الخميس، 12 أبريل 2012

321- أستاذ لا يليق به لقب الأستاذ ! :

كل فئة من فئات المجتمع فيها الطيب وفيها الخبيث , والمعلمون والأساتذة فئة من فئات المجتمع منهم الحسن ومنهم السيئ , ولكنني أتمنى وأتوقع أن تكون أغلبية الأساتذة بإذن الله على خير وأن يكون السيئون من الأساتذة قلة قليلة جدا بإذن الله تعالى .

خلال السنة الدراسية 1978 – 1979 م , أي خلال السنة الدراسية الأولى لي في مجال التعليم كنت أدرِّس تلاميذ السنة الأولى ثانوي والسنة الثالثة ثانوي . وكنت أحرص خلال التدريس على أن أكون معلما ومربيا في نفس الوقت مما جلب لي الكثير من المشاكل مع السلطات المدنية والعسكرية ومع إدارة الثانوية , ولكن في المقابل جلب لي الكثير من المحبة من طرف أغلبية التلاميذ والأولياء والأساتذة , أسأل الله أن يرزقنا جميعا الصواب والإخلاص لله تبارك وتعالى .

وفي يوم من الأيام اتصلت بي تلميذة من تلاميذ السنة الأولى ( ذات أدب وجمال ولكن للأسف كانت ذات مستوى بسيط في الدراسة ) كانت تدرس عندي , اتصلت بي وهي تبكي . سألتها " ما شأنك ؟ " , فأجابت بعد طول تردد بأن أستاذا من دولة عربية كان يُـدرسها هي وزميلاتها مادة العلوم الطبيعية ( أنا أدرسهم مادة العلوم الفيزيائية وهو يدرسهم مادة العلوم الطبيعية ) , انفرد بها في القسم وفي حصة من الحصص , ثم راودها صراحة عن نفسها في مقابل أن يعطيها علامة جيدة في الاختبار !!!. وقالت لي بأن هذا الذي وقع معها بالأمس وقع مع غيرها من تلميذات القسم في أكثر من مرة من طرف نفس الأستاذ وخلال شهور , وأضافت " ولحسن الحظ يا أستاذ لم تستجب ولو تلميذة واحدة لرغبة الأستاذ الساقطة ... ولكن من يدري ما سيحدث في المستقبل إن تُـرِك الأستاذ لحاله يسرح ويمرح كما يشاء , ولم يُوقَـف عند حده ولم يؤدب ".

فاجأتني التلميذة بما أخبرتني به وحزنت كثيرا لما سمعتُ , ولكنني قلتُ لها " قبل أن أتصرف مع الأستاذ بعد قليل بما أراه مناسبا حتى لا يتكرر معكن أو مع غيركن ما حدث لكِ أنت بالأمس مع هذا الأستاذ ... يجب أن تعلم الواحدة منكن – أنت وزميلاتك – علم اليقين أن الرجل الساقط لا يخطو عموما الخطوة الأولى من أجل إغواء المرأة إلا بعد أن تخطو المرأة نفسُها خطوة واحدة قبل خطوته هو , إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . ومنه فـعلى كل واحدة منكن أن تحتاط ما استطاعت في تعاملها مع الذكور عموما حتى ولو كانوا أساتذة , وذلك عن طريق جملة أمور منها :

1- اللباس المحتشم ( الحجاب مازال في ذلك الوقت لم ينتشر في ثانويات الجزائر كلها ) .

2-عدم الخضوع في الكلام أمام الرجال .

3- تجنب الضحك على مسمع من الرجال الأجانب .

4- عدم الخلوة بأي رجل .

5- تجنب الأحاديث غير الضرورية مع الرجال .

6- تجنب أي نوع من أنواع الماكياج .

7- غض البصر , و ...

وذلك حتى لا يطمع فيكن من كان في قلبه مرض وزيغ وهوى من الرجال , وحتى لا يتطلع إلى النيل من شرفكن من كان عبدا لشهواته وغرائزه الحيوانية " .

وطلبت من التلميذة أن تبلغ هذه الوصايا لزميلاتها .

ثم تركتُ التلميذة وذهبت فورا إلى بيت الأستاذ الذي كان مسيحيا وكان يسكن في سكن خاص بأساتذة عزاب مسيحيين جاؤوا من دولة ... باسم التعاون الثقافي بين ... والجزائر .

طرقتُ الباب على مجموع الأساتذة فاستقبلوني استقبالا طيبا كعادتهم ( لأنني تعودت على زيارتهم بين الحين والآخر بمعدل حوالي زيارة واحدة في كل شهر , وكنت الأستاذ الجزائري الوحيد بالثانوية الذي يزورهم في بيوتهم من باب حسن المعاملة وإكرام الضيف , وكنت بطبيعة الحال أتجنب مشاركتهم في مناسكهم أو طقوسهم الخاصة , خاصة في الأعياد أو ما شابهها ... ) .

قلتُ لهم " أريد فلان " , قالوا " ما بالك يا أستاذ ... نحن نرى أنك اليوم في ثوب غير ثوبك المعتاد " , قلت لهم " لا شيء ... أنا أريد فلان وعلى انفراد " .

جاءني الأستاذ المعني , وكأنه لم يفهم سبب سؤالي عنه . قلتُ له " هيا بنا إلى حجرة خاصة نبقى فيها وحدنا " . ذهبنا إلى حجرة خاصة دخلناها وأغلق الأستاذُ الباب خلفـنا وقال لي متعجبا " ما الأمر ؟" , قلتُ له مباشرة " ماذا فعلتَ مع التلميذة فلانة ؟!" , فاصفر وجهه وعلم سبب مجيئي على عجل " . قال " ما فعلتُ معها شيئا يا أستاذ ... لا تغضب يا أستاذ ولا تسيء الظن بي ... لقد كان قصدي حسنا ... " , ثم بعد أن ضيقتُ عليه الخناق قال " أنا فعلتها مرة واحدة يا أستاذ , ولكنني لن أكررها مرة أخرى ... " .

سألته لبضع دقائق حتى تأكدت 100 % أنه راود بالفعل أكثر من تلميذة عن نفسها في مقابل تضخيم علامات الاختبار ... وأن جميع التلميذات لم تستجبن حتى الآن لما طلبه منهن .

قلت له عندئذ :

1- علاقتنا السابقة ببعضنا البعض انتهت ابتداء من اليوم . علاقتنا السابقة كانت أكثر من علاقة زملاء في التدريس بثانوية واحدة وأكثر من علاقة إخوة عرب (حتى ولو كنتُ مسلما وكنتَ أنت وزملاؤك مسيحيين) ... ولكن من اليوم فصاعدا نحن فقط أساتذة زملاء نلتقي بالثانوية لأن لقاءنا مفروض علينا , ولكن عندما أخرج من الثانوية أنا لا أعرفكم وأنتم لا تعرفونني .

2- يجب أن تعلم أنت وزملاؤك أننا استعنا بكم من أجل تعليم تلاميذنا وتلميذاتنا لا من أجل شيء آخر , وأن حكومتنا استعانت بحكومتكم عن طريق وزارة تسمي نفسها وزارة تربية لا وزارة سقاطة وانحراف وانحلال , وأن مليون ونصف مليون من الشهداء ماتوا خلال 7 سنوات فقط أثناء الاستعمار الفرنسي البغيض للجزائر , ماتوا من أجل أن تعيش الجزائر حرة بأدبها وخلقها ودينها ومن أجل أن تعيش نساؤنا حرائر بحيائهن وعفتهن وشرفهن لا بأي شيء آخر .

3- يجب أن تفهم وتحفظ بأنني وإن كنت في أغلب حياتي مسالما ومتسامحا فيما يتعلق بحقوقي وبالاعتداء عليها , ولكنني متشدد جدا أو ( على الأقل ) أحاول أن أكون متشددا ما استطعت فيما يتعلق بالتعدي على حقوق الله أو الناس .

4- أنا يا أستاذ أتألم بسبب الإعتداء على شرف امرأة واحدة أكثر بكثير مما أتألم لقتل عشر نساء أو لاغتيال مائة امرأة .

5- يا هذا أتمنى أن لا تعيد أبدا ما فعلته مع تلميذات بالثانوية , أن لا تعيده في أي قسم بالثانوية ومع أية تلميذة كانت , بل أنا أتمنى أن لا تُحدِّث من اليوم فصاعدا أية تلميذة على انفراد . أنت أستاذ قسم كامل فتحدث مع القسم كله أو مع التلميذة على مسمع من القسم كله . إياك أن تنفرد بتلميذة بعد اليوم ولو من أجل أن تقول لها " صباح الخير أو مساء الخير أو ... " . هذا هو الإنذار الأول والأخير لك , وقد أعذر من أنذر.

6- يا أستاذ لا يصلح لقب الأستاذ لشخص ما إلا بحقه , ومن حقه :

ا- أن يكون الشخص مربيا قبل أن يكون معلما .

ب- ومن حقه أن يكون قدوة عملية لتلاميذه .

جـ- ومن حقه أن يحرص على مصلحة تلاميذه كما يحرص على أولاده وبناته .

د- ومن حقـه أن يتقي الله في تلاميذه وتلميذاته سواء كان مسلما أو نصرانيا أو ... وكما لا يحب أي واحد منكم يا أستاذ أن يعبث أستاذ ما بعفة ابنته , لا يجوز لك أنت أو غيرك أن تعبث بشرف وعفة وحياء بنات الغير.

7- يا أستاذ السيئون مرفوضون سواء كانوا من بلدي أو من بلدك , والطيبون محمودون سواء كانوا أبناء بلدي أو كانوا أبناء بلدك أنت . أنا ضد اعتداء رجل على شرف بنات بريئات , سواء كان المعتدي من بلدي والمعتدى عليها من بلدك , أو كان المعتدي أنت الذي تريد الاعتداء على بنات بلدي , بل أنا حتى ضد اعتداء ولو مسلم أي مسلم على شرف أية امرأة في الدنيا كلها حتى ولو كانت يهودية .

الاعتداء على شرف المرأة - أية امرأة , مسلمة أو كافرة – حرامٌ وخزي وعار وسقاطة وانحراف وانحلال وميوعة و... مهما كانت جنسية المعتدي ومهما كان دينه .

8- يا أستاذ يستحيل أن تحترم تلميذةٌ أستاذَها وهي تراه يتعامل معها على أنه حيوان يريد أن ينقض على فريسته , عوض أن يكون أستاذا يُعلم ويربي ابنته . وحتى لو كانت التلميذة تحترمك كل الاحترام وتقدرك كل التقدير , ستنزل قيمتك عندها إلى الحضيض بمجرد أن تبدأ أنت ولو تلميحا في مساومتها على عفتها وشرفها . إن ما فعلته أنت مع تلميذاتك أسقط من قيمتك عند كل التلاميذ والتلميذات فضلا عن قيمتك الساقطة عند الله تعالى . ولو خرج خبرك إلى الناس فستكون فضيحة كبيرة لك .

9- وأخيرا أنا أهددك تهديدا ما فعلته من قبل مع غيرك , خاصة بهذه اللهجة بالذات ... والله يا أستاذ لو كررت مافعلته من قبل ولو مع تلميذة واحدة , فلن أشكوك إلى المسؤولين عندنا , ولكنني سأعاقبك بضربك . ولن أضربك أنا ولن أوسخ يدي بمسك أنت , ولكنني سأكلف أشخاصا ليوجعوك ضربا جزاء فعلتك القبيحة مع بنات الجزائر .

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد ".

وخرجت لتوي من مقر سكن هؤلاء الأساتذة .

وبعد بضعة أسابيع سألت بعض التلميذات عن سلوك الأستاذ معهن فأخبرنني بأنه تغير جذريا , وأنه أصبح يتجنب ويتحاشى الحديث الخاص مع أية تلميذة كانت , بل أصبح يحتاط كثيرا في علاقته بالتلميذات بشكل عام حتى لا يقع في خطإ يكلفه كثير أو في خطيئة تكلفه غاليا ... وبقي الحال على هذا المنوال حتى نهاية السنة الدراسية حيث تحولتُ أنا بعدها إلى مدينة أخرى ( غير التي كنت أُدرِّس فيها ) , وحيث قضيتُ مهام الخدمة العسكرية لمدة عامين اثنين .

اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا وارزقنا وعافنا .

اللهم ارزقنا حسن الخاتمة .

اللهم احفظ لنا الشرف والعفة والأدب والخلق والحياء , آمين .

322- الراقي يجب أن يكون أمينا وصادقا وصريحا :

أؤكد في البداية على ما أؤكد عليه باستمرر :

1- تشخيص الأمراض العضوية أدق من تشخيص الأمراض النفسية وكذا أدق من تشخيص الأمراض التي ترجع إلى السحر أو العين أو الجن .

2- الأصل في علاج الأمراض بصفة عامة هو العرض على الطبيب العضوي أو النفسي أولا , فإذا تأكد لدينا أن المريض ليس به شيء في نظر الطبيب , نتجه بالمريض عندئذ إلى الراقي ونحن مطمئنون بأن الرقية هي الحل بإذن الله تعالى .

3 – الرقية الواحدة تكفي غالبا لعلاج المريض , ولا نحتاج إلى رقية ثانية أو ثالثة إلا في القليل من الحالات . والراقي الذي يأخذ مالا على الرقية هو الذي يزعم في كثير من الأحيان أنه تلزم 5 رقيات أو 10 رقيات للمريض حتى يشفى من مرضه . يدعي ذلك كذبا وزورا فقط من أجل سرقة أموال الناس وأكل أموالهم بالباطل ليس إلا .

4- الصدق والإخلاص عند الراقي مهمان جدا إلى جانب علمه بالدين الإسلامي وبشؤون الرقية الشرعية , كأسباب للشفاء من المرض بإذن الله ... ثم لا يهم بعد ذلك أن يكون الراقي مشهورا أو مغمورا ... وأما مع غياب الصدق والإخلاص فلن تنفع الراقي بإذن الله شهرة الدنيا كلها .

ثم أقول بعد ذلك :

الراقي يجب أن يكون أمينا وصادقا وصريحا مع المريض وأهله . هذا سبب في رضا الله وزيادة الأجر عنده سبحانه وتعالى , ثم هذا سبب في ثقة الناس في الراقي وكذا في فعالية الرقية الشرعية كسبب شرعي في الشفاء من المرض .

الأمانة والصدق والصراحة صفات مهمة جدا عند الراقي , وأما الخيانة أو اللف والدوران أو المبالغة في المجاملة أو الكذب أو ما شابه ذلك ... فكلها صفات تسقط من قيمة الراقي عند الله , وتسيء إلى صورة الراقي عند الناس , وتقلص من احتمالات الشفاء الذي لا يأتي في النهاية إلا من الله وحده " وإذا مرضت فهو يشفيني " .

في يوم من الأيام ومنذ سنوات أتى أهل فتاة صغيرة عمرها حوالي 9 سنوات , أتوا إلي بابنتهم المريضة التي تصرع ويغمى عليها في كل يوم لمرات عديدة ... في كل مرة تتخبط الفتاة على الأرض لربع ساعة أو 20 دقيقة تخبطا زائدا ومبالغا فيه ومخيفا ( بالنسبة لمن لم يتعود على رؤية المصروعين) , سواء كانوا مصابين بصرع طبي أو بصرع هو إصابة جن ... ثم تستفيق الفتاة بعد ذلك وترجع إلى طبيعتها وكأن شيئا لم يكن .

رقيت الفتاة بعد أن سمعت منها ومن أهلها , رقيتها مرتين ثم غلب على ظني في النهاية أن مرضها صرع طبي وليس إصابة جن .

ولكن نظرا لأن أهلها مالوا إلى أن إصابتها هي مس جن , ونظرا لأن إحدى نساء أهلي أنا , هي من قريبات أهل الفتاة المريضة فإن هذه المرأة ( من أهلي ) رجتني وتوسلت إلي أن أجامل أهل الفتاة وأقول لهم " ابنتكم بالفعل مصابة بجن , وحل مرضها هو الرقية الشرعية ... وإذا لم أنفع أنا في علاجها فعليكم أن تبحثوا لها عن راق آخر ..." وطلبت مني أن أؤكد لأهل الفتاة بأن مرض ابنتهم لا يحتاج إلى طبيب أعصاب بل فقط إلى رقية شرعية !!!. قلتُ لهذه المرأة " مع احترامي لك يا فلانة , ولكنك تطلبين مني شيئا مستحيلا ... إن الراقي يجب أن يكون صادقا وصريحا وأمينا ... وكل هذه الصفات هي من الأسباب الأساسية من أجل نجاحه في الرقية الشرعية " . حاولت ثم حاولت هذه المرأة معي , على اعتبار أن أهل الفتاة عندهم ميل إلى أن سبب مرض ابنتهم هو مس جن , وأنه ليس عندهم أي استعداد لأخذ ابنتهم عند طبيب ... ولكنني رفضت وأصررت على الرفض .

اتصل بي أب الفتاة بعد ذلك وخلال أيام , اتصل بي عدة مرات من أجل أن أرقي مرات أخرى ابنته , ولكنني امتنعت بأدب وطلبت منه باللين أن يأخذ ابنته عند طبيب اختصاصي... فرأيت علامات الرفض ظاهرة على وجهه ...

بقيت أنا على رأيي وصراحتي وبقي هو على إصراره ( الذي أخذه من نساء لا من رجال ) بأن المرض هو فقط مس جن ليس إلا . استدعى خلال الأيام المقبلة أكثر من راق من أجل أن يرقوا ابنته ولكن كل المحاولات عن طريق الرقية الشرعية باءت بالفشل ولم تأت بثمار ... وعندئذ وتحت ضغط عدم شفاء ابنته عن طريق الرقية من جهة , وبسبب رأيي الذي بقيت أنا مصرا عليه من جهة ثانية , وبسبب نصائح بعض الأقارب الأطباء توجه الأب بابنته بعد ذلك إلى طبيب اختصاصي حيث اكتشف الطبيب وبسهولة بأن البنت مصابة بالمرض ... الذي هو نوع من أنواع الصرع الطبيب المعروف جدا عند الأطباء ( تشخيصا وعلاجا ) . لامه الأطباء لأنه تأخر بابنته ولم يأت بها منذ بداية مرضها ...

وعندها وعندها فقط علم الأب أنني كنت على صواب في تشخيصي وفي إصراري على الصراحة والصدق وعدم مجاملته وتأكد أنني عندما رفضت مواصلة الرقية مع البنت أنا كنت أريد مصلحتها أولا . أعطى الأطباء الدواء المناسب للبنت , وبسببه توقفت بإذن الله الإغماءات التي كانت تأتي الفتاة يوميا لعدة مرات , ولكن الفتاة ما زالت للأسف الشديد تعاني إلى اليوم من بعض الأعراض الثانوية لمرضها .

اللهم بصرنا بعيوبنا وغلبنا على أنفسنا وعلى الشيطان , آمين .

323 – إذا أردت أن تُـحَـبَّ يجب أن تُـحِـبَّ أنت أولا وأن تُـحِـب لله لا لغيره :

بالأمس فقط ( الإثنين 28 جوان 2010 م ) وقعت واقعة بسيطة بيني وبين مجموعة من الأساتذة , واقعة ستبقى بإذن الله عندي ذكرى طيبة ضمن آلاف الذكريات الطيبة التي عشتها طيلة حياتي .

استدعيتُ أنا و20 أستاذا آخرون لتصحيح امتحان البكالوريا بثانوية عبد الحفيظ بوالصوف

( نفس الثانوية التي أدرس بها منذ عام 1984 م ) التي أصبحت من العام الماضي مركزا دائما لتصحيح البكالوريا كل عام .

بدأت أنا وزملائي ال 20 نصحح امتحان البكالوريا يوم 20 جوان في مادة العلوم الفيزيائية مع مئات من الأساتذة في المواد المختلفة لشعبتي ( تقني رياضي , وآداب وعلوم إنسانية ) .

وكنا نحن أساتذة العلوم الفيزيائية ال 21 كلنا نُـدرس في ثانويات ولاية ميلة المختلفة ... ولأن مجموع الأساتذة المصححين بالثانوية كان كبيرا فلقد تم تخصيص قاعة واحدة لنا نحن نصحح بداخلها لمدة حوالي 10 أيام 26 لجنة , وكان يشرف علينا أستاذ مفتش في العلوم الفيزيائية بولاية من ولايات الجزائر .

قضينا أيام التصحيح ( كنا 12 أستاذا و9 أستاذات ) في جو ساده الجد والحزم وكذا المرونة والليونة أثناء التصحيح , كما سادته المحبة والأخوة بيننا والمعاملة الطيبة والعشرة الحسنة , وكأننا عائلة واحدة وكأننا نعرف بعضنا البعض من زمان طويل .

ولأنني أسكن بجانب الثانوية مركز التصحيح ( بين بيتي والثانوية حوالي 25 مترا فقط ) فإنني كنت ومن تلقاء نفسي وبعفوية ولله ( بإذن الله ) آخذ معي في كل يوم من بيتي وعلى حسابي الخاص ومن جيبي وعلى نفقتي , آخذ أشياء ومأكولات ومشروبات لمجموع أساتذة العلوم الفيزيائية يأكلونها أو يشربونها عند حوالي الساعة ال 10 صباحا من كل يوم ( أي بين الغذاء والفطور ) , أو بعد الغذاء بساعة أو ساعتين . كنت خلال أيام التصحيح آتي الأساتذة مرة بكسرة ساخنة تطبخها زوجتي في البيت أو حلوى معينة تحضرها ابنتي في البيت أو " طمينة " أحضرها أنا في الصباح أو بعد الظهر مباشرة ... كما كنتُ آخذ يوميا لمجموع الأساتذة مشروبا ( هو مغلي مجموعة من الأعشاب الطبية ) يتناوله الأساتذة عوضا عن القهوة أو الشاي , فيه تهدئة للأعصاب وينفع المصران والمعدة كثيرا , كما أن فيه فوائد أخرى جمة .

قلتُ : أنا آخذ ما آخذ للأساتذة وأعطيهم ما أعطيهم وأنفق ما أنفق بطريقة عفوية وبإذن الله لوجه الله , لأنني تعودت على هذا الأمر وعلى هذا العمل وعلى هذا السلوك منذ حوالي 22 سنة خلت وحتى اليوم ... بل إنني تعودت على هذا السلوك حتى عندما كنت أصحح في مدينة قسنطينة التي تبعد عن مدينة ميلة ( مقر سكني وعملي ) ب 45 كلم , والتي كنت أتنقل إليها ذهابا وإيابا عن طريق وسائل النقل العامة ( لأنني لا أملك سيارة ) ... أفعل هذا لوجه الله في وقت أصبح فيه وجه الله غريبا على الكثير الكثير من الناس بمن فيهم الكثير من الأساتذة الذين يتساءلون سرا أو جهرا " لماذا أنت تنفق ما تنفق من جهد ومال ووقت من أجل أكل وشرب أساتذة ( أنت يا أستاذ عبد الحميد لست مسؤولا شرعا ولا قانونا ولا عرفا عن الإنفاق عليهم) "!!! .

سارت الأمور بهذا الشكل واستمر التصحيح في جو ملؤه المحبة والاحترام والتقدير مع أحاديث دينية في أوقات الفراغ ومع نكت وتعليقات ومع نصائح وتوجيهات ومع حكم وأمثال ومع ... كانت تتم باستمرار بطريقة عفوية .

ثم فوجئت يوم الإثنين 28 جوان ( أول أمس ) على الساعة 10 صباحا تقريبا , حيث وجدت بعض المشتريات وسط القاعة مغلفة بأغلفة جميلة وموضوعة داخل كيس كبير وأجمل , ورأيت أستاذة تقدمت مني ( نيابة عن الجميع ) وقالت مازحة " كأن هذه الأشياء للأستاذ رميته !" , قلت لها وأنا متعجب " لا , هي ليست لي , وأنا لا أدري ما هي ؟!" , فقالت الأستاذة " هذه يا أستاذنا العزيز هدية منا نحن زملائك في هذه القاعة ومعنا السيد مفتش المادة المسؤول عنا هنا ... هي هدية منا رمزية جدا وبسيطة للغاية ( ماديا ) ولكنها معنويا أردنا أن نعبر من خلالها عن مدى شكرنا لك وامتناننا واعتزازنا , كما أردنا من خلالها أن نعبر لك عن حبنا واحترامنا وتقديرنا لحضرتك ... نحن نشكرك كثيرا ونتمنى من الله أن يبارك فينا وفيك وأن ينفع بك وأن يكثر من أمثالك وأن يجعلك ذخرا للإسلام والمسلمين ... عطاؤك كبير وفضلك عظيم , الله وحده قادر على أن يجازيك الجزاء الأوفى من عنده هو سبحانه وتعالى ".

ثم قدمت لي الهدية فشكرتها , وشكرت مجموع الأساتذة على هذه الإلتفاتة الطيبة منهم التي لم أنتظرها أبدا ولم اطلبها ... ما تمنيتها ولكنني أعتز بها جدا وللغاية عندما وقعت ...

وفي البيت مساء ذلك اليوم تفقدتُ أنا وزوجتي وأولادي تلك الهدية فوجدناها كذا وكذا ... ومجلة علمية ودينية غالية و... ورسالة أنا أعتز بها كثيرا وأحتفظ بها ذكرى عزيزة جدا من أساتذة أعزاء وأستاذات عزيزات , رسالة شكر وعرفان من مجموع الأساتذة ومعهم السيد المفتش , وفي أسفل الرسالة كتب الجميعُ أسماءهم وألقابهم وأمامها كتبوا إمضاءاتهم .

وفي نهاية هذه القصة البسيطة أنا أريد أن أعلق بما يلي :

1- أسأل الله لي ولكل مسلم الصدق والإخلاص لله وحده في كل قول وعمل .

2-عندما حكيتُ القصة فإنني حكيتها من أجل أخذ العبرة والعظة منها ليس إلا .

3- لن تُـحَـب ( بفتح الحاء ) من قبل الغير حتى تُـحِـب ( بكسر الحاء ) أنت الغيرَ . لن تحب من طرف أولادك حتى تحبهم أنت قبل ذلك , ولن تحب من طرف أقاربك وجيرانك وأصدقائك و ... حتى تحبهم أنت قبل ذلك , ولن تحب من طرف تلاميذك حتى تحبهم أنت أولا , ولن تحب من طرف زملائك الأساتذة حتى تحبهم أنت أولا ...

لن تحب من طرف الغير حتى تحب أنت هذا الغير وتحبه لله تعالى وحده . لا يجوز أبدا أن تحِـب الغير وتطلب منهم تلميحا أو تصريحا " أسرعوا أحبوني لأنني أحببتكم "!. لا , هذا لا يصلح ولا يجوز ولا يقبل ولا يستساغ أبدا ... لن تحصل يا هذا على محبة الغير لك حتى تحب أنت ذلك الغير لوجه الله , بغض النظر عن أن الغير أحبك أم لا . ثم عندما تخلص أنت تمام الإخلاص لله تعالى ستأتيك حتما محبة الغير لك .

4- إذا أردت أن يحبك الله لا بد أن تحبه أنت أولا , بالإيمان به وبرسوله محمد عليه الصلاة والسلام وبالإلتزام بفعل الطاعات واجتناب المعاصي و... فإذا فعلت وصدقت وأخلصت أتتك محبة الله لك بإذن الله " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " .

5- ما أعظم لذة فعل الخير مع الغير ... اليد العليا خير من اليد السفلى , وفي كل خير ... واليد التي تعطي أعظم وأفضل من اليد التي تأخذ ... واللذة التي يحس بها المرء وهو يخدم غيره (ماديا أو نفسيا أو معنويا ) هي أعظم وأكبر مليون مرة من اللذة التي يجدها المرء وهو يخدم نفسه , ولكن أكثر الناس لا يدركون هذه الحقيقة للأسف الشديد حيث يقضون جل حياتهم في خدمة أنفسهم طلبا للحصول على سعادة وهمية وشكلية وكاذبة . إن نعمة خدمة المسلم لغيره من عباد الله وقضاء حاجاتهم والتفريج عن كرباتهم والمساعدة على حل مشاكلهم ومعاملتهم المعاملة الطيبة ومعاشرتهم العشرة الحسنة ... إن كل ذلك نعمة عظيمة لا يعرف قيمتها إلا من عاشها , أو من حُـرم منها بعد أن ذاق لذتها .

6- من ينتقدك في الحياة الدنيا هو ليس دوما منطلقا من أنه يعرف بأنه خير منك ... بل إن الكثيرين نصادفهم في حياتنا ... كل واحد منهم يعرف أنك أنت خير منه وأفضل منه لأنك صاحب أدب وخلق ودين و ... ولكن نظرا لأنه لا يقدر أو لا يريد أن يجاهد نفسه وهواه وشيطانه ليكون مثلك , تجده عندئذ يلجأ إلى سبك وشتمك وانتقادك بالباطل وإلصاق العيوب المختلفة فيك و... كما يفعل الثعلب حين لا يلحق عنقود العنب يقول عنه بأنه " حامض " !.

وفقني الله وأهل المنتدى جميعا لكل خير , آمين .

324 كنت أراسل أستاذة الأنجليزية ! :

مما له صلة بالتلاميذ وكتابة الإنشاء في الأنجليزية أو الفرنسية , التي هي مهمة يجد الكثير من تلاميذ هذا الزمان صعوبة فيها , مما له صلة بذلك أتذكر أنني كنت خلال العام الدراسي 1974 – 1975 م أدرس في السنة الثالثة ثانوي رياضي حيث الرياضيات والعلوم الفيزيائية هما المادتان الأساسيتان , ومع ذلك كنتُ والحمد لله متفوقا في كل المواد بما فيها مادة الأنجليزية التي كنتُ آخذ فيها غالبا 20 على 20 . ولذلك أحبتني أستاذة الأنجليزية ( ألمانية متزوجة بأمريكي ) محبة الأستاذة لتلميذها ... ولأن عقدها هي وزوجها انتهى مع وزارة التربية الجزائرية في تلك السنة فإنها ومع نهاية السنة التي نجحتُ فيها في شهادة البكالوريا أخذت مني ( بعد إذن زوجها ) عنواني الخاص وطلبت مني أن أراسلها باستمرار حتى أبقى متقنا للغة الأنجليزية , (وذلك قبل أن ترجع هي مع زوجها إلى ولاية مينيسوتا بأمريكا) . وبالفعل كنت أكتبُ لها وتكتب لي باستمرار وبمعدل رسالة في كل شهر تقريبا , وكانت كل رسالة فيها صفحة أو صفحتان كلها بالأنجليزية ... وكانت مراسلاتـنا بريئة ونظيفة 100 % , كلها تتحدث عن أحوالي وأحوالها وأحوال زوجها , وعن الطبيعة في بلادنا وبلادها , وعن الأكل والشرب والنوم والسياحة والجبل والواد والبحر وما شابه ذلك ... وكانت كل الرسائل بيني وبينها بإذن زوجها ... وكنت أتقن اللغة الأنجليزية كتابة ونطقا , حيث ساعدتني هذه الرسائل مني وإلي , ساعدتني كثيرا ...

ولكن وفي يوم من الأيام ونتيجة ضيق الأفق عندي وتشددي تشدد الشباب المتحمس لدينه والجاهل بدينه , فكرتُ ثم فكرت في هذه المراسلة : تليق أو لا تليق ؟ , تجوز أو لا تجوز ؟ , ... ثم وبدون الرجوع إلى أي عالم أو داعية قررتُ التوقف عن كتابة هذه الرسائل إلى أستاذتي ... أرسلت إلي رسالة أخرى أولى تساءلت فيها عن سبب عدم ردي على رسالتها , ثم أرسلت رسالة ثانية , ثم أرسلت ثالثة ثم توقفت نهائيا ... وانقطعت الصلة نهائيا بيني وبينها منذ ذلك الوقت وإلى اليوم .

ولأنني تكاسلت بعد ذلك وأنا أدرس في جامعة قسنطينة ومع واجبات الدراسة وكذا مع تكاليف الدعوة والحركة والسياسة و... ولأنني توقفت عن الكتابة والمطالعة بالأنجليزية فإنني بدأت أنسى اللغة الأنجليزية ثم أنسى , بحيث أصبحت اليوم مثلي مثل أي تلميذ ثانوي عادي في مادة الأنجليزية أجد صعوبة في التحدث بها أو في الكتابة بها , وأما أن أكتب إنشاء أو رسالة باللغة الأنجليزية كما كنتُ أفعل أيام زمان فهو أمر شبه مستحيل ... وذلك بعد أن كانت عندي الكتابة بالأنجليزية في يوم من الأيام , كانت ربما أسهل من شربة ماء .

325- قال لي " فحدثنا عن أمور أخرى أنفع وأصلح , بارك الله فيك " :

عندما قرأ لي أحد الإخوة الأفاضل ما كتبته في موضوع نشرته في بعض المنتديات تحت عنوان " أترضاه لأختك " , وأنا أحذر بعض الشباب وأنكر عليهم تعلقهم الزائد بالبنات وأنكر عليهم ما يفعلونه مع هؤلاء البنات ( من مواعيد وتسليم وغزل وخلوات وتبادل صور وصداقات وحديث متكرر عن طريق الهاتف وعناق و ... ) بدون خطبة ولا عقد شرعي ... عندما قرأ لي الأخ هذا الكلام ,

قال لي " السلام عليكم يا أستاذ :
أنا أجزم أن كل ما قلته صحيح وسليم , ولكن من الناحية النظرية فقط ، غير أن الواقع مختلف تماما يا أستاذ وأعذرني في ذلك لأن كل ما أشاهده يوميا وأقف عليه في بعض الأحيان بعيد كل البعد عما تذكره من خلال موضوعك وعما تعتبره أنت تجاوزا للخطوط الحمراء والسوداء . إن ما نعيشه يا أستاذ من فساد فاق كل تصور ، لقد أضحى الآباء

والأمهات من يشجعون على الرذيلة ولك في القصص التي ترويها الجرائد يوميا العظة

والعبرة فحدثنا عن أمور أخرى أنفع وأصلح , بارك الله فيك " .

فأجبته بقولي :

" أخي الكريم شكرا جزيلا لك .
الله يرضى عنك ويوفقك لكل خير .
ومع ذلك أنا أقول لك " لا وألف لا " , سأبقى أتحدث في هذا الموضوع ( وفي غيره ) اليوم وغدا وإلى أن يتوفاني الله على خير بإذن الله .
أولا : لقد ذكرتني أنت بتلميذة بالثانوية , قالت لي منذ حوالي 20 سنة " يا أستاذ كأنك لا تعرف الواقع ... أنت تحدثنا عن أشياء جميلة جدا وتنصحنا بالدين والأدب والأخلاق , ولكننا في المقابل نرى أننا نعيش في مجتمع متوحش فيه من السوء ما فيه " , فابتسمت وقلت لها :
"
لا يا ابنتي , أنا أجزم لك أنني أعرف الواقع الطيب والخبيث أحسن منكِ بكثير ... أنا أعرف الكثيرين جدا من الخيرين ومن الأشرار , ودرست التلاميذ خلال 32 سنة من التعليم الثانوي , ورقيتُ حتى الآن أكثر من 15500 رجلا وامرأة من حوالي 25 ولاية من ولايات الوطن , وقدمت دروسا ومحاضرات وندوات دينية هنا وهناك لسنوات وسنوات , وقرأت آلاف القصص والروايات الحقيقية والخيالية , وقرأت المجلات والجرائد منذ حوالي 40 سنة بالعربية والفرنسية ... وأنا على اتصال دائم برجال شرطة وبأطباء وبرجال قضاء , ودخلت السجن مرتين وعرفت أثناء ذلك الكثير , ورأيت المساجين وعاشرتهم أشكالا وألوانا , واتصلت بي آلاف النسوة واتصل بي آلاف الرجال منذ عشرات السنين من أجل السؤال عن الحلال والحرام أو من أجل المساعدة على حل مشاكل اجتماعية و......"
"
ومنه فأنا أعرف الكثير الكثير عن الواقع السيء المعاش عندنا في الجزائر أو في العالم العربي والإسلامي أو في أنحاء العالم كله ...".
ولكنني أنبهك ابنتي إلى حقيقتين مهمتين جدا وهما :
1- إن الحق يبقى حقا إلى يوم القيامة مهما سماه الناس باطلا ومهما انحرفوا عنه .

إن الصلاة والصيام والزكاة والحج والصدق والوفاء والأمانة و ... كلها حق مهما انحرف الناس عنها ومهما سموها بأسماء أخرى .
وإن الباطل سيبقى باطلا إلى يوم القيامة مهما سماه الناس حقا ومهما انغمسوا فيه . إن الخمر خمر وهي حرام مهما سماها بعض الناس مشروبات روحية أو مشروبات بدون كحول أو ... وإن الكذب حرام مهما سماه بعضهم " كذبا أبيضا " أو " قفازة " أو " شطارة " أو ... وإن الزنا ومقدماته حرام مهما اقترفها ناس واعتبروها أمورا عادية ولا بأس بها ومهما سموها بغير أسمائها الحقيقية ... وإن الربا حرام وإثم وعدوان مهما سماه ناس
"
تجارة " واعتبروه حلالا .
2- ثم شخص واحد يبني و10 يهدمون , هذا أفضل بكثير ( عند الله وعند كل العقال من الناس ) من أن يكون ال 11 كلهم يهدمون ... وأنا أريد أن أبني مهما كثر الهدامون حولي ... والله يوم القيامة يحاسبني على ما قدمتُ من أسباب من أجل نشر الخير ومقاومة الشر , ولن يحاسبني بإذن الله عن واقع سيئ أنا لست مسؤولا عنه كما لن يحاسبني عن عدم بذل جهد أنا لا أقدر على بذله" .

ثانيا : ثم إنني الآن أتذكر كذلك أن شابا أتى به أهله إلي منذ يومين من أجل أن أنصحه . وكان الشاب طالبا في الجامعة ( بقيت له على الأقل سنتان دراسة ) , ولم يؤد مهام الخدمة العسكرية , أهله فقراء , أبوه طاعن في السن ويعاني من عدة أمراض , له أخوان أكبر منه غير متزوجين بسبب ظروفهما المادية الصعبة , عمره 24 سنة , تعلق بفتاة طائشة تدرس في السنة الأولى ثانوي أعادت السنة عدة مرات , متكاسلة في دراستها , سلوكها سيئ وسمعتها لا تعجب ولذلك رفضها أهل الشاب زوجة له جملة وتفصيلا ... ومع كل ما ذكرتُ وما لم أذكر أراد الشاب أن يفرض على أهله أن يخطبوا له الفتاة وفي الحين ليتزوج بها ولو بعد سنوات ... وفي انتظار ذلك فإن الشاب يتصل بالفتاة باستمرار ويحادثها ويغازلها ويحتفظ بصورها و... وعلى أهله أن يخطبوا له الفتاة وإلا فإنه يهدد أسرته بالتوقف عن الدراسة الجامعية أو بعدم الرجوع إلى البيت أو باللجوء إلى الخمر والمخدرات أو بالإنتحار ...

كلمته طويلا وأذكر أنني عندما وصلت إلى قولي " أنت تعلقت يا هذا بصورة لا بسلوك , والصورة ستزول بعد شهور فقط من الزواج , ولا يبقى من المرأة إلا سلوكها وأدبها وأخلاقها و..."

قال لي " أنا تعلقت بالصورة وبالأخلاق في نفس الوقت "!!!.

قلت له " عن أية أخلاق أنت تتحدث والفتاة تتصل بك منذ سنوات وبدون عقد ولا خطبة وبطريقة محرمة 100 % , ومع ذلك أنت تتحدث عن أخلاقها ؟! ... عن أية أخلاق أنت تتحدث ؟!... بئست الأخلاق أخلاق هذه الفتاة ... لو كانت الفتاة ذات أخلاق لقالت لك من أول يوم " ليس لك عندي شيء , لا كلام ولا سلام ولا اتصال ولا صور ولا هاتف ولا ... إن كنت جادا وصادقا وكفئا وقادرا ليس أمامك إلا الاتصال بأهلي , فإن وافقوك وخطبتني بشكل رسمي وعقدت علي فأهلا وسهلا بك , وكلي عندئذ حلال لك , وأما قبل ذلك فأنا لا أعرفك وأنت لا تعرفني ..." .

قال لي الشاب " يا أستاذ هذا النوع الذي تتحدث عنه أنت نادر وأصبح شاذا " !.

قلت له " هو نادر وهو شاذ وغريب , ولكنه هو الحق والعدل , وهو الصنف الذي يرضى الله عنه ... ثم هل ترضى هذا أنت لأختك ؟! كيف لا ترضى لها إلا الأدب والعفاف والشرف وإلا إبعادها عن أية علاقة غير شرعية مع أي أجنبي عنها , وإلا فالويل لها ثم الويل , لأنك تعتبر أنها إن صاحبت أيا كان بلا خطبة ولا عقد فقد تخلت عن أدبها وأخلاقها ودينها ... وأما بنات الناس أمثال الفتاة التي تعلقت أنت بها فمهما ارتكبت هي من حرام ومن منكرات فلا بأس بكل ذلك (لأنها موضة , ولأن هذا شأن الأغلبية , ولأن نيتك أنت حسنة , ولأنها إن انحرفت فإنها انحرفت معك أنت فقط ) .... أنت حلال عليك كل النساء , وكل امرأة انحرفت معك أنت ينقلب انحرافها معك إلى أمر عادي وطبيعي ولا شيء فيه ... وأما أختك أنت فإياها ثم إياها أن تتحدث بكلمة واحدة مع أجنبي عنها أو أن تعطي رقم هاتفها لآخر أو أن يمس شعرة من رأسها أي رجل أو شاب أجنبي !!!...

ألا ما أحقرها من أنانية , وألا ما أسقطه من تفكير , وألا ما أهبطه من منطق , وألا ما أسفهه من عقل أنتم ( أنت وأمثالك ) تفكرون به ....

وفقنا الله جميعا لكل خير وأصلح الله أحوالنا جميعا , آمين".

ليست هناك تعليقات: