الأحد، 17 فبراير 2008

1- قراءة القرآن الكريم على الميت :


1- قراءة القرآن الكريم على الميت :

هذه ذكرى لحادثة وقعت يوم ... بعد صلاة العشاء مباشرة , وهي ذكرى طريفة بعض الشيء . ذهبت لأعزي رجلا أعرفه في موت أبيه الذي توفي يوم ....وكعادتي في مناسبات الأفراح أو الأحزان إما أن أجد جوا مناسبا ( فرح أو حزن ) , ونظيفا نتذاكر من خلاله أمور ديننا بما يوافق المناسبة , وإما أن أنصرف راشدا .دخلت البيت فوجدت الجو غير مناسب للموعظة والتذكير , حيث أن أغلبية الحاضرين كانوا مستغرقين إلى أعناقهم مع أحاديث الدنيا والسياسة ومع اللغط والضحك ومع شرب الدخان والأكل والشرب و... فناديتُ بنَ الميت الذي أعرفه جيدا وجلست معه حوالي ربع ساعة أعظه وأذكره بالبعض من الأحكام الإسلامية التي لها صلة بالموت والعزاء وزيارة المقبرة وإكرام الناس الضيوف وبواجبات الحي اتجاه من مات وبصلاة الجنازة وبالميرات و... وأكدتُ من ضمن ما أكدتُ عليه على أن حكاية الأربعين بدعةٌ محرمة وأكدتُ كذلك على أن قراءة القرآن على الميت بعد موته مباشرة وجماعيا لا تجوز سواء بأجر أو بدون أجر و...وكان الشخص الذي يسمعُ خاشعا و...وكان يحترمني ويقدرني , إلا أنه ضعيف , بحيث يمكن لأهله أن يغلبوه ويفرضوا عليه الحرام بكل سهولة .قلت له : " أفضل ما تقدمه لأبيك رحمه الله : الدعاء والصدقة " , وقلتُ له كذلك " أهلُ الميت يكذبون ألف مرة عندما يقرأون القرآن على الميت بعد موته ثم يزعمون أنهم بهذا يخدمون الميت في قبره ويثبتون محبتهم له . إنهم يكذبون ثم يكذبون" . قال لي " صحيح يا شيخ أصبتَ.ما أجهل الكثير من الناس وما أشد بعدهم عن الدين !". وبعد قليل استأذنتُ في الانصراف .وعندما خرج معي هذا الأخ أمام الدار ليودعني وجدنا رجلا آخر يقول لهُ " ها هم الجماعة الذين طلبتَـهم لقراءة القرآن على الميت قد حضروا . أين آخذهم ؟ ." نظرتُ إلى بن الميت فوجدتُ وجهه قد احمر من إحراجه أمامي . ومع ذلك أنا تركتُ المجاملة جانبا وقلتُ للشخص الآخر "حرام عليكم يا هذا ما تفعلون . والله ما هكذا نحبُّ الميتَ وما هكذا نخدم الميتَ , ولا هكذا نحسنُ إلى الميتِ". فرد علي الشخصان معا " كلامك صحيح يا شيخ .كلُّ ما تقول على الرأس والعين ولكن."!!! وما أسوأ " لكن " هذه !!! .
قال لي قائل : "وكأنك بهذا تريد أن تقول بأن قراءة القرآن وإهداء ثوابها إلى الميت حرام؟ " , فقلتُ: " لا !. لم أقل هذا أبدا . لقد قال بعض العلماء بأن قراءة القرآن وإهداء ثوابه إلى الميت جائز بإذن الله تعالى .ولكنني أنا هنا أتحدث عن قراءة القرآن جماعيا بمناسبة وفاة الميت , أي في اليوم الذي يموت فيه الشخص ( قبل الدفن أو بعده مباشرة ) , وهي قراءة فيها من المفاسد ما فيها : لا تراعى فيها أية أحكام , والمستمعون لا يستمعون في الحقيقة , وإنما هم يأكلون أو يشربون أو يتحدثون أو يدخنون أو مع القيل والقال أو مع الغيبة والنميمة والبهتان أو ... ولا يعطون أية أهمية للقرآن الذي يتلى .والشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله كان يؤكد باستمرار في دروسه ( وفيما يكتبُ) على أن هذه القراءة بالذات حرام ثم حرام .وأما قراءة القرآن في أي وقت , وبشكل فردي , وإهداء ثواب هذه القراءة للميت فقد أجازه بعض العلماء .

ليست هناك تعليقات: