الأربعاء، 23 أبريل 2008

16 - فاقدُ الطهورين :

  • بسم الله
    عبد الحميد رميته , الجزائر


16 - فاقدُ الطهورين :

كنتُ في فترة ال عام ونصف العام التي قضيتُها في سجن ... ( بين نوفمبر 82 وماي 84 م ) مع 20 أخا كريما ,كنت أُقدم خلال الجزء الأكبر من هذه الفترة أُقدم للإخوة المحبوسين معي دروسا دورية في الفقه على المذهب المالكي ( مقارنا بالمذاهب الإسلامية الأخرى ) لأنه المذهب السائد عندنا في المغرب العربي . وكنت أركزُ فيما أقدم من دروس على فقه العبادات التي كنا في أشد الحاجة إليها في السجن , وكنتُ أركز على الأخص على فقه الصلاة . وفي البعض من هذه الدروس قدمتُ لإخواني بعض الدروس التي يحتاج إليها السجينُ أسميتُـها " فقه السجين ". ومن ضمن المسائل التي كلمتُ الإخوة عنها في هذه الدروس مسألة " فاقد الطهورين ". تحدثَ الفقهاءُ قديما عن فاقد الطهورين ( أي الذي لا يستطيع أن يتوضأ أو يغتسل , ولا يستطيع أن يتيمم ) ماذا يفعل بالنسبة للصلاة ؟. واختلف المالكية في الجواب عن السؤال على 4 أقوال :
الأول : أن المسلم يصلي , ولا يجب عليه القضاء بعد ذلك .
الثاني : يصلي , ويجب عليه القضاء .
الثالث : لا يصلي , ويجب عليه أن يقضي ما فاته بعد ذلك .
الرابع : لا يصلي , ولا يقضي .
وكنت أنصحُ نفسي وإخوتي بالأخذ بالقول الأول لأن فيه فائدتين أساسيتين :
الأولى : أن فيه رفعٌ للحرج عن المسلم بعدم وجوب القضاء فيما بعد , خاصة وأن فترة السجن قد تطول.
الثانية : أن فيه الإبقاء على المسلم مرتبطا ومتصلا بالله بشكل دائم ومستمر , من خلال أداء الصلاة في وقتها ولو بدون وضوء ولا تيمم .
وهذه المسألة الفقهية مرتبطة دوما في ذهني بما وقع لي في السجن – بين سبتمبر 85 م وجانفي 86 م - حين مُنعتُ في يوم من الأيام من الوضوء لصلاة العصر . طلبتُ عندئذ من الحارس ( الجلاد , القاسي جدا...) أن يعطيني حجرا مهما كان صغيرا لأتيمم به ( والأحجار متوفرة وبكثرة داخل السجن أو خارجه ) . أتدرون ماذا كان رده على طلبي ؟. لقد كان ردا قاسيا , خاصة من حارس لا يصلي ولا يريد أن يرى مصليا في حياته كلها.قال لي" أسكت!" , ولما أعدتُ الطلبَ متوسلا إليه ( ولو كان المطلوبُ دنيا وليس دينا ما توسلتُ إليه أبدا ) بأن يعطيني حجرا قال لي
" أغلِق فمك وإلا !" , فأعدتُ الطلبَ والرجاءَ مرة ثالثة , فقام عندئذ غضبانا وتوجهَ إلى زنزانتي وفتحها لا ليعطيني ما طلبتُ , وإنما ليُـسمعني الكثيرَ من الكلام الفاحش ومن " الكفريات" التي يهتز لها عرشُ الرحمان غضبا , ثم أوجعني ضربا , ثم أعادني إلى الزنزانة من جديد , حيثُ صليتُ العصر بلا وضوء ولا تيمم على رأي بعض الفقهاء المالكية . اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وأصلح أحوالنا – حكاما ومحكومين - آمين .

ليست هناك تعليقات: