لقوله صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " ( متفق عليه) . ومن لعن مسلماً فكأنما قتله لقوله صلى الله عليه وسلم " ومن لعن مؤمنا فهو كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله " أخرجه البخاري . قال تعالى " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون". (الحجرات:11) . ومعنى هذا أن من فعل ذلك كان فاسقاً بعد أن كان مؤمناً . ولا يجوز لمسلم أن يستحل سب المسلم أو شتمه أو عيبه أو غيبته إلا في حق كأن يكون مظلوماً يرد عن نفسه . ولا شك أن الصفح والمغفرة أعظم وآجر عند الله لقوله تعالى " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" الشورى : 43 . إن اللعن والسب والشتم والفحش في الكلام والطعن في الأنساب ، كل ذلك ليس من شيم المتقين . وسباب المسلم فسوق يعني أن السابّ نفسه فاسق , لأن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما لعن من فعل فعلا معينا دون تخصيص لأحد فهو جائز ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه ، ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، ولعن من لعن والديه ، و... ، وقد لعن الله تعالى في القرآن الظالمين والكاذبين , لكن بدون تخصيص لشخص بعينه . والمؤمن بعيد عن السب والشتم ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جد ولا هزل ولا في رضا أو غضب ]. ا.هـ.
ولكن – وكما قلتُ قبل قليل – لا يجوز أبدا أن يلعن المسلمُ أخاه المسلمَ المعينَ مهما كانت حالة الآخرِ من فسوق وعصيان , ومهما كانت نية اللاعنِ طيبة وحسنة . هذا أمر لا خلاف في حرمته وعدم جوازه .
ومع ذلك – وللأسف الشديد – هناك مسلمون يلعنون إخوتهم في الإسلام .
وأنا أحكي عن نفسي . من أثقل ما سمعته في حياتي ضدي : 3 أشخاص قال لي كل واحد منهم " لعنة الله عليك". !!!. صحيح أنه - وكما يقول المثل الفرنسي- " لا تجرحُ إلا الحقيقةُ " , ومنه فما دام الذي يلعنُ هو يلعنُ بباطل وبناء على باطل , وهو يظلم نفسَـه قبل أن يظلمني أنا , وهو بإذن الله شقيٌّ وأنا سعيدٌ , وهو يزيد بفعله من سيئاته وكذا من حسناتي , ومع ذلك فلا أخفي على القارئ الكريم أن هذه اللعنات الثلاث كانت من أثقل ما سمعتُ من سب وشتم لي في حياتي .
1-أما الأول فحكَّـمني ( منذ حوالي 15 سنة ) في خلاف على الميراث بينه وبين أصهاره , ولما حكمتُ لصالح أصهاره , اعتبرني مُـزوِّرا ومُـدافعا عن أصهاره بالباطل و... ولما طلبتُ منه أن يتصل بأي إمام أو أستاذ أو شيخ ليستفتيه , أجابني " والله لو ينزل اللهُ ( استغفرُ الله تعالى ) ليحكمَ بيني وبين أصهاري بما حكمتَ به أنتَ يا عبد الحميد , ما قبِلْتُ بحكمهِ"!!!. ثم قال لي بعد ذلك " لعنة الله عليك " , وأعاد اللعنَ مرات عديدة , حتى ابتعدتُ عنه وأصبح صوتُـه لا يصلني .
2-وأما الثاني فطبيب مدمن على الخمر حكَّمني بينه وبين زوجته ( وأعلن مسبقا بأنه سيقبل بحكمي مهما كان ) فحكمتُ لصالح زوجته التي وافقتُها على طلب الطلاق منه بعد ما عاينتُ فيه ما عاينتُ من شر ومن إدمان على شرب الخمر ومن إصرار على الإثم والعدوان . وعندئذ هددني بالويل والثبور , واتصل بي عن طريق الهاتف ليقول لي " سأقول لك كلمة أنا أعرف بأنها حرام , ولكن سأقولها لك مع ذلك , مهما عذبني الله من أجلها : لعنة الله عليك يا عبد الحميد "!!!.
3- وأما الثالث فهو الأغرب والأعجب لأنه يزعمُ أنه متدين وداعية إلى الله و ... لقد آذاني متعصبون في منتديات مختلفة , وظننتُ بأنه ما آذاني شخصٌ مثلما آذاني بعضُ الإخوة في منتدى من المنتديات لا أريد أن أسميه . لقد آذاني هؤلاء أكثر مما آذاني رجال المخابرات في السجن الجزائري . ومع ذلك فإنني صادفتُ مؤخرا منتدى جزائريا عزيزا علي جدا , آذاني أحد الإخوة فيه إيذاء زائدا ومبالغا فيه . حين قلتُ له " أنا أحترم السلفية الحقة كل الاحترام , وأُقدِّرُ المنهجَ السلفي الحق كل التقدير , و... والصواب أن السلفية الحقة والمنهج السلفي الحق بريئان كل البراءة من هذا التعصب الممقوت . وأما بالنسبة لمن يعتبر هذا التعصب ضد الدعاة والعلماء " سلفية " , فإنني أقول له " إذا كانت هذه هي السلفية فلعنة الله عليها من سلفية ! " , فأجابني قائلا " لعنة الله عليك يا رميته " !!!. قالها ( أي لعنني ) وهو يعلم أنه لا خلاف بأنه يحرم عليه أن يقولها , قالها وهو يعلم أنه يمكن جدا أن ترجع عليه هو ليبوء بها هو والعياذ بالله تعالى ( وهذا ما لا أتمناه له أبدا ) , قالها وهو يعلم أن هذه اللعنة تتناقض مع أبسط بديهيات الإسلام ومع أبسط آداب النقاش وأخلاق الحوار . قالها وهو يعلم أن هذه اللعنة لأخيه المسلم غير مقبولة ولا مشروعة ولا مستساغة ولا ... ومع ذلك قالها , وقالها باسم الدين والدعوة والغيرة على حرمات الله , وهذه هي الدنيا , كل شيء فيها ممكن حتى أن يلعن المسلمُ أخاه المسلمَ .
ومع ذلك فأنا والله مُسامحه ومُسامح من سبقه في اللعن ومن يمكن أن يلحقه . سامح اللهُ الجميعَ . هم عندهم السب والشتم واللعن لي , وأنا عندي الدعاء لهم بخير الدنيا والآخرة . هم لهم ضدي الغل والحقد والغش , وأنا والله ليس عندي لهم إلا حسن الظن والتماس الأعذار وسلامة القلب والسريرة , و " كل ينفق مما عنده " .
والله أعلم , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .
199- الكلام الفاحش البذيء من المرأة أسوأ :
قلتُ في أكثر من موضع وفي أكثر من مناسبة بأن :
1- الكلام الفاحش البذيء لا يجوز قوله أبدا من طرف أي مسلم أو مسلمة لا نيابة عن نفسه , ولا نقلا عن الغير , على خلاف الكفر الذي يجوز أن يُـقال نقلا عن الغير مع ضرورة التنبيه إلى أنه كفر.
2- لا يجوز أن يُقال الكلام البذيء الفاحش ولو بين الرجل وزوجته .
3- لا يجوز أن يُقال الكلام البذيء الفاحش ولو من طرف الطبيب الاختصاصي في شؤون المرأة أو الجنس مع أحد مرضاه من الرجال أو من النساء .
4- لا يجوز أن يُقال الكلام البذيء الفاحش ولو على سبيل المزاح أو الترفيه عن النفس أو ما شابه ذلك .
5- لا يجوز أن يُقال الكلام البذيء الفاحش ولو بين المرء ونفسه , ولو كان المسلمُ في غابة لا يوجد معه فيها إلا الحيوانات المفترسة .
والكلام البذيء الفاحش يحرم شرعا على الرجل وعلى المرأة على حد سواء , ولكنه – عرفا وعادة - ممنوع أكثر وغير مقبول أكثر وغير مستساغ أكثر إن صدر من المرأة المسلمة . وهذا لأسباب عدة من أهمها أن الكلام الفاحش مضاد للحياء المطلوب من طرف الرجال والنساء , ولكنه مطلوب شرعا من طرف النساء أكثر.
مررتُ منذ حوالي 15 سنة على ساحة بالثانوية يمارسُ فيها التلاميذ ( ذكورا وإناثا ) الرياضة بطريقة مختلطة ومحرمة بلا أدنى خلاف بين عالمين مسلمين . مررتُ بتلك الساحة لأنني كنتُ مضطرا لأمُر منها وأنا متجه إلى عيادة الثانوية الطبية . مررتُ على محيط الساحة متجنبا الدخول بين التلاميذ وغاضا بصري عن النظر إلى وجوه أو أجساد التلميذات , ولكنني قبل أن أبتعد عن الساحة وأقترب من العيادة سمعتُ :
1- ما لا أسمعه إلا مرة واحدة خلال حوالي 5 أو 6 سنوات متتالية , وهو الكلام البذيء الفاحش .
2- وما لم أسمعه إلا مرة واحدة في حياتي كلها , وهو الكلام البذيء الفاحش يصدرُ من امرأة .
سمعتُ إحدى التلميذات تنطق مع إحدى زميلاتها وبصوت متوسط كانت تظن معه أنه لن يصل إلى سمعي, سمعـتُـها قالت ما قالت , فتظاهرتُ بأنني لم أسمع خاصة وأن التلميذة في لباس الرياضة . سمعتُها قالت ما قالت وتمنيتُ لو أنني ما مررتُ من ذلك المكان ولم أسمعْ ما سمعتُ .
لأول مرة في حياتي سمعتُ بأذني امرأة تقول الكلام الفاحش والبذيء . ولأنني ضربتُ خلال 30 سنة من التعليم , ضربتُ حوالي 15 تلميذا ذكرا , ولكنني لم أضرب تلميذة واحدة في حياتي , فإنني ولأول مرة في حياتي تمنيتُ أن أضربَ هذه التلميذة لو كانت تلميذتي ولو كانت تدرس عندي .
أسأل الله لي ولها ولكم إخوتي ولكنَّ أخواتي : الصواب والإخلاص في القول والعمل , والسعادة في الدارين الدنيا والآخرة , آمين .
200- عن طبع ونشر مواضيعي الإسلامية : حاولتُ منذ حوالي 10 سنوات أن أطبع مواضيعي الإسلامية القديمة التي كان عددها حوالي 30 موضوعا , والآن – فيفري 2008 م - وصل إلى أكثر من 200 موضوعا , بعضها قصير لا يتجاوز الصفحتين , والبعض الآخر طويل يمكن أن يصل إلى مئات الصفحات . ولكنني لم أستطع , مع أن أصحاب المطابع يقولون لي دوما بأن المكتوب جيد ويستحق النشر. لم أستطع الطبع والنشر لسبب واحد لا ثاني له , وهو ضعف إمكانياتي المادية . أصحاب المطابع يلزمهم مبلغ كبير في البداية , أنا لا أملكه ولا أملك ولو جزء بسيطا منه . لم أستطع الطبع مع أنني متنازل عن كل حقوقي المادية , لأنني أعلنت باستمرار أنني لا أقبل ولو سنتيما واحدا كمقابل مادي على ما أكتبُ وأنشرُ , وأنني أكتب لله وحده وأنشر لله فقط . ومع ذلك فإن تنازلي عن حقوقي المادية لم يشفع لي عند أصحاب المطابع الذين يغلب على الكثير منهم طابع التكالب على المال للأسف الشديد , ومنه فإن كل محاولاتي من أجل الطبع والنشر باءت بالفشل .أوصيتُ زوجتي وأولادي في تلك الفترة " إذا لم أتمكن من طبع ونشر مواضيعي , فحاولوا ولو بعد وفاتي أن تطبعوا لي وتنشروا لي مواضيعي ولو بعد عشرات السنين . هذه أمنية غالية عندي أريد لكم أن تنفذوها لي في يوم من الأيام مهما بعدَ هذا اليوم ".
كانت هذه وصيتي لأهلي منذ حوالي 10 سنوات . ولكن عندما ظهرت المنتديات الإسلامية وبدأتُ - منذ أوت 2006 م - أنشر فيها مواضيعي القديمة والجديدة .وكذلك عندما ظهرت المدونات وبدأت أنشر فيها القديم والجديد من مواضيعي من خلال :ا - مدونة مسائل في رسائل في " مكتوب " .ب- مدونة موسوعة الإسلام والجنس في " مكتوب " .جـ- مدونة مسائل في رسائل في " أكتب" . د- مدونة وقفات مع ذكريات حسنة أو سيئة في Google .قلتُ : عندما بدأتُ أنشر مواضيعي عبر المنتديات الإسلامية المختلفة ومن خلال المدونات الأربعة ( وما يمكن أن يأتي بعد الأربعة ) .عندئذ تخليتُ عن وصيتي لزوجتي وأولادي وسحبتُـها منهم .صحيح أن الطبع والنشر من خلال كتيبات صغيرة أو من خلال كتب كبيرة نسبيا , أمر له أهميته الكبيرة , وهو وسيلة أساسية , ولا يعوضها شيء . ومع ذلك فإن النشر كذلك عبر الأنترنت مهم وطيب ومبارك ونافع بإذن الله , ولا ننسى أن ما لا يدرك كله لا يجوز أن يترك جلُّـه . نسأل الله أن يرزقنا الصواب والإخلاص في القول والعمل وأن ينفع بنا جميعا خلقا كثيرا . الإسلام منتصر بنا وبغيرنا , نسأل الله أن ينصره بنا آمين .