الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

وقفات مع ذكريات من 251 إلى 260

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

251- طولُ لسان بنت عمرها 5 سنوات ! :

صادفتُ في حياتي أكثر من بنت صغيرة عمرها أقل من 6 سنوات , أي ما زالت لم تدخل المدرسة بعدُ , أريد أن ألاعبَ الواحدة منهن وألاطفها فتسبني وتشتمني وتبصقُ في وجهي ( أكرمكم الله ) , ويمكن أن تكون الفتاة قد تعلمت ذلك من البيت أو من الشارع . ويراها أبوها تفعل ذلك من بعيد فيجري خلفها ليضربها فأتوسل إليه أن لا يفعل , وأطلب منه أن يخلصها من هذا السوء في الأدب مع الإنسان عموما ومع الكبير خصوصا , أن يخلصها من ذلك بالتدريج لا في الحين , وبالتي هي أحسن قبل التي هي أخشن .
ولكن كما أن في هذه الدنيا شرا كبيرا فإن فيها الخير الكثير كذلك , وأتمنى أن يكون الخيرُ أكثر وأكثر من الشر , والصراع بين الحق والباطل ماض إلى يوم القيامة ولكن الغلبة في النهاية بإذن الله للخير , ولو كره من كرهَ .
ومن أمثلة هذا الخير طفلة صغيرة عمرها حوالي 4 سنوات ونصف , جميلة في المنظر وإن شاء الله حلوة في المخبر , تُحَبُّ بسهولة , ورأيـتُـها للمرة الأولى , حملني أبوها معها في سيارته ( اليوم 18/10/2008 م ) لينقلني من مكان إلى آخر داخل مدينة ميلة . وخلال تلك المسافة ولحوالي دقيقتين أو ثلاثة فقط جلستُ مع البنت جلسة طريفة وفيها عبرة وعظة .
قالت لي بداية " ضعني في (حِجرك ) يا عمي مادام المكان لا يتسع إلا لشخص واحد يجلس في مقدمة السيارة مع أبي " . قلتُ لها " سمعا وطاعة يا ابنتي " . كانت الفتاة تحمل في يديها علبتي حلوى "Gaufrettes " . ومع أن الأولاد الصغار تغلب عليهم في الصغر وفي الكثير من الأحيان , تغلب عليهم أنانيتُـهم فإن البنت أعطتني – بدون أن أطلب ذلك – إحدى العلبتين , وقالت لي " كلْ يا عمي , لا يليق بي أن آكل وحدي وأنت تنظر إلي بدون أن تشاركني في الأكل " , فرحتُ كثيرا بكلمتها وضممتها إلي وقلت لها " شكرا جزيلا لك " , فأجابت بصوت طيب ومبارك وحلو وجميل ورائع يخرج من القلب ويصل إلى القلب " العفو يا عمي " .
وبعد قليل عندما هممتُ بالنزول من السيارة لتكمل البنتُ الطريق مع أبيها , قالت لي " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " , فقلتُ " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته " وانحنـيـتُ إليها لأقبلها , ثم نزلتُ من السيارة وهممتُ بالابتعاد عنها , فنادتني قبل أن يتحرك أبوها بالسيارة وقالت لي كلمة أفرحتني بها جدا وأضحكتني بها جدا خاصة وأنها تأتي من طفلة صغيرة عمرها لم يتجاوز ال 5 سنوات , قالت لي وبالدارجة الجزائرية " ما تنساش ( أي لا تنسَ ) سلِّم لي على مَـرْتَـكْ ( أي بلغ سلامي لزوجتك ) "!!!. اعتبرتُ كلمتها نكتة جميلة جدا ورائعة جدا خاصة وأنها واقعية وفيها من العبرة والعظة ما فيها . انحنـيتُ إليها مرة أخرى وقبلتها على جبهتها , وقلتُ لها أمام أبيها " ما شاء الله عليك , لا قوة إلا بالله , بارك الله فيك ". وعندما حكيتُ القصة لزوجتي في نفس الأمسية قالت لي " ما شاء الله , لا قوة إلا بالله , نعم هناك والحمد لله بنات حلوات تتكلم الواحدة منهن الكلام الحكيم والجميل والذي لا يقدر على قوله إلا الكبار " , فقلتُ لها " إن كان هذا آت من طول لسان – كما يقول بعضهم - فما أحسن طول اللسان إذا كان طويلا بجمال , وما أسوأ طول اللسان إن كان طولـه بقبح " .
نسأل الله أن يبارك لنا في أولادنا وبناتنا . اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما , آمين .

252 – من قال " لا أدري " فقد أجاب :

* قال ابن عباس " إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله " .
* وقال ابن عمر " العلم ثلاثة : كتاب ناطق ، وسنة ماضية ، ولا أدري " .
* وقال ابن مسعود " من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم فليقل : الله أعلم , فإن الله قال لنبيه : "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ".
* وقال عمر بن عبد العزيز " من قال : لا أدري فقد أَحرز نصفَ العلم " ، لأنَّ الذي له على نفسه هذه القوة قد دلَّنا على جودة التثبُّت ، وكثرة الطَّلب ، وقوة المُنَّة .
* وقال الهيثم بن جميل " شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري " ، وسئل الإمام مالك مرة عن مسألة , فقال : لا أدري , فقيل له : إنها مسألة خفيفة سهلة ، فغضب وقال " ليس في العلم شيء خفيف ، أما سمعت قوله جل ثناؤه "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً" , فالعلم كله ثقيل ، وبخاصة ما يُسأل عنه يوم القيامة " . وقال : إذا كان أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - تصعب عليهم مسائل ، ولا يجيب أحد منهم في مسألة حتى يأخذ رأي صاحبه مع ما رُزقوا من السداد والتوفيق مع الطهارة , فكيف بنا الذين قد غطت الخطايا والذنوب قلوبنا " .
* وقال بعض العلماء : هلك من ترك " لا أدري" . * وقال أبو بكر الأثرم " سمعت أحمد بن حنبل يُـستفتى فيكثر أن يقول : لا أدري " .
* وذُكر لأبي حنيفة قول من قال " لا أدري نصف العلم " قال " فليقل مرتين لا أدري حتى يستكمل العلم" . والنصوص في ذلك كثيرة ، وآثار العلماء الربانيين شاهدة على اعتبار هذا الأصل والالتجاء إليه عند عدم القدرة والعلم .
وقول " لا أدري" عما لا ندري , أمر مطلوب ومحمود ومستحسن ومستحب , سواء صدر ذلك من العلماء أو من العامة أمثالنا نحن . ومن مصائبنا الكبيرة والعسيرة خاصة في ال 20 أو ال 30 سنة الأخيرة أن الكثير الكثير من الشباب المتدين في الجزائر وفي العالم كله , لا يجرؤ أبدا على أن يقول عما لا يدري " لا أدري " , فيقول بلا علم ويجيب بلا حجة ولا دليل ولا برهان , فيَضل ويُضل والعياذ بالله تعالى .
وأنا أذكر بالمناسبة كلاما أقوله لبعض الناس من سنوات يتعلق بتعاملي مع الرقية الشرعية . أنا أرقي في الغالب ولا أُشخصُ , لأن التشخيصَ صعبٌ في مسائل الرقية الشرعية وكذا في الطب النفسي أو العصبي , وأنا أريد أن أكون صادقا مع نفسي ومع الناس . وعندما أُسألُ " ما بالُ المريض ؟" أقول " لا أدري . أنا رقيته برقية شرعية , وأنا أترك الباقي على الله تعالى وحده . ستظهر حقيقة التشخيص بإذن الله وسيأتي الشفاء إن شاء الله في الدقائق أو الساعات أو الأيام أو الأسابيع القادمة . وحتى وإن كان التشخيص مهما إلا أن شفاء المريض عندي أهم من التشخيص الذي قد يكون صوابا أو خاطئا , وقد يكون مبنيا على علم ودليل أو مبنيا فقط على أوهام وشكوك".
يُقال لي " ولكنك تكثر من قول ( لا أدري) " , فأقول لهم " من قال لا أدري عما لا يدري فقد أجاب , ثم إن كلمة ( لا أدري ) تدل أحيانا على دقة زائدة و على علم لا على عدم دقة وجهل , كما يتصور بعضهم " . يقولون لي " كيف يكون هذا ؟!" , فأقول لهم " بسبب أنني حريص على أن لا أشخص المرض إلا انطلاقا من يقين , وعندما لا أدري حقيقة المرض لا أستحي أبدا أن أقول ( لا أدري ) , قلتُ : بسبب من ذلك فأنا ومع أنني رقيتُ آلاف وآلاف الأشخاص وشفي على يدي ناس ولم يُف على يدي آخرون لأن الشفاء بيد الله وحده , ومع ذلك فأنا أشهد صادقا وأنا أعتز كثيرا بما أشهد عليه , أنا أشهد بأنني ما قلتُ في يوم من الأيام لشخص مريض ( بك سحر أو عين أو جن وأنت تحتاج إلى رقية شرعية لا إلى طبيب ) ثم ظهر فيما بعد بأن المريض مصابٌ بمرض عضوي أو نفسي أو عصبي . لم يحدث هذا أبدا . وكذلك أنا ما قلتُ أبدا لشخص مريض
( مشكلتك عضوية أو نفسية أو عصبية , وأنت لا تحتاج إلى رقية شرعية ) , ثم تبين فيما بعد بأنه مصاب بسحر أو عين أو جن . لم يحدث هذا أبدا , مع أنني رقيتُ الكثيرين ولأكثر من 23 سنة من عمري ". أقول هذا مع أنني أرى وأسمع في المقابل أن الكثير من الرقاة الجهلة والسارقين خاصة عندنا في الجزائر , بسبب جهلهم من جهة وبسبب حرصهم على سرقة أموال الغير من جهة ثانية , هم يُـشخصون غالبا وهم مخطئون أو كاذبون غالبا .
نسأل الله أن يرزقنا الصدق والإخلاص والتواضع , وأن يعيننا على قول " لا أدري " بسهولة ويسر , حين لا ندري بالفعل .
والله وحده أعلم بالصواب .

253- " لقد كفرتُ بالله فقط " !!! :

في يوم من الأيام من عام 2008 م أردت أن أعبئ رصيدي في الهاتف النقال في محل خاص , فدخلتُ إليه . وأثناء تعبئة الرصيد دخل شاب عمره بين العشرين والثلاثين وهو يتحدث في الهاتف النقال مع شخص آخر . وفجأة سمعتُ أنا وصاحب المحل وآخرون كانوا معنا في المحل , سمعنا هذا الداخل الجديد يسب الله ويكفر به أثناء حديثه مع الآخر بكلمات سيئة جدا وقبيحة جدا يمكن أن يهتز لها عرش الرحمان غضبا .
أردتُ أن أكلمَـه وأطلب منه السكوت و... ولكن صاحب المحل سبقني , وقال لذلك الشاب " يا هذا لمَ تكفر بالله وتقول ما قلتَ ؟ّ! . ماذا لو كانت معنا هنا نساء ؟! وماذا لو كانت مع الواحد منا هنا ( والآن ) أخته أو أمه أو زوجته أو ابنته أو ... هل تقبل أن يقالَ ما قلتَه أنت الآن أمامنا ونحن مع نساء ؟!" , فأجاب الشابُّ " أنا ما فعلتُ شيئا , أنا كفرتُ بالله فقط .أقلقني بعض الناس فكفرتُ بالله , ولم أفعل لكم ولا أمامكم شيئا خطيرا يمكن أن أقلقكم به "!!!.
قلتُ عندئذ لكل واحد منهما :
ا- أما لصاحب المحل فقلتُ له " يا أخي الكريم الكلام البذيئ الفاحش وكذا الكفر بالله وسب الله وما شابه ذلك و ... وكذلك سماع ما لا يجوز والنظر لما لا يجوز و ... كل ذلك حرام سواء ارتُـكِب كلُّ ذلك أمام الرجال أو أمام النساء أو أمام الأطفال , أو ارتكب كل ذلك أمام الأهل أو غيرهم , أو فُعل ذلك أمام الناس أجمعين أو بين الشخص وبين نفسه , أو ارتكبَ ذلك فقط في الغابة مع الحيوانات فقط أو ..." .
ب- وأما للشخص الذي سب الله وكفر به وقال ما لا يجوز أن يُقال , فقلتُ له " يا هـذا إذا كفرتَ أنتَ بالله فما هي المعصية التي أبقيتها ولم ترتكبها ؟! هل هان اللهُ عندك إلى هذا الحد حتى أصبح الكفرُ به بسيطا ويسيرا إلى الحد الذي قلتَ لنا معه ( أنا كفرتُ بالله فقط ) !؟ . ثم كيف تكفر بالله الذي هو عندنا أغلى من كل غال وتكفر أمامنا , ثم تقول لنا
( أنا ما فعلتُ شيئا أقلقكم به , أنا كفرتُ بالله فقط ) !؟ . سُـبنا إن شئتَ ولكن لا تسبَّ الله , أكفرْ بنا إن أردتَ ولكن لا تكفر بالله . ثم ما دخل الله في مشاكلك مع الغير ؟! . حلَّ مشاكلَـك مع الغير بالطريقة المناسبة ولو وصل الأمر بك إلى أن تضربَ الغير , ولكن لا يجوز لك أبدا وأبدا وأبدا أن تسب الله تعالى وتكفر به . هذا حرام ثم حرام ثم حرام عليك مليون مرة وما لا نهاية من المرات . إن الذي تطلبُ منه حل مشاكلك وإسعادك دنيا وآخرة هو الله , وإن الذي كفرتَ به وسببتَـه هو الله , فكيف تكفر بالله وتسبه وبيده الخير كله وهو وحده على كل شيء قدير وهو وحده القادر على أن يحقق لك سعادة الدارين أو شقاء الدارين ؟!.
اللهم اغفر لي ولهذا وذاك وارحمنا جميعا .
اللهم أصلح أمور المسلمين أجمعين , ووفقنا جميعا لما فيه عزتنا في الدارين.
الإسلام منتصر بنا أو بغيرنا , نسأل الله أن ينصره بنا , آمين .

254- هل تدخل الحيوانات معنا الجنة ؟ :

من النكت الحقيقية التي من الصعب أن أنساها سؤالٌ طرحته علي تلميذة من التلميذات بالثانوية منذ حوالي 10 سنوات . طرحت علي - وهي تبكي بكاء مرا - سؤالا مفاجئا " يا أستاذ هل تدخل الحيوانات معنا الجنة أم لا !؟ " , قلتُ لها " لماذا السؤال ؟!" , قالت " لأنه كانت عندنا في البيت قطة صغيرة , وكنت أحبها جدا جدا جدا . وهذه القطة ماتت منذ أيام قليلة , وأنا حزينة جدا لفراقها , ومنه فأنا أطرح عليك السؤال الذي طرحته , لأنني أتمنى – إن كنتُ من أهل الجنة يوم القيامة – أن تكون قطتنا معي في الجنة "!!!.
ابتسمتُ وقلتُ لها " لن أجيبك يا هذه جوابا مباشرا على سؤالك , ولكنني أنبهك إلى ما هو أهم مما سألتِ عنه :
ا- إن الله ينشئ الناسَ يوم القيامة إنشاء جديدا يختلف تماما عن إنشاء الدنيا , ومنه فإن ما تحبينه في الدنيا ليس شرطا أن تبقي تحبينه في الآخرة , وما تكرهينه في الدنيا ليس شرطا أن تبقي تكرهينه في الآخرة .
ب- ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن في الجنة " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " , ومنه فكوني متأكدة يا ابنتي بأنك – إن كنتِ من أهل الجنة في الآخرة – لن تتمني في الجنة أبدا شيئا إلا ويعطيه الله لك , فارتاحي واهنئي , ثم فكري في المقابل فيما يقربك ( من الأقوال والأفعال ) من الله ومن الجنة أكثر مما تفكرين في القطة وما له علاقة بالقطة ".
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك . اللهم اجعلنا جميعا من أهل الجنة , آمين .

255- يا ليت كل زوجين يحرصان على هذا كل الحرص ! :

ا- مهما تعلمنا في هذه الحياة الدنيا سواء من بطون الكتب أو من أفواه الغير مباشرة أو من تجارب الحياة الطويلة والعريضة , فلا يجوز لنا أبدا أن نقول " اكتفينا " , بل يجب أن يكون شعارنا دوما هو " قل رب زدني علما " .
ب- ومهما كنا نعرف أشياء معينة معرفة نظرية فلا قيمة لها إلا إذا التزمنا بها وعملنا بمقتضاها , وعندئذ يكون علمنا مصدر سعادة لنا في الدنيا وحجة لنا عند الله يوم القيامة , وإلا فإن علمنا سيكون نقمة علينا في الدنيا وحجة علينا يوم القيامة . سهلٌ جدا أن نعلم ولكن الخير كل الخير والصعوبة كل الصعوبة والأجر كل الأجر في أن نعمل بما نعلم .
جـ- ومهما كنتُ خبيرا إلى حد ما - ومنذ كنت صغيرا - في الكثير مما له صلة بالمرأة في الإسلام , ومع ذلك فإنني – والحمد لله - أتعلم في كل يوم الجديدَ من الكون ومن الحياة ومن الإنسان .
وعند ما يُـعلِّـمك الله شيئا جديدا ومفيدا , فإنك قد تتعلمه ممن هو أعلم منك , وقد تتعلمه من أشخاص بسطاء وعاديين ومغمورين . ومن هنا فإنني أشهد أنني ومنذ شهر سمعتُ من أحد الرجال ( جاءني بزوجته التي كانت منذ سنوات تلميذة عندي بالثانوية , جاءني بها لأرقيها ) ما أعجبني وأفرحني وسرني وتمنيتُ أن أعمل به وأن يعمل به كل زوجين اليوم وغدا وإلى يوم القيامة . قال لي هذا الأخ الفاضل وهو يتحدث عن علاقته بزوجته " أنا يا أستاذ اتفقتُ مع زوجتي – التي تزوجتُ بها منذ سنوات - منذ ليلة الدخول على شيئ ما زلنا أنا وإياها ملتزمين به حرفيا وحتى اليوم " , قلتُ " وما هو يرحمك الله ؟! " , قال " اتفقنا على أن ننهي أي خلاف يمكن أن يكون بيننا في النهار , أن ننهيه قبل النوم من كل ليلة : إما أن ترجع هي إلي أو أرجع أنا إليها , سواء كان رجوع الواحد منا للآخر باعتذار صريح ومباشر أو باعتذار غير مباشر ". قلتُ له " وأنتما ملتزمان بهذا إلى اليوم ؟! " , قال " نعم وحرفيا ومنذ دخولي على زوجتي وإلى اليوم . لم يحدث أبدا – ولو في ليلة واحدة - أن نمنا أنا وإياها ونحن مختلفان أو متهاجران " .
قلتُ له ولنفسي في نفس الوقت " هذا أمر رائع جدا , كم أتمنى أن يلتزم به كل زوجين مسلمين " .
صحيح أن هناك عوامل مساعدة على تحقيق هذا الأمر قد تتوفر لزوجين وقد لا تتوفر لزوجين آخرين , ومع ذلك فإنني أرى أنه مطلوبٌ من كل زوجين في الدنيا أن يتمنيا وأن يدعوا الله وأن يسعيا لتحقيق هذا الهدف الغالي جدا والرائع جدا والجميل جدا والعزيز جدا , والذي يتمثل في أن الزوجين لا ينامان أبدا إلا على وفاق .
اللهم بارك لكل زوج في زوجته واجمع بينهما في خير , آمين .

256- قال لي " لماذا لا تذكر الأدلة الشرعية على ما تقول في مواضيعك ؟!" :

قال : أخانا الكريم عبد الحميد : لو اتسع صدرك بكلمة من أخيك الصغير أتمنى إن تتقبلها .الحقيقة تابعت بعضا من مواضيعك ووجدت أن معظهما يتحدث عن أحكام إما بحلال أو حرام أو كراهة .فهلا يكون خير وأبقى إن شاء الرحمن لو نقحت هذه المواضيع بذكر آيات وأحاديث صحيحة مؤيدة .فحري بنا التكلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ثم أنا أخبرك بمحبتي لك في الله .تقبل فائق احترامي .بارك الله فيكم ".
فأجبته بما يلي :
" أنا أعتبر أخي الكريم أن الكتاب والسنة أدلة العلماء , وأما أدلة العامة أمثالي فهي أقوال العلماء " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " .ثم أنا لا أذكر الأدلة الشرعية في الكثير من الأحيان , فقط من أجل الاختصار على القارئ , لا لأن الأدلة الشرعية غير موجودة .ثم فرق بين من ينشر في المنتدى موضوعا ومن ينشر عشرات أو مئات المواضيع كما هو حالي .إنني أنشر الكثير في المنتدى , ومنه فإن الذي يقرأ لي 5 أو 10 أو 20 أو ... موضوعا سيتكون عنده بإذن الله تعالى نصيب لا بأس به من الثقة تجعله يقبل ما أقول وأنشر حتى ولو لم أذكر الأدلة الشرعية , وذلك انطلاقا من ثقته في أنني لا يمكن أن أقول قولا في الدين إلا وأنا آخذ على الأقل من عالم أو فقيه معتبر ( إن فرضنا بأنني لـم آخذ من عدد كبير من العلماء أو الفقهاء القدامى أو المعاصرين . ولا يمكن أبدا أن أقول في الدين برأيي أنا ,
هذا مستحيل ثم مستحيل .
ومع ذلك شكرا جزيلا لك أخي الكريم والعزيز . نتفق ونحن إخوة ونختلف ونحن إخوة كذلك . وأحبك الله الذي أحببتني من أجله وفيه " .

257- من الحالات العسيرة التي مرت بي في مجال الرقية :

في مجال التعامل مع المرضى الذين يريدون رقية شرعية أو استشارة نفسية بعد أن يئسوا من الطبيب الاختصاصي حالة شابة عمرها عشرون سنة تقريبا جاءتني مع أهلها من مدينة .... من حوالي عشر سنوات . أخبرتني أمها وكذا أبوها بأنها مصابة بجن ( وهكذا بدا لي بعد ذلك من خلال الرقية ) وأنها تخرج من البيت متى شاءت وتدخل متى شاءت بغير وعي منها , وأنها تتكلم مع نفسها وتقول مع الغير ما يصلح وما لا يصلح , وتسمع ما لا يسمعه الغير , وترى ما لا يراه الغير ,كما تعاني من صداع دائم وقلق متواصل بدون سبب وعصبية مبالغ فيها لم تتعود عليها من قبل ومن أرق وأحلام مزعجة وثقل زائد في كامل أجزاء الجسد في كل صباح , و... خسر أهلها من أجل طلب شفائها أكثر من 20 مليون سنتيما خلال أكثر من سنة مع الأطباء والرقاة والمشعوذين في الكثير من ولايات الوطن , ولكن الفتـاة لم تُشفَ . رقيتها وحدي للمرة الأولى والثانية ثم استعنت في مرة ثالثة بأخ من الإخوة في ميلة ثم رقيتها مرة رابعة وحدي . وفي المرة الرابعة أرادت أن تضربني وأباها بزجاجة ماء كسرتها وبسكين أخذتهما من داخل المطبخ في بيتي . أخرجناها من البيت بالقوة وهي تقول كلاما بذيئا وفاحشا بصوت مرتفع أمام الجيران فاضطررت لضربها ضربا خفيفا فخدشتني وأحدثت في يدي جرحا لم يندمل إلا بعد أسابيع . وعندما أوصلناها إلى السيارة التي أتت فيها ربطناها هناك بالقوة وأرجعها أهلها إلى بيتها بمدينة ... . أرجعها أهلها إلي في مرة أظن أنها الخامسة حيث رقيتها ثم رجعت إلى ... حيث اتصلت بي أمها بعد أيام عن طريق الهاتف مخبرة إياي ( وهي فرحة جدا ) بشفاء ابنتها وقالت لي بأن ابنتها تريد أن تكلمني عن طريق الهاتف فأكدت لي ابنتها بأنها شفيت بالفعل وشكرتني واعتذرت إلي عما بدر منها من إرادة لاستعمال القوة في بيتي ومن كلام فاحش وهي غير واعية ولا مالكة للسلطة على نفسها , والحمد لله على الصحة والعافية والأمن والأمان والسلم والسلام .

258- لهذا كرهتُ تعدد الزوجات ( لنفسي لا كأمر شرعه الإسلام ) وكرهتُ جمال المرأة الزائد !!! :

الرجل مفطور على حب المرأة وعلى حب المرأة الجميلة , وإن كان الشرعُ يطلب منه أن يقدم الدين على الجمال حين يريد الزواج .
وأغلبية الرجال في الدنيا كلها ومنذ أن خلق الله آدم وإلى اليوم , عند الواحد منهم ميل إلى تعدد الزوجات .
الرجلُ يميل ويرغب في تعدد الزوجات , ولكنه لا يـعدد لأسباب كثيرة تمنعه من ذلك . وإلا فلو أن الإمكانيات المادية متوفرة عنده والسكن لكل زوجة متوفر عنده والقدرة على الإنفاق على كل زوجة متوفرة عنده والاستعداد للعدل متوفر عنده و ... ولو كانت العادات والتقاليد تسمح بذلك وكان للمرأة الاستعداد الكلي لذلك و ... لو توفر كل ذلك للرجل فإن أغلبية الرجال في كل زمان ومكان ( وأنا واحدٌ منهم ) سيُـعددون .
ومع هذا الذي قلتُ في هذه المقدمة فإنني أحكي الآن حكاية أو قصة واقعية لي صلة بها .
وقبل أن أحكي ما أريد أن أقصه , أنبه إلى أنه لن يفهم ما أقول في هذه الوقفة , لن يفهم ما أقول وكما ينبغي إلا امرأة وخاصة المرأة المتزوجة . وأما الرجل فحتى وإن فهم علي ما أقول , فإن فهمه لهذه المسألة التي أريد أن أؤكد عليها , يمكن جدا أن يكون فهما ناقصا .
كان يا مكان , لا في قديم الزمان ولا في سالف العصر والأوان , ولكن خلال السنوات الأولى من القرن ال
21 م , وفي ولاية من ولايات الوطن الكبير والغالي ( الجزائر ) استشارني رجل أعرفه من بعيد – مظهره متدين - من أجل أن أدله على زوجة المستقبل , فنصحته بالدين أولا , ولكنه قال لي بأنه متعلق زيادة بالجمال الأخاذ والخارق , مع أنه يدعي أنه يريد الزواج على كتاب الله وسنة ورسوله , ويريد أن يبني بزواجه أسرة مسلمة (!).
قلتُ له " الله خلق الرجلَ متعلقا فطرة بالجمال المتوسط , وهو الجمال المتوفر في أغلبية نساء الدنيا في كل زمان ومكان . وأما خارقة الجمال فإن الرجال عموما لا يطلبونها , ومنه فإن هذا الجمال الأخاذ لا يوجد إلا عند النادرات أو القليلات جدا من النساء . وخارقة الجمال فيها خير ولكن فيها شر أخافه جدا عليك يا هذا , لأنها قد تجلب لك الغيرة الزائدة ويمكن جدا أن تتكبر عليك بجمالها " .
وهذا الرجل ( كما حكى لي من يعرفه ) ينظر إلى المرأة بشكل عام على اعتبار أنها مخلوق من طينة سفلى ودنيا وأنها خلقت فقط لإمتاع الرجل ثم إمتاعه , وأن الرجل سيدها ومولاها . حاولتُ وحاولتُ أن أقنعه بأن هذا التفكير جاهلي وأنه مناقض لبديهيات ديننا ولما هو معلوم من الدين بالضرورة , ومع ذلك لم يقبل مني إلا حياء مني فقط .
والرجل كأنه اندفع – في الأيام المقبلة من بعد حديثي معه - تحت تأثير نصيحتي له ( التي لم يقتنع بها ) اندفع فطلب للزواج امرأة متدينة ومتوسطة الجمال وتزوجها خلال حوالي شهر فقط .
ولكن الذي خفتُ منه وقع , ومنه فإن الرجل ومنذ الأسابيع الأولى من زواجه يكلم زوجته عن الجميلات جدا ويتحسر أمامها لأنه لم يسعد بالزواج من خارقة جمال , والرجل يحكي لزوجته باستمرار عن فلانة الرائعة الجمال التي عرفها في يوم من الأيام ولم تتح له الفرصة للزواج منها , وكذلك هو يحكي لها دوما عن فلـتانة رائعة الجمال التي تمنت في يوم ما أن تتزوج به هو ولكن الظروف لم تسعفه على هذا الزواج . والرجل أصبح يردد على مسامع زوجته لسنوات عدة " خسارة لأنني تزوجتُ بكِ أنت وأنت غير جميلة . يا ليتني تزوجتُ بخارقة جمال تسعدني وأسعدها . يا ليت أمي لم تلدني حتى لا أتزوج بكِ أنتِ أو بأية امرأة مثلكِ . واضيعة العمر الذي يولي وأنا متزوج بغير جميلة الجميلات ورائعة من الرائعات. الدنيا لا تساوي شيئا بدون العيش مع جميلة و" باهية " و " زينة ". الدنيا لا طعم ولا لون ولا رائحة لها إلا مع بديعة الجمال التي تُـنسيني هموم الدنيا كلها . آه على شعـر المرأة الـ... والعينين ... والأنف ... والشفتين ... و ... آه ثم آه ثم آه !!! ".
المرأة – فطرة – كل امرأة تكره أن يقارنها الرجل بامرأة أخرى ليشير إلى أن الأخرى أفضل منها في أي شيء . المرأة تكره وتبغض ذلك حتى ولو لم يقل لها الرجل ذلك أو لم يفعل معها ذلك إلا مرة واحدة فقط .
فماذا نقول عن هذه المرأة المسكينة التي سمعت هذه المقارنة من زوجها وسمعت نقده لجمالها الناقص (في نظره هو) وتحسره على أنه لم يتزوج بخارقة جمال , سمعتْ منه هذا الكلام خلال سنوات قليلة مئات أو آلاف المرات. وأحيانا هو يعيد على مسامعها هذا الكلام في اليوم الواحد لمرات عديدة , وقد تُـفطر عليه هذه الزوجة وتتغذى عليه وتتعشى عليه , بل قد يكون هذا الكلام هو آخر كلام تسمعه من زوجها في الليل قبل أن تغمض عينها وتنام , ثم يكون هو أول كلام تسمعه منه عندما تستيقظ في صباح اليوم الموالي !!!.
الرجل يقارن زوجته بالغير ويهددها كذلك بالتزوج عليها بجميلة الجميلات على اعتبار أن الكثير من رائعات الجمال تتمنين الزواج منه هو . وأذكر أنني كلمـتُـه أكثر من مرة بأن الله لن يبارك له في زواج بثانية ما دام لم يعدل مع الأولى أو لم يحسن إلى الأولى ولم يؤد واجباته اتجاهها , ثم أكدتُ له بأن الرجل الذي يتزوج بثانية من أجل الجمال أولا لن يزيده الله إلا ذلا وهوانا . ولا يمكن أن يسعد الرجل بهذا الزواج بأي حال من الأحوال . كلمته أكثر من مرة ولكن لا حياة لمن تنادي .
نصحت المرأةُ زوجَـها واحتجت وأدخلت بعض الصالحين فيما بينها وبين زوجها , وأدخلتني لأنصح زوجها وأدخلت حكما من أهله وحكما من أهلها و ... فلم تفد كل هذه الوسائل في إرجاع الزوج إلى صوابه حتى يحسن معاملته لزوجته ويستغني بها عن غيرها من النساء ويكف عن مقارنتها بالغير ويرضى بما قسم الله له ويحبب نفسه في زوجته , ويعلم بأن دينَ الزوجة هو أفضلُ له دنيا وآخرة من الجمال , وأن الجمال المتوسط لزوجته هو أفضلُ وأطيب لهُ مليون مرة من الجمال الخارق و ...
وبكت الزوجة لزوجها وتوسلت إليه وتضرعت إليه ورجته من أجل أن يرحمها , ولكن قد يستجيب الحجر ولكن زوجها لم يستجب .
مرت سنوات على زواج الرجل من هذه المرأة : مرت على المرأة جحيما لا يطاق , ليس فيها أية مودة ولا رحمة ولا سكن ولا ... ثم طلقها أخيرا .
ولكن الحكاية لم تنته بالطلاق , لأن الرجل وبعد طلاقه لزوجته بمدة اتصل بها وطلب منها – مستغلا ضعفها وضعف أية امرأة لا تريد أن تكون مطلقة حتى لا تكون ثقيلة على أهلها وحتى لا ينظر إليها المجتمع نظرة خاصة تؤذيها وتسيء إليها – أن ترجع إليه بعقد ومهر جديدين , ولكن بشرطين لا بد منهما .
قالت له " وما هما الشرطان ؟! " .
ولأن الرجل رأى بأن مطلقته متدينة ولا تريد الطلاق وتريد أن ترجع إلى زوجها مهما كان ظالما لها وتريد أن تقابل السيئة منه بحسنات , وتريد أن ترجع إلى زوجها ولو بدون أن تشترط عليه أي شرط ( مع أنه من حقها أن تشترط عليه أو يشترط عليه أهلها , لأنه هو الظالم لزوجته وليست هي الظالمة ) .
قلتُ : لأن الرجل رأى ضعفَ زوجته وتدينها وطيبَ معدنها , قال لها بخبث واضح وتشفي :
* " الشرط الأول هو أن تدعيني – بعد أن أُرجعَـك إلي - أفعل ما أشاء من أجل أن أمتع نفسي بالنساء : أتتبع عورات النساء في الطريق أو في غيرها , وأتفرج من خلال التلفزيون والفيديو والأنترنت و ... على ما أشاء من الأفلام الإباحية ... وأحكي وأضحك مع النساء في كل مكان كما أشاء أنا , وليس من حقك أنتِ أبدا أن تعترضي علي لأنني مغرم جدا بجمال النساء الجميلات , وهذا أمر أنت تعرفينه عني جيدا "!!!.
* * " وأما الشرط الثاني فهو أن تذهبي أنتِ ( لا أنا ) لتطلبي لي امرأة جميلة جدا للزواج مني .
عليك أنت أن تقنعيها أولا حتى توافق على الزواج مني , ثم أذهب أنا لأخطبها من أهلها . " دَبْـرِي راسَـكْ
( أي عليك أن تبذلي المستحيل من أجل تحقيق ما طلبتُه منك ) : ابحثي أولا عن جميلة جدا ثم أقنعيها أنتِ حتى توافق على زواجها مني " .
ثم قال لها " تقبلين بالشرطين , أهلا وسهلا وسأرجعكِ عندئذ إلي بالزواج منك ثانية , وإلا فستبقين مطلقة بإذن الله إلى الأبد "!!!.
استشارتني المرأة في هذا الأمر فكلمـتُـها طويلا , وخلاصة ما قلـتُـه لها " لا ثم لا ثم لا . لا يليق أبدا أن تقبلي بأي شرط من شرطيه . هو الظالم وأنتِ التي يجوز لك أن تشترطي عليه . وحتى إن تنازلتِ فإن أقصى ما يمكن أن تتنازلي عنه هو " نرجع يا رجل إلى بعضنا البعض , ولا يشترط أحدنا شيئا على الآخر , أي نرجع بدون شروط مسبقة " .
" وأما أن يشترط عليكِ الشرط الأول الحرام , والشرط الثاني المذل والمهين والمخزي و ... فهذا الذي لا أقبله أبدا أبدا أبدا لابنتي أو لأختي أو لأية امرأة مسلمة في الدنيا كلها أحبُّ لها خير الدنيا والآخرة ".
بعد أن وقع ما وقع لهذه المرأة وبعد أن أعطيتها رأيي في مشكلتها , ونتيجة كل هذا التعلق الظالم من هذا الرجل بالجمال وبتعدد الزوجات , مضت علي أيام وأيام أحسستُ فيها ( ولقد أخبرتُ زوجتي بذلك ) بكراهية عجيبة لجمال المرأة ولتعدد الزوجات ( لنفسي لا كحكم شرعه الإسلام ) . من كثرة ما سمعتُ ورأيتُ من هذا الرجل ما يشبه العبادة للجمال الخارق ولتعدد الزوجات كرهتُ كلا من تعدد الزوجات ومن جمال المرأة الزائد والأخاذ . ولا داعي بطبيعة الحال إلى أن أذكر بأنها كانت كراهية مؤقتة بطبيعة الحال , لأنني بعد أيام رجعتُ إلى طبيعتي وطبيعة أغلبية الرجال : الطبيعة العادية المعتدلة , وأما ما عند هذا الرجل فأمرٌ غريبٌ وعجيبٌ لم أر مثله في حياتي قط , وأتمنى أن لا أراه أو أسمع بمثله أبدا في أي واحد من بني جنسي فيما تبقى لي من العمر .
ثم أقول : أنا رجل ولي مشاعر وأحاسيس الرجال وعواطف الرجال وعقل كسائر عقول الرجال وعندي خشونة الرجال و ... , ومنه فأنا يمكن أن أتعصب أحيانا للرجال بسبب أنني رجل يتعصب لبني جنسه .
ولكنني أؤكد على أن تعصبي هو بإذن الله للحق قبل أن يكون لبني جنسي . ومنه فإنني أقول " ما أكثر الذكور في دنيا الناس ولكن ما أقل الرجال . الإحسان الزائد والمبالغ فيه إلى المرأة إلى درجة أن يصبح الرجلُ مغلوبا من طرف زوجته تُسيِّـره كما تشاء كأنه خاتم في إصبعها , هذا أمر سيئ جدا وبشع للغاية , ولكن ظلمَ الرجل للمرأة والتعدي عليها والإساءة إليها وإهانتها وإذلالها أمر أسوأ وأقبح وأبشع خاصة إن صدر من طرف رجل يظلم المرأة ويهينها باسم الدين , يعتدي عليها ويذلها بسم الله .
- ما أسوأ أن يعتبر الرجلُ بأنه هو الأفضل عند الله والناس لا لشيء إلا لأنه رجل !!!.
- ما أبشع أن يتعلق الرجل بجمال المرأة الزائد إلى درجة يكاد معها يعبد الجمالَ ويسجد للمرأة خارقة الجمال من دون الله تعالى والعياذ بالله !!!.
- ما أقبح أن يطلبَ الرجلُ الاستمتاع بنساء أخريات بالحرام وزوجته الطيبة المباركة الحلال أمامه !!!.
- ما أسوأ أن يبحث الرجل عن الزواج بامرأة ثانية وهو لم يقدر أو لم يُـرِد أن يعطي للزوجة الواحدة حقوقها الكاملة عليه !!!.
- ما أبشع أن لا يترجل الرجل على الفساق والفجار والضالين والمنحرفين من الرجال ثم لا يترجل إلا على زوجته الضعيفة المسكينة التي أوصانا به الله والرسول عليه الصلاة والسلام خيرا !!!.
- ما أقبح أن يستغل الرجل قوته أو حاجة المرأة إليه ليهينها ويذلها ولا يتقي الله فيها !!!.
- ما أسوأ وأقبح وأبشع أن لا يجد الرجل من يظهر قوته معه إلا مع المرأة الضعيفة العاجزة والقاصرة !!!.
إذا كانت هذه هي الرجولة يا رجل ويا زوج فبئست الرجولة هي وبئس الزوج أنتَ .
والحمد لله على أن الرجال ليسوا كلهم من هذا النوع , بل إنني أتمنى على الله أن لا تكون الأغلبية الساحقة من الرجال من هذا النوع . الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله رب العالمين .
أسأل الله الهداية لهذا الرجل وأمثاله , وأسأل الله الفرج لهذه المرأة والمخرج الحسن لها مما هي فيه .
اللهم اهدنا واهد نساءنا ورجالنا جميعا إلى صراطك المستقيم , آمين .

259- قال " لأول مرة أعرف أن قوي الإيمان يمكن أن يصاب بوسواس !" :

عندما تكلمتُ في يوم من الأيام مع مجموعة أشخاص عن الشك وعن الوسواس , حيث قلتُ من ضمن ما قلتُ أن الوسواس أو الشك لا يصيب فقط ضعيف الإيمان أو البعيد عن الله , بل يمكن أن يصيبَِ حتى قوي الإيمان والقريب من الله , بل يصيب حتى العالم المسلم أحيانا ".
قال لي أحدهم " لأول مرة في حياتي أسمع أن قوي الإيمان أو العالم يمكن أن يصاب بالمرض النفسي مثل الشك أو الوسواس "!.
فقلتُ له " أخي الفاضل : هذا الذي قلته أنتَ الآن هو نعمة من أعظم نعم الله علينا , سواء درينا أم لا وسواء علمنا واعترفنا بذلك وشكرنا الله على ذلك أم لم نعلم ولم نعترف ولم نشكر .
إن الله قال لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام " قل رب زدني علما " , ومنه فـ:
1- مطلوب منا شرعا أن نتعلم دوما المزيد من شؤون الدنيا أو من مسائل الدين .
2- مطلوب منا أن نسعى باستمرار لأن يكون رصيدنا مما يعلمنا الله , أن يكون في زيادة في كل يوم , حتى يكون هذا الرصيد من العلم على الدوام : في الغد أفضل وأكبر وأعظم من الرصيد اليوم .
3- مطلوب منا دوما أن نتعلم المزيد والجديد لله أولا ثم من أجل أنفسنا ومن أجل غيرنا دنيا وآخرة .
4- مطلوب منا أن نحرص دوما على أن نتعلم في كل يوم المزيدَ مهما كان قليلا .
5- مطلوب منا أن نزداد علما ما حيينا , سواء بالتعلم من فم عالم أو داعية أو خبير أو ... من كتاب أو مجلة أو جريدة أو شريط أو قرص أو من الأنترنت أو التلفزيون أو الفيديو أو ... أو من تجارب الحياة ودروسها الطويلة والعريضة .
وما زال الإنسان المسلم بخير ما دام يتعلم في كل يوم المزيد , وعندئذ وعندئذ فقط , أي بالمزيد من العلم ( بعد الإيمان بالله تعالى ) يكون المؤمن حيا في الحياة الدنيا الحياة الحقيقية , وإلا – إذا لم يتعلم المزيد أو إذا نَـقُص علمُـه بطريقة أو بأخرى - فبطن الأرض عندئذ أولى له من ظهرها .
وأنتَ أخي الكريم ما زلتَ بخير ما دمتَ " في كل يوم تجد أشياء أو أمورا أو مسائل تسمع بها أو تراها أو تقرأها لأول مرة " , ونتمنى من الله أن يعلمنا وإياك المزيد المزيد مما فيه خيرنا وسعادتنا في الدارين , آمين .
ملاحظة : موضوع الشك والوسواس الذي يمكن أن يصيب قوي الإيمان أو حتى العالم المسلم , فإنني لم أرد توضيحه هنا لأنني أوضحته في بعض مواضيعي عن الرقية الشرعية المنشورة في المنتدى .ولكنني هنا في موضوعي هذا أردتُ فقط أن أعلق على قول القائل " لأول مرة أعرف ..." وأن أؤكد على أمر مهم وعلى مسألة مهمة , وهي أن من نعم الله علينا العظيمة في الحياة أن نتعلم في كل يوم الجديد الذي لم نكن نعلمه من قبل , فنفيد بذلك ونستفيد بإذن الله دنيا وآخرة , وكذا نسعد في حياتنا , ويكون لنا الأجر الأكبر عند الله تعالى , ونعيش على هذه الأرض أحياء بحق عقلا وقلبا وروحا وجسدا و ... وأما من لا يتعلم في كل يوم المزيد من شؤون دينه أو دنياه , فيمكن اعتباره ميتا في صورة حي .
أتمنى أن تكون الصورة قد اتضحت , وأن يكون غرضي من وراء موضوعي هذا قد استبان .
260- رفضتُـها في القسم بسبب لباسها الفاضح ! :

أيام قليلة قبل هذه الحادثة التي أريد أن أقصها هنا , قال لي السيد مدير الثانوية التي أعمل بها " والله يا أستاذ لو أطبق القانون المدرسي على تلميذات الثانوية لطردتُ نصفهن بسبب هيئاتهن ولباسهن المخالف للقانون , ولكنني لم أفعل ذلك فقط خوفا من أن أُتَّـهَم بأنني إرهابـي !!!.
منذ حوالي 10 سنوات ( حوالي سنة ... وفي شهر أفريل , أي قبل نهاية السنة الدراسية بحوالي شهر ) دخلتْ عندي إلى القسم تلميذة من التلميذات بالثانوية التي أُدرِّس بها مادة العلوم الفيزيائية منذ 1978 م , دخلتْ إلى القسم بلباس فاضح ( لباس يكشف كل الساقين , والجزء العلوي من الفستان القصير به شِـقٌّ يجعل جزء لا بأس به من فخذي التلميذة مكشوفا عندما تجلس التلميذة في مكانها على الكرسي ) .
عندما رأيتُ التلميذة داخلة بهذا اللباس الفاضح , قلتُ لنفسي" سأنبهها في نهاية الحصة , حتى لا ترجع إلى القسم بهذا اللباس مرة أخرى " , ولكن وقع أثناء الحصة أن التلميذة عندما جلستْ في مكانها وضعتْ رجلا على رجل , فأصبحت مساحةُ المكشوف من فخذيها أكبر وأكبر , ولاحظتُ أن بعضَ التلاميذ الذكور أصبح الواحدُ منهم بعين واحدة مع التلميذة وبالعين الأخرى مع الدرس في السبورة , أو أن بعض عقل الواحد منهم كان معي ولكن أكثر العقل كان مع التفرج على عورة التلميذة .
عندئذ عزمتُ على إخراج التلميذة من القسم فورا .
ملاحظة : لقد نبهتُ التلميذات من قبل مرات ومرات إلى اللباس الذي يحبه الله لهن وكذا الذي يسمحُ به القانون , واستجابت أغلبية التلميذات للبس الحجاب الشرعي , ولم تستجب الأقلية منهن ولكنهن كن مع ذلك يلبسن لباسا محتشما مقبولا قانونا حتى وإن كان مرفوضا شرعا , وأصرتْ هذه التلميذة بالذات ومن دون سائر التلميذات على العناد و " تخشان الراس" , بحيث لا تريد أن تلبس لباسا يوجبه الشرع ولا لباسا يفرضه القانون المدرسي .
طلبتُ من التلميذة أن تخرجَ من القسم في الحين وأن لا تعود إليه في حصة أخرى إلا وهي مرتدية للباس محتشم . حاولتْ أن تعترضَ ولكنني ألححتُ عليها أن تخرج . خرجت التلميذةُ غاضبة , وفي الغد رجعتْ إلى القسم بنفس اللباس , فطلبتُ منها أن تخرج للمرة الثانية من القسم , ولكنني قلتُ لها في هذه المرة " لن أقبلك في القسم في أي يوم من الأيام إلا وأنت بلباس محتشم . وإن تدخلتْ الإدارةُ لصالحك أنتِ فإنني سأتوقفُ عن تدريس القسم كله , وليكن ما سيكون حتى ولو توقفتُ عن التدريس نهائيا بسببك أنتِ . والله يا فلانة ( إن بقيتِ بلباس مثل هذا ) إما أنا الذي أبقى مع هذا القسم بدونك أنتِ , وإما أنتِ التي تبقين معه ولكن بدوني أنا . والله لن يظلنا - من اليوم فصاعدا - قسمٌ أكون فيه أنا وأنت سويا . هذا مستحيل بإذن الله تعالى " . أخرجتُ التلميذة من القسم , ولكنها وهي خارجة من الثانوية التقت بشخص من الإدارة (هو الوحيد في الثانوية الذي يكرهني , بسبب تديني ) فسألها عن سبب خروجها من القسم فأخبرته بالخبر . لو ذكرتْ له إسما لأي أستاذ آخر بالثانوية ما اعترض ولكنها لما ذكرتْ له " الأستاذ رميته " فرح وكأنه وقع على صيد ثمين .
جاء بها إلى القسم وناداني وطلب مني أن أُرجعها إلى القسم , فرفضتُ . قال لي " اتركها اليوم في القسم , وستغير لباسَـها في الغد " , قلتُ له " لقد حذرتها بالأمس فما استجابت بل إنها أصرت واستكبرت " . قال لي " سترجعُ إلى القسم الآن شئتَ أنتَ أم أبيتَ " قلتُ له " لن ترجع بإذن الله " . عندئذ قال لها " ادخلي إلى القسم ولا تلتفتي إلى ما يقوله لك الأستاذ رميته "!!! .
دخلت التلميذةُ إلى القسم ودخلتُ معها لآخذ أنا محفظتي وأودع التلاميذ قائلا لهم " من اليوم فصاعدا : إما أنا وإما زميلتكم " !. خرجتُ من القسم , وسمعتُ فيما بعد أن التلاميذ – وبعد خروجي مباشرة – قالوا لزميلتهم
" إما أنتِ وإما نحن . ستخلعين لباسَـك هذا خلال يوم أو يومين , وإلا سنـتركك في القسم وحدك " .
في الغد استدعاني السيد " الإداري الذي يكرهني , والذي أصر على إدخال التلميذة إلى القسم بدون إذني وبالرغم عني " إلى الإدارة , حيث وجدتُ عنده ولي التلميذة ( وهو الولي الوحيد الذي سبني من بين آلاف الأولياء الذين عرفـتُـهم خلال 30 سنة من التعليم , حيث أن جميعهم – والحمد لله - يعتبرونني أبا عزيزا ثانيا لولد أو بنت كل واحد منهم ) .
سألني الولي " لماذا أخرجتَ التلميذةَ من القسم ؟!" , فقلتُ له " السبب هو كذا " , وأضفتُ قائلا " يا فلان أنا فعلتُ ما فعلتُ مع التلميذة – مهما قسوتُ معها – كما يفعل الأبُ مع ابنته . أنا حريصٌ على شرفها وحيائها وأدبها وأخلاقها كما أحرص على ذلك عند ابنتي . أتساهلُ معها وأنا أحبها , وأتشددُ معها وأنا أحبها ذلك ".
ولكنني فوجئتُ بالولي يقول لي ما لم أسمعه من غيره من قبل " أنا ملحدٌ , وأنت لا يجوز لك أن تتدخل في دين التلميذة ولا في لباسها !!!. إذا أرادت التلميذةُ أن تلبس " الميني جيبmini-jupe " , فلا دخل لكَ أنتَ في لباسها أبدا . أنت أستاذ علوم فيزيائية , فما دخلُـك أنتَ في الدين وفي لباس التلميذات ؟!. وإذا أرادت التلميذةُ أن تدخل إلى القسم عارية تماما وكيوم ولدتها أمها , ما دخلك أنتَ ... "!!!. تحدثَ وتكلمَ بكلام مثل هذا لمدة حوالي 10 دقائق , تكلم بكلام لا يقوله حتى أولاد الشارع , وحتى الفساق والفجار والضالون والمنحرفون , بل لا يقوله حتى الكافر الحر الذي له بعض الضمير وبعض " النيف " . وكعادتي مع من يسيء إلي ضبطتُ أعصابي وتركـته حتى انتهى من كلامه , ثم قلتُ له " سامحك الله وهداك إلى صراطه المستقيم , ولكنني أقول لك فقط كلمة واحدة ثقيلة ولكنها حقيقية : لا يقول الذي قلته أنتَ لي الآن , لا يقوله أي رجل حر سواء كان مسلما أو كافرا . الرجل الحر مهما لم يغر على نساء الغير ولكنه يغار على نساء أهله هو . ثم أنا مُـرَب قبل أن أكون مُـعلما , وأنا والله أحببتُ وما زلتُ أحبُّ لابنتك خير الدنيا والآخرة مهما غضبتَ أنتَ مني وقلتَ لي ما لا يجوز أن يقول واحد من البشر". والغريب أن التلميذة كانت أمام وليها وهو يسبني ويشتمني , ولم تحرك ساكنا , وكان الأولى بها أن تقول لوليها " هذا يبقى أستاذي , وهو عوض أبي . أنت أبي الأول وأستاذي هو أبي الثاني. قسا معي الأستاذُ , ولكنه مع ذلك يبقى عوض أبي , ومنه فأنا لا أقبل أبدا أن يُسب ولو من طرف أبي خاصة إن حدث ذلك أمامي ". بقيت التلميذةُ تتفرج على أبيها وهو يسب ويشتم وكأنها تتشفي في !!!.
بعدما قال لي الولي ما قال , وبعد وقوف التلاميذ أمام ذلك موقف المتفرج , أخبرتُ الإدارةَ بأنني لن أقبلَ بعد اليوم , لن أقبل تلك التلميذة في قسمي حتى تنتهي السنة الدراسية . حاولت التلميذةُ ووليها – بعد كل الذي وقع - أن تبقى التلميذةُ في قسمي , ولكنني رفضتُ وأصررتُ على الرفضِ .
اضطرت الإدارةُ لأن تعقد اجتماعا خاصا بهذه التلميذة , وتم الاتفاقُ في نهاية الاجتماع على أن تُـحوَّل التلميذةُ إلى قسم آخر تكمل من خلاله السنة الدراسية.
وفي العام المقبل حاولت التلميذةُ ووليها من أجل أن تدرسَ التلميذة عندي , ولكن الإدارة رفضت ذلك , لأنني أخبرتُ الإدارةَ – مسبقا - بأنني لن أقبلَ أبدا تدريس أي قسم تدرسُ فيه هذه التلميذة .
-------
وبعد سنوات من هذه الحادثة سمعتُ أن تلك التلميذة هداها الله إلى لبس الحجاب وتابت إلى الله واستقام مرها والحمد لله رب العالمين , أسأل الله لها خير الدنيا والآخرة وسامح الله وليها وهداه إلى السبيل الحق , آمين .
قال لي أخ كريم تعليقا على قصتي مع هذه التلميذة " لست أرى في الطرد حلا ...إذا اعتبرنا أن ما فعلته الفتاة مشكلة . لقد تغيير الجيل وتغيرت مفاهيم كثيرة وأصبحت حرية اللباس من الأمور التي تسعى إليها الفتاة العصرية في مفهوم البعض . ..هي ترى أنها تملك الحرية الكاملة في ارتداء ما يحلو لها وأنها ليست مسؤولة عن نظرة الآخرين لها , وأن هذا يدخل في مفهوم الحرية الشخصية التي كفلها لها الدستور (!!!)... هي لديها قناعة تامة فيما تفعله , وعندما تعامل بأسلوب الطرد والنفي , فهي سوف ترى في هذا دكتاتورية ورجعية وتخلفا (!!!) . وسوف تتحول عندئذ من متهمة إلى شهيدة , وسوف تحارِبُ وتصم الأذنَ عن السماع لأنه قد تم مصادرة حريتها حتى وان كانت في ثوب قصير (!!!) ...الحوار والنقاش معها كان أفضل , واللين في التعامل كان هو المطلوب , والصبر ثم الصبر . أين نحن من نبي الله نوح عليه السلام : أخذ يدعو قومه 950 سنة إلى التوحيد.لا بد من تغيير طرق الدعوة والنصح , وذلك لأن الأساليب القديمة لم تعد تنفع في الوقت الحالي(!)".
فأجبته بقولي :
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ونفع الله بك . نتفق ونحن إخوة ونختلف ونحن إخوة كذلك .أولا : قلت " فهي سوف ترى في تشددك معها هذا دكتاتورية ورجعية وتخلف" .والجواب : ا- نحن نحاول أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونطبق حدود الله في حدود ما يسمح به القانون وفي حدود استطاعتنا , ثم لا علينا بعد ذلك مما يقوله الناس عنا . رضا الله هو الغاية والأساس , وأما رضا الناس فغاية لا تدرك كما هو معلوم . ب - ثم إن التلميذة لم تقل بأنني كنتُ معها رجعيا ومتخلفا ودكتاتوريا , بدليل أنها اليوم بعد أن تابت ولبست الحجاب وتزوجت , هي - والحمد لله - لا تذكرني إلا بالخير , وهي نفسها تقول بأنني كنتُ محقا فيما فعلتُه معها , وأن ذلك الموقف مني أثر فيما بعد تأثيرا طيبا على مجريات حياتها .ثانيا : قلت " وسوف تتحول - بسبب تشددك معها - من متهمة إلى شهيدة " .وأنا أقول لك بأنها لم تتحول أبدا من متهمة إلى شهيدة , بل حتى أهلها أنكروا وبشدة عليها عنادها كما أنكروا على وليها دفاعه عنها وسبه لأستاذها . لم تتحول التلميذةُ إلى بطلة حتى عند أقرب الناس إليها , وأما البعيدون عنها فإنهم أنكروا عليها بقوة وبشدة عنادها واستهتارها وقلة حيائها .ثالثا : قلت " الحوار والنقاش معها كان أفضل , وكذا اللين في التعامل معها والصبر ثم الصبر" .وأنا أقول لك : ا- لقد نصحتُ ووجهتُ طويلا , وصبرتُ طويلا قبل تلك الحادثة , ولا ننسى أن آخر الدواء الكي , وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن . ومن لم تنفعها النصيحة والتوجيه والصبر لم يبق صالحا لها إلا القوة والشدة والعنف . ب- هذا مع ملاحظة أن كل تساهل معها كان يمكن جدا أن يشجع غيرها على السير في طريقها المائع المنحل .
رابعا : قلت " أين نحن من نبي الله نوح عليه السلام : أخذ يدعو قومه 950 سنة إلى التوحيد ؟! " .
وأنا أقول لك بأن سيدنا نوحا عليه وعلى رسولنا محمد الصلاة والسلام كان يدعو بالدرجة الأولى كفارا ليدخلوا في دين الله : الإسلام . وأما هذه التلميذة فإنها مسلمة مؤمنة , ومع ذلك هي متمردة على شرع الله وأحكامه وحدوده وآدابه وأخلاقه . ولو كانت تاركة للصلاة ربما قال قائل بأنها تسيء إلى نفسها فقط بترك الصلاة , ولكنها بتبرجها وعريها هي لا تسيء إلى نفسها فقط بل هي تسيء وتعتدي وتظلم كلَّ رجل يقع بصرُه عليها , ومنه فإن الاستشهادَ بدعوة سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام هو – في رأيي- استشهاد هنا في غير محله . خامسا : قلت " لابد من تغيير طرق الدعوة والنصح . الأساليب القديمة لم تعد تنفع في الوقت الحالي " .وأنا أقول لك بأن هذه هي أساليب قديمة وجديدة في نفس الوقت , ولقد نفعت والحمد لله وستبقى تنفع , بدليل أن الأغلبية الساحقة من أهل الثانوية وافقوني في موقفي من التلميذة وتشددي معها , ثم إن التلميذة ذهب زمان وجاء زمان ثم تابت وأنابت , وعرفت أنها كانت مندفعة وراء مراهقة قوية , وأنها كانت عنيدة في الباطل , وأنها الآن نادمة تماما على كل ما صدر منها اتجاه أستاذها أستاذ العلوم الفيزيائية الذي طردها من القسم في يوم من الأيام بسبب لباسها الفاضح .والله وحده أعلم بالصواب .
وفي النهاية أنا أذكر هنا بعض العبر والدروس البسيطة التي يمكن أن تستنبط مما حكيتُ :
1- الأستاذ يجب أن يكون مربيا قبل أن يكون معلما , ولا قيمة كبيرة لتعليم بدون تربية .
2- ما أبعد الفرق بين من يتعامل مع التلميذ على اعتبار أنه ابنه , ومن يتعامل مع التدريس فقط على اعتبار أنه وسيلة لكسب ربح وأجر دنيوي أكبر .
3- حجاب التلميذة أو على الأقل لباسها المحتشم مهم جدا للتلميذة ولمجموع التلاميذ وللتعليم والتربية ولكل المنظومة التربوية . ولا يجوز أبدا أن يعتبر لباس التلميذة أمرا ثانويا لا قيمة له .
4- من أراد أن يدعو إلى الله تعالى وأن يجاهد في سبيل الله لا بد أن يكون مستعدا لأن يصاب بالكثير من الأذى يناله من أصدقاء أو من خصوم . وأما أن يطلبَ المؤمنُ البطولةَ والشرف والعظمة والأجرَ الكبير من الله وسعادةَ الدارين وهو يرفض أن يؤذى في سبيل ذلك , فهو بذلك كمن يزرع في واد أو ينفخ في رماد .
5- عندما تحرص على إرضاء الله فإن البعض من الناس قد يغضبون عليك في وقت من الأوقات ولكنهم سيحترمونك حتما في أعماق أنفسهم , وسيرضون عنك بإذن الله ولو بعد حين . ومنه فإنني أقول بأن تلك التلميذة هي الآن واليوم لا تُكِـنُّ لي إلا كلَّ احترام وتقدير , وأما وليها فإنه إذا صادفني في طريق فإنه يطأطئ رأسه – والحمد لله - خجلا وحياء من سوء ما فعل معي في يوم من الأيام ومنذ حوالي 10 سنوات .
والله وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .

ليست هناك تعليقات: