الاثنين، 15 يونيو 2009

وقفات مع ذكريات من 231 إلى 240 :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

231- مع المرور بين يدي المصلي : من المعروف بداهة في ديننا أنه لا يجوز المرور بين يدي المصلي , أو على الأقل يحرم المرور بين موضع قدمي المصلي ومكان سجوده . عَنْ أبي جُهَيْم بنِ الصِّمَّةِ الأنصَارِي رضيَ الله تَعَالَي عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِِ الْمُصلِّى مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ لَكَانَ أنْ يَقِفَ أربَعِينَ خَيْراً لَهُ من أنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَي الْمُصلي ". قال أبو النضر: لا أدْرِي قَالَ أرْبَعِينَ يَوماً أوْ شَهْراً أوْ سَنَةً . والمعنى – كما قال بعض العلماء " أن المصلي واقف بين يدي ربه يناجيه ويناديه , فإذا مرَّ بين يديه في هذه الحال مارّ ، قطع هذه المناجاة وشوّش عليه عبادته , لذا عظم ذنب من تسبب في الإخلال بصلاة المصلى بمروره . ومن هنا فأخبر الشارع : أنه لو علم المسلم ما الذي ترتب على مروره ، من الإثم والذنب ، لفضل أن يقف مكانه الآماد الطويلة على أن يمر بين يدي المصلى ، مما يوجب الحذر من ذلك ، والابتعاد منه . ومما يؤخذ من الحديث :
1- تحريم المرور بين يدي المصلي ، إذا لم يكن له سترة ، أو تحريم المرور بينه وبينها إذا كان له سترة .
2- وجوب الابتعاد عن المرور بين يديه ، لهذا الوعيد الشديد .
3- أن الأولى للمصلى أن لا يصلي في طرق الناس ، وفي الأمكنة التي لا بُدَّ لهم من المرور بها ، لئلا يُعَرِّض صلاته للنقص ، ويُعَرض المارَّة للإثم .
4- شك الراوي في الأربعين : هل يراد بها اليوم أو الشهر أو العام ؟
ولكن ليس المراد بهذا العدد المذكور الحصر ، وإنما المراد المبالغة في النَّهْى .
ولهذا ورد في صحيح ابن حبان ، وسنن ابن ماجه ، من حديث أبي هريرة " لكان أن يقف مائة عام خيراً من الخطوة التي خطاها ".
5- أما في مكة ، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لو صلى المصلى في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره سواء من مر أمامه رجل أو امرأة ".
وأرجح ما قيل في المسافة التي يحرم على الشخص أن يمر فيها بين يدي المصلي – كما قال الشيخ بن باز رحمه الله رحمة واسعة - أن الحد ثلاثة أذرع ( أي حوالي متر واحد ) . إذا كان ماله سترة ، إذا كان وراء ثلاثة أذرع فلا حرج ، أو كان وراء السترة فلا حرج . أما أن كان بينه وبين السترة فهذا لا يجوز ، أو كان قريباً منه في أقل من ثلاثة أذرع فهذا لا يجوز . والأصل في هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - لما صلًّى في الكعبة جعل بينه وبين جدار الكعبة الغربي ثلاثة أذرع ، قالوا : هذا يدل على أن هذا المقدار هو الذي يعتبر بين يدي المصلي ، فإذا كان بعيداً من هذا المقدار من قدم المصلي فإنه لا يعتبر مارا بين يديه ". قال الشيخ بن باز " هذا هو الأرجح" .
ومن ذكرياتي المتعلقة بالمرور بين يدي المصلي ما وقع لي اليوم ( 21/5/2008 م ) , وأنا أصلي ركعتين نافلة قبل صلاة العصر جماعة في مسجد من المساجد . وقبل أن أكمل أقول " أظن أن الكثير من النكت التي نقرأها أو نسمعها والتي تدل أحيانا على ذكاء خارق عند ناس أو على غفلة وغباء كبيرين عند آخرين , أظن أن الكثير
( ولم أقل الكل ) من هذه القصص حقيقية وواقعية . وهذه قصة من القصص الواقعية التي تدل على غفلة عند بعض الأشخاص . وقد تكون هذه الغفلة عند الشخص للحظات فقط من حياته , وليست دائمة متأصلة فيه , ومنه فإن الشخص قد يكون في أغلب أحواله ذكيا , ولكن تنتابه حالات معينة ( لأسباب مختلفة ومتداخلة ) يظهر خلالها وكأنه مغفل . وهذا يحدث أحيانا حتى لعظماء وعباقرة في كل زمان ومكان .
عندما كنتُ اليوم أصلي ركعتي النافلة قبل العصر , ووصلتُ إلى الركعة الثانية مر بين يدي شخصٌ ولم تتح لي الفرصة الكافية لأمنعه بيدي من المرور . وعندما مر وابتعد عني بحوالي متر ونصف انتبه إلى أنه ارتكبَ معي ما لا يجوز . وعوض أن يستغفر الله ويتوب إليه بينه وبين نفسه ويبتعد عني أكثر , فإنه فكر وقدر , وتمخض الجبل ( أو الجمل ) فولد فأرا (!) كما يقولون . لاحظتُ على الرجل أنه عاد أدراجه متحركا إلى الوراء
( marche-arrière ) ومر بين يدي مرة أخرى بدون أن أتمكن من منعه ( لأنني بقيتُ متعجبا من خطئه المكرر خلال دقيقة واحدة ) . ثم ابتعد عني كثيرا واتجه من جهة أخرى إلى مكان آخر يجلس فيه . وفهمتُ للتو بأن الرجل بارتكاب الحرام للمرة الثانية كان يقصد إصلاحَ ما أفسده في المرة الأولى . هو ارتكب الحرام مرة ثانية ظنا منه أنه بذلك يلغي إثمه الذي وقع فيه أولا , وهذا يدل على غفلة كبيرة تُـضحك وتبكي في نفس الوقت !.
وهذا الذي وقع لي اليوم مع هذا الرجل يُـذكرني بما قرأته في يوم من الأيام في كتاب من الكتب , ولا أدري إن كانت القصة حقيقية أم لا ؟. قيل أن رجلا وهو يذكر الله بعد الصلاة سها وقال " سبحان الله " أكثر من 33 مرة ( كما هي سنة رسول الله ) , ثم وجدوه بعد ذلك يقول وبصوت مسموع من طرف من يجلس قريبا منه
" لا سبحان الله , لا سبحان الله , لا سبحان الله " , فقيل له " استغفر ربك يا هذا , لماذا تقول هذا الكلام وتذكر الله بهذا الشكل الحرام والكافر ؟!" , قال " لقد أخطأتُ فزدتُ , وأنا الآن أقول ( لا سبحان الله ) من أجل أن أنقص ما زدتهُ حتى أحقـق السنةَ وألتزمَ بها !!!.
نستغفر الله ونتوب إليه , ونحمد الله على سلامة العقل , ونسأل الله أن يغفر لنا وأن يرحمنا وأن يهدينا سواء السبيل , آمين .
232 – قال لي " يا دكتور رميته " ! : عندما قرأتُ اليوم في جريدة ... عن الوزير الذي يُـنادى من خلال برنامج تلفزيوني ب " يا معالي الدكتور " , وتُـكرر المناداة خلال البرنامج كله الذي استمر معه طيلة الحصة , ومع ذلك لم يعترض الوزيرُ على هذا اللقب ( لأنه في حقيقة الأمر ليس دكتورا ) وكذا لم يصحح الخطأ لا تلميحا ولا تصريحا . عندما قرأتُ هذا الخبر اليوم تذكرتُ ما وقع لي منذ حوالي شهر عندما زارني أحد الإخوة الكرام الذي تعرف علي من خلال منتدى ... , زارني في بيتي وتجاذبنا أطراف الحديث لمدة حوالي نصف ساعة , وأذكر أنه بدأ من أول كلامه يناديني ب" يا دكتور " , وكلم زوجته ( أمامي ) من خلال الهاتف النقال , وقال لها " أنا الآن في بيت الدكتور رميته " . وأذكر أنه عندما أنهى حديثه مع زوجته قلتُ له " أنا أخي الكريم لست دكتورا ولكنني فقط حاصل على شهادة الليسانس في مادة الكيمياء ". قلتُ له هذا حرصا مني على أن أكون صادقا معه كل الصدق . وأذكر أن هذا وقع لي في حياتي أكثر من مرة : تارة يناديني شخص ب " يا حاج " , فأقول له " يا هذا أنا لست حاجا ولكنني أتمنى لي ولك ولكل مسلم حج بيت الله الحرام وقبول هذا الحج " . وتارة أخرى يقول لي شخصٌ " يا دكتور " , فأقول له " أنا يا هذا لست دكتورا , وأظن أنني لن أكون دكتورا في يوم من الأيام لأنني لا أنوي متابعة دراستي في المستقبل ".
ملاحظة : أنا أنشر عن الرقية الشرعية في صفحة خاصة في جريدة الشروق العربي الأسبوعية , وذلك منذ شهرين أو أكثر . وفي الحلقة الأولى ذُكر فيها " أعدَّ الصفحةَ الدكتور عبد الحميد رميته ", فاضطررتُ لأن أنبه رئيس التحرير في الحين إلى أنني لست دكتورا وإنما أنا فقط حامل لشهادة الليسانس في الكيمياء , وذلك حتى يتم تصحيح الخطأ في الحلقة 2 التي ستنشر في الأسبوع الموالي .
ومما يتصل بهذا الأمر أقول : حتى يكون الواحد منا صادقا كل الصدق مع الله ومع النفس ومع الناس , يجب أن لا يسمح لأحد من الناس أن يذكره بخير هو ليس فيه مثل :
1- أن يقول أحد الناس عنك بأنك صوام وقوام , وأنت لست كذلك .
2- أو يقول عنك بأنك كثير المطالعة العامة والدينية وأنت لست كذلك .
3- أو يقول عنك بأنك كثير الأسفار للخارج وأنت لست كذلك .
4- أو يقول عنك بأنك خبير في الشأن كذا أو كذا من شؤون الدين أو الدنيا , وأنت لست كذلك .
5- أو يقول عنك بأنك صديق علماء أو مسؤولين أو ...وأنت في الواقع وفي حقيقة الأمر لست كذلك .
يجب أن نرفض كل الرفض ( ونصرح بذلك ) كل ما تقدم ومثله , حتى نكون صادقين من جهة أولى .
ومن جهة ثانية يجب أن نرفض ذلك , لأن من نسب إلينا من الخير والفضل ما ليس لنا :
ا- إما أن يكون مخطئا , فوجب تنبيهه لخطئه .
ب-وإما أن يكون كاذبا , فلنعلم عندئذ بأن من مدحنا بما ليس فينا هو يوشك – والعياذ بالله تعالى - أن يذمنا بما ليس فينا .
والله تعالى أعلم وهو وحده الموفق لما فيه الخير .
233- زواج سهل جدا : الإسلام في أصله بسيط ولكن الناس بجهلهم عقدوه , وكذلك هو يسير ولكن الناس بشهواتهم صعبوه .
ومن أمثلة ذلك الزواج الذي هو في أصله وكما شرعه الله تعالى في الكتاب والسنة بسيط ويسير ولكن الناس عقدوه وصعبوه . الإسلام رغب في المهر اليسير " أقلهن مهرا أعظمهن بركة " ولكن الناس غالوا في المهور وبالغوا من أجل التفاخر ومن أجل أشياء أخرى .
والإسلام حبب في تسهيل إجراءات الزواج إلى درجه أنه يمكن للشخص – في الإسلام - أن يفكر في الزواج صباحا ثم يدخل بزوجته مساء نفس اليوم , ولكن الناس وضعوا أمام الزواج العراقيل والأشواك والعوائق إلى درجة أصبح معها الشخصُ يخطب اليوم ليتزوج بعد سنوات وسنوات .
ومن ذكرياتي المتعلقة بهذا الأمر أقول بأنني ساعدتُ ( لعشرات السنين ) عشرات أو مئات الناس – رجالا ونساء – من أجل تيسير وتسهيل إجراءات الزواج , ومن أسهل ما ساهمتُ في تسهيله وتيسيره الزواج الآتي :
حوالي عام 1984 م ( أي في العام الذي تزوجتُ فيه أنا ) طلب مني أحد الإخوة أو الأصدقاء أن أرشده إلى زوجة تليق به وتعينه على أمر دينه ودنياه , فدللته على إحدى قريباتي , وقلت له " هي مؤمنة حيية متأدبة متخلقة جميلة , خفيفة ظل , بارعة في شؤون البيت , صحيحة ... ولكنها لا تعرف القراءة والكتابة " , قال لي
" سأُعلِّمها ".
- رآها في بيت أهلي بعد ذلك بأسبوع - لمدة حوالي نصف ساعة - كما هي سنة رسول الله , فقبل بها وقبلت به .
- تم العقد الشرعي بعد ذلك بأسبوع آخر , في بيتي , وأنا الذي قمتُ وأشرفت على عقد الزواج بطلب من الخاطب نفسه .
- حدد موعد الزواج بعد ذلك بحوالي شهر , وتم الزواج والحمد لله بطريقة سهلة ويسيرة , وبتكاليف مادية بسيطة وبعيدا عن التعقيدات التي تعود عليها أغلبية الناس في مراسيم الزواج خاصة .
واليوم لهذا الأخ زوجة تقرأ وتكتب والحمد لله , وله مجموعة أولاد وبنات صالحون وصالحات , والبنت الكبرى ستتخرج بإذن الله قريبا من الجامعة وهي الأولى في شعبتـها من حيث الاجتهاد في الدراسة . والزوج والزوجة سعيدان جدا والحمد لله بزواجهما بعد أن بارك الله لهما في البيت والمال والولد .
234- تندم على فوات الزواج ولا تندم على ارتكاب الفاحشة : يحدث للأسف للكثير من الناس أنهم يرتكبون الحرام ولا يندمون على فعل الحرام بل يندمون على شيء آخر , وفي هذا من الطيش والتهاون في الدين والغفلة عن حدود الله وقلة المراقبة لله ما فيه .
وأذكر بالمناسبة أن امرأة ( عمرها حوالي 25 سنة ) جاءتني من سنوات لتطلب رقية . قلت لها " لمن ؟".
قالت " لرجل وعدني بالزواج ثم تراجع " . قلتُ لها " وما وظيفتي أنا هنا , وما دخل الرقية في هذا الأمر ؟".
قالت " أريدك أن تعمل له شيئا ليرجع إلي ويتزوجني " .
قلتُ لها " إذن أنت تطلبينني من أجل سحر أعمله له ليحبك ويتزوجك . إن هذا حرام ومنكر . أنا – يا هذه - أرقي الناس ليتخلصوا من السحر ولا أصنع لهم سحرا ".
سمعتُ منها وفهمت منها أنها كانت تعيش مع هذا الرجل ( وهو ضابط في الجيش ) لحوالي 6 أشهر , من الصباح إلى المساء في بيته ( وتقول لأهلها في نهاية كل يوم بأنها ظلت اليوم كله تبحث عن عمل , وأنها ما زالت لم تجد شغلا بعدُ ) , وأنه كان يعاشرها من الصباح إلى المساء وكأنها زوجته , وما قدم لها فقط إلا وعدا كاذبا بالزواج . كان يعاشرها ل 6 أشهر على أنها زوجته وهي ليست حتى خطيبته. وفي نهاية سماعي لها قدمت لها النصائح المناسبة , وكان من ضمن ما قلته لها :
ا- الواجب عليها هو التوبة الصادقة من زناها مع هذا الرجل لشهور , لا الندم على أنه كذب عليها ولم يتزوج منها .
ب- هذا الرجل ساقط , ولا يليق بها أن تندم لأنه فاتها الزواج منه .
جـ- الرجال – إن كانوا لا يخافون الله تعالى - لا يكذبون في شيء مع المرأة مثلما يكذبون في ادعاء الحب وفي الوعد بالزواج .
د- إن صدقت نيتها وتابت إلى الله بحق , فإنني أتمنى من الله أن يرزقها عن قريب بزوج صالح يسعدها دنيا وآخرة .
والله أعلى وأعلم .
235- مراعاة الله أولى من الخوف من كلام الناس :
مما يتصل بعقاب الله وأجره , أنبه إلى أن الأولى بنا كمؤمنين أن نهتم برضا الله وسخطه أكثر مما نهتم بكلام الناس . والمرأة عموما وفي الكثير من الأحيان ( خاصة في مناسبات الأفراح ) تخاف من كلام الناس أكثر من خوفها من سخط الله . يجب أن نعلم جميعا – ذكورا وإناثا - بأن حبل الكذب قصير وبأن كذب الناس علينا ستظهر حقيقته ولو بعد حين , ومنه فلا يجوز أن نقلق لذلك الكذب أو نبتئس أو ...
وهذه وقفة بسيطة من خلالها أريد لي ولغيري أن نهتم بنظر الله إلينا أولا قبل مراعاة رأي الناس فينا : أذكر بالمناسبة أن امرأة ( عمرها حوالي 25 سنة ) جاءتني - منذ حوالي 20 سنة- لتطلب رقية . وبسبب أن بيتي كان مشغولا فإنني جلستُ معها أمام بيتي ( أعطيتها كرسيا وجلستُ أنا على كرسي ) قلت لها " لمن ؟".
قالت " لرجل وعدني بالزواج ثم تراجع " . قلتُ لها " وما وظيفتي أنا هنا , وما دخل الرقية في هذا الأمر ؟".
قالت " أريدك أن تعمل له شيئا ليرجع إلي ويتزوجني " .
قلتُ لها " إذن أنت تطلبينني من أجل سحر أعمله له ليحبك ويتزوجك . إن هذا حرام ومنكر . أنا – يا هذه - أرقي الناس ليتخلصوا من السحر ولا أصنع لهم سحرا ".
سمعتُ منها وفهمت منها أنها كانت تعيش مع هذا الرجل ( وهو ضابط في الجيش ) لحوالي 6 أشهر , من الصباح إلى المساء في بيته ( وتقول لأهلها في نهاية كل يوم بأنها ظلت اليوم كله تبحث عن عمل , وأنها ما زالت لم تجد شغلا بعدُ ) , وأنه كان يعاشرها من الصباح إلى المساء وكأنها زوجته , وما قدم لها فقط إلا وعدا كاذبا بالزواج . كان يعاشرها ل 6 أشهر على أنها زوجته وهي ليست حتى خطيبته . وفي نهاية سماعي لها قدمت لها النصائح المناسبة . وكان من ضمن ما قلته لها :
ا- الواجب عليها هو التوبة الصادقة من زناها مع هذا الرجل لشهور , لا الندم على أنه كذب عليها ولم يتزوج منها .
ب- هذا الرجل ساقط , ولا يليق بها أن تندم لأنه فاتها الزواج منه .
جـ- الرجال – إن كانوا لا يخافون الله تعالى - لا يكذبون في شيء مع المرأة مثلما يكذبون في ادعاء الحب وفي الوعد بالزواج .
د- إن صدقت نيتها وتابت إلى الله بحق , فإنني أتمنى من الله أن يرزقها عن قريب بزوج صالح يسعدها دنيا وآخرة .
ولكن قبل أن تنصرف المرأة علمتُ بأن المرأة ساقطة وأنها تريد أن تبقى ساقطة , بدليل أنني رأيتها بطرف عيني وهي تفتح أقفال فستانها من فوق الصدر ومدت يدها إلى الداخل لتبدأ في حك صدرها بطريقة مفضوحة ولا يمكن أن تكون بريئة , أي بطريقة تريد من خلالها إثارتي وإيقاعي في شباك زينتها وفتنتها . أخذتُ في الحين الكرسي الذي جلستُ عليه ونظرتُ إلى بعيد عنها , وقلتُ لها غاضبا " تفضلي !". قالت " والله يا أستاذ , ما قصدتُ ما فهمتَ أنتَ , إنني ما قصدتُ إلا خيرا . اسمحلي يا أستاذ , لن أكررها مرة أخرى ". قلت لها
" تفضلي " , قالت " يا شيخ ..." , فقاطعتها " والله إن لم تغادري العمارة خلال دقيقة أو دقيقتين , فإنني سأفضحك أمام كل الجيران ". طأطأت رأسها واحمر وجهها ونزلت من العمارة مسرعة وهي تقول " سامحني سامحني ..." , قلتُ لها " اغربي عن وجهي ... وإن شئتِ أن تنادي الجيران وتزعمي بأنني أردتُ الاعتداء عليك , فإنني أخبرك مسبقا بأنه لن يصدقك واحدٌ من الجيران , وحتى إن صدقوك اليوم فإن الحقيقة ستظهر ولو بعد حين , لأن حبل الكذب قصير جدا بإذن الله ".
ومما سبق أنا أنصح :
ا- من واجهته امرأة زنى بها مرة من أجل أن يبقى يزني بها باستمرار وإلا فضحته , فالواجب عليه أن لا يستجيب لها وأن لا يزني بها مرة أخرى , لأن الزنا مرة واحدة أفضل له بكثير من الزنا عشرات أو مئات المرات . وكذلك فإن خوفه من الله واكتفاءه بالزنا لمرة واحدة يمكن أن يكون سببا في ستر الله عليه في الدنيا قبل الآخرة .
ب- من قالت له امرأة " إما أن تزني بي وإلا فضحتكَ " كما يحدث في بعض الأحيان , فلا يجوز له أن يزني لأن الله يدافع عن الذين آمنوا , ولأن تعففه عن فعل الحرام يمكن أن يكون سببا في ستر الله عليه بإذن الله .
والله أعلى وأعلم , وهو وحده العاصم من كل شر والموفق لكل خير .
236 – أنت بهذه الطريقة سبب غير مباشر لمن قال " الدين أفيون الشعوب " :
قلتُ في يوم من الأيام لمن أكد لي على أن طاعة الحكام واجبة والخروج عليهم ممنوع شرعا مهما ظلموا وفسقوا ومهما تخلوا عن الحكم بما أنزل الله , بل مهما حاربوا الحكم بما أنزل الله تعالى , قلتُ له :
" السكوت عن ظلم ولي الأمر , يشجعه على زيادة الظلم والطغيان .ليس هناك ما يعجبُ حكام العرب والمسلمين الظلمة والمتكبرين والمتجبرين وأمريكا وإسرائيل مثل قولك " حكام العرب يجب السمع والطاعة لهم , ولا يجوز الخروج عليهم " . ومن هنا فإن أمريكا تشجع وحكام العرب والمسلمين يشجعون كثيرا التيار السلفي العلمي لأنه يوافقهم على الإسلام العصري الأمريكي الذي يدعو إلى الخنوع والخضوع والاستسلام للحكام مهما طغوا وتكبروا وتجبروا ." ملاحظة : اسألني أخي الفاضل , وأنا أخبرك عن البعض من أحوال الحكام الظالمين , لأنني عانيتُ كثيرا في السجن , ومنه فأنا أعرِفُ تماما ما أقول لك . والله إن الذين سجنوني عندما يرونني الآن خارج السجن , إما أنهم يجرون اتجاهي ليُـسلموا علي , وإما أنهم يهربون من طريقي . وفي الحالتين هم يعترفون ضمنيا بأنني على الحق وأنهم على باطل . لقد كانوا يعذبونني ويتفننون في تعذيبي ويسبون أمامي الله والرسول وعلماء الإسلام ويستهزئون بالنبي محمد ويهددونني بالزنا وشرب الخمر و ... ويعذبونني ويعذبونني ثم يقولون لي " قل لربك ينزل ليدافع عنك ..."!. ثم بعد ذلك يأتي الأخ الكريم ويقول لي هنا " طاعة الحكام واجبة , ولا يجوز الخروج عليهم" !!!. والله عندما يسمعُـها منك واحدٌ ممن كان يعذبني , ربما سيضحك عليك سخرية واستهزاء , حتى ولو كنتَ أنتَ قلتَ ما قلتَ بنية حسنة وطيبة .إن الأمة الإسلامية أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وما زاد من طغيان حكام العرب والمسلمين وخضوعهم واستسلامهم للغرب وإسرائيل وأمريكا إلا سكوت الشعوب الإسلامية وخضوعها واستسلامها . ومن أهم من يشجع على الخضوع هو من يقول لنا " حكام المسلمين يجب السمع والطاعة لهم كما يجب عدم الخروج عليهم ". وبسبب هذه النظرة السلبية المتخاذلة قال ماركس قديما " الدين أفيون الشعوب " . وبالفعل لو نأخذُ برأيك أنتَ أخي الفاضل ورأي من أخذتَ بقولهم , فإن الدينَ يصبح بالفعل عندئذ " أفيونَ شعوب " والعياذ بالله . والحكام الظالمون والمستبدون والفاسقون والطغاة و ... الذين يحكمون بقوانين الكفر ومازالوا مصرين على عدم تحكيم شرع الله , بل إنهم يحاربون ويسجنون ويقتلون ويعذبون وينفون و ... من يطالب بالحكم بما أنزل الله . هؤلاء الحكام ليس هناك ما يعجبكم مثل هذا الكلام الذي تقوله أنتَ , ولو بنية حسنة . إن الحاكم يضحك في نفسه ويسخر ممن يقول " طاعة الحاكم واجبة , ولا يجوز الخروج عليه " , لأنه يعلم يقينا أن هذا الكلام ينطبق على من يحكم بما أنزل الله ( كما كان الحال عندما كان الإسلام مطبقا - ولو مع ظلم وانحراف - وعندما كانت أحكام الإسلام سارية المفعول و ... خلال حوالي 14 قرنا , أي قبل أن تسقط الخلافة الإسلامية عام 1924 م ) . أما الآن ومع إصرار حكام المسلمين على محاربة الله ورسوله ومحاربة شرع الله تعالى فالحديث عن " طاعة الحكام واجبة , ولا يجوز الخروج عليهم " كلام فارغ لا معنى له .وهذا الكلام مني لا يعني أبدا جواز الخروج بالطريقة الجاهلة التي تمت بعد 92 في الجزائر مثلا ولو بنية طيبة , ولا بالطريقة الفوضوية التي ينادي بها بعض السلفيين الجهاديـيـن هنا وهناك ولو بنية حسنة . ولكنني أريد فقط أن أنبه إلى : 1- فرق بين الحكومة الإسلامية الظالمة والحكومة التي لا تحكم أساسا بما أنزل الله .2- عدم الخروج على الحكام شيء والسكوت عن ظلمهم وجبروتهم شيء آخر .3- فرق بين السمع والطاعة لحكام المسلمين الظالمين في المسائل التقنية التي لا جنسية لها كقوانين المرور وغيرها كثير , والسمع والطاعة لهم في المسائل التي لها صلة بالاجتماع والاقتصاد والسياسة والتربية والتعليم و... والتي فيها أحكام شرعية صريحة وقطعية والحكام يخالفونها مع سبق الإصرار والترصد . 4- الخروج على حكام المسلمين الذين لا يحكمون بما أنزل الله ( وأؤكد على هذا ) واجب عند جمهور الفقهاء , ولكن السؤال المطروح هو كيف الخروج ؟! . وهو سؤال كبير وطويل وعريض يجيب عنه علماء لا عامة , وعلماء من هذا الزمان لا من زمان مضى , وعلماء عديدون لا عالم واحد , لأنه سؤال خطير جدا ويترتب عنه سفك دماء و ...
237- معالجة الأمر بضده : يستحب للشخص أحيانا أن يعالج شيئا بضده :
ا- يمكن لمن كان مدمنا على شرب الدخان - إن أراد التخلص من شرب الدخان – أن ينتقل إلى الضد تماما , حتى يتمكن تماما من التخلص مما أدمن عليه , وذلك بأن يمزق السجائر الأخيرة ولا يدخل إلى أي محل تجاري يباع فيه الدخان ويقطع صلته تماما بمخالطة أو مصاحبة أي شخص يتناول الدخان ,
و... وهكذا ...
ب- يمكن لمن يخاف على نفسه من شيء أن يقطع تماما كل الطرق والسبل التي يمكن أن تقربه
( لا أن توصله ) إلى ما يخافه على نفسه . ومن هنا أذكر الآن أنني وقبل 33 سنة ( أي عندما كنتُ طالبا في الجامعة ) , كان البعضُ من زملائي يسيرون – بنية حسنة أو سيئة - أحيانا على طريق تمر أمام بيوت الدعارة ( في مدينة ...) حيث تعرضُ عشراتُ النساء أجسادَهن ( شبه العارية ) على كل غادي أو رائح من الرجال . أنا الآن أذكر أنني كنتُ دوما أرفض ثم أرفض أن أمر حيث يمرون حتى لا تقع عيني على ما لا يجوز النظر إليه . وكانت نفسي تحدثني أحيانا " يا عبد الحميد أنظر اليوم ولا تنظر غدا " , ولكنني كنتُ أرفض النظرَ اليوم وغدا وبعد غد , كما كانت نفسي تحدثني أحيانا أخرى " يا عبد الحميد سر على هذا الطريق , ولا تنظر , حتى تثبت لنفسك أنك قوي الإيمان ! " , ولكنني كنتُ أرفض هذا المنطق لأن عدم تعريض النفس للبلاء أولى , ولأن النجاح في الامتحان وعدم نظري إلى ما حرم الله غير مضمون , ولأن النفس أمارة بالسوء , ولأن رسول الله ما ترك بعده فتنة أشد على الرجال من النساء .
238 – هل الشمس تتحرك ؟! : مضت علي أيام ( منذ أكثر من 32 سنة ) كنتُ فيها أدرس في جامعة قسنطينة , شعبة علوم دقيقة , من أجل تحضير شهادة الليسانس كيمياء .وكان البعض من زملائي الذين يدعون أنهم ملحدون وشيوعيون , وهم في الحقيقة مصلحيون ليس إلا , أي أنهم مع من يعطيهم المال والمنصب , ومع من يُسهِّـل عليهم أمر إشباع غرائزهم وشهواتهم خاصة منها الدخان والخمر والزنا . ولأن ظروف الجزائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ذلك الوقت - وهي متجهة نحو المعسكر الشرقي ومرتبطة بالاتحاد السوفياتي الاشتراكي والشيوعي - كانت مساعدة لهؤلاء الطلبة وملبية لرغباتهم وأهوائهم , فإنهم ادعوا الشيوعية وما هم في الحقيقية بشيوعيين , وزعموا الإلحاد وما هم في الحقيقة بملحدين , لأنه - وكما قال الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى- من النادر أن تجد بالفعل وفي الدنيا كلها , ملحدا لا يؤمن بالله ولا بأي خالق ولا بأية قوة عليا تتحكم في الكون والحياة والإنسان . قلتُ : كان البعض من زملائي يقولون لي بأن الشمس ساكنة والأرض هي التي تدور , فأقول لهم " هذا مستحيل , لأنه مناقض لما يقوله الله تعالى في القرآن الكريم ( والشمس تجري لمستقر لها ) , إن الأرض تدور بحركة مضبوطة إلى حد كبير , ولكن الشمس كذلك تجري وتسير وإن كانت حركتها حتى الآن غير مضبوطة على الأقل حسب ما وصل إليه العلم . أنا لا أدري ما يقوله العلم هنا , ولكنني متأكد أنه لا يمكن أن يقول الله كلاما ويأتي العلم ليناقضه . هذا غير ممكن " . وكان البعض من هؤلاء الزملاء يسخرون من كلامي هذا بأن الشمس تتحرك , وكنت أقول لهم " إن تسخروا مني مرة فإنني أسخر منكم مرتين , والذي يضحك أخيرا هو الذي يضحك كثيرا , وصدق الله العظيم وكذب من يخالفه ". ثم ذهب زمان وجاء زمان , واكتشف العلماء الآن أن الشمس تتحرك وبيقين , حتى وإن كانت حركتها معقدة إلى حد ما وغير منضبطة عند العلماء حتى اليوم . وفي السنوات الأخيرة عندما أريد أن أتحدث في هذا الموضوع مع البعض ممن كان يسخر مني أيام زمان ( وهداهم الله اليوم إلى الصراط المستقيم ) يقاطعونني بأدب ولسان حالهم يقول " يا شيخ , رجاء !. الآن هدانا الله إلى الحق والهدى والخير , ولا نريد أن نتذكر تلك الأيام الطائشة من حياتنا". والحمد لله ثم الحمد لله . نسأل الله الصدق والإخلاص وأن يختم الله لنا بالخير , آمين .
239- عن غض البصر عن النظر الحرام إلى المرأة : غض البصر صعب , وأنا أذكر أنني كنتُ أقولُ للتلميذات منذ حوالي 27 سنة " أين نذهب نحن الرجال , وأين نمشي ونتحرك نحن الرجال حتى نسلم من فتنتكن ؟!" . كنت أقولُ لهن هذا الكلام مازحا وجادا في نفس الوقت . قلتُ ذلك جادا , لأننا نحن معاشر الرجال وخاصة بعد أن خرجت المرأةُ للدراسة والعمل , وأحيانا لقضاء حاجات أو فقط للتسكع في الطرقات , أصبحنا مهما ابتعدنا عن الاختلاط والمثيرات الجنسية , فإننا نجد المرأة أمامنا وفي كل مكان . ونجدها مرة بلباس ساتر ومرة أخرى بلباس فاضح . والرجل يرغب في المرأة ولو كان ساكنا تحت الأرض حيث لا يرى ولا يسمع بأية امرأة
( كما كان حالي في السجن لمرتين : مع أنني لا أرى ولا أسمع بأي شيء له صلة بالمرأة , ومع ذلك كنت أفكر في المرأة بين الحين والآخر , وأفكر في زوجتي خصوصا ) . والرجل كذلك يرغب في المرأة في المساء ولو ماتت أمه في الصباح , وتزداد رغبة الرجل في المرأة إن رآها ولو كانت متنقبة , ولكن تزداد رغبته وتشتعل شهوته أكثر – خاصة إن لم يكن متزوجا - إن رآها كاشفة لعورتها أمامه .
قالت لي أستاذة من الأستاذات المتحررات والمتفتحات ( التفتح المذموم ) في يوم ما , وهي تكاد تعترض على الله في أحكام الحجاب وغض البصر والاختلاط و ... المتعلقة بالمرأة وبصلتها بالرجل , قالت " ما بال الواحد منكم – أنتم الرجال - تفسد أحواله إن رأى امرأة كاشفة لجزء من جسدها , ما الذي يقلقكم في هذا ؟!" , وأذكر أنني أجبتها بجواب طويل قدمتُ من خلاله الأدلة العقلية والشرعية والواقعية والنفسية على صحة كل ما ورد من أحكام شرعية تحكمُ المرأةَ , وأكدتُ كذلك على أن هذه الأحكام هي في صالح المرأة أولا قبل أن تكون في صالح الرجل ". وأذكر أنني قلتُ لها في النهاية " إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم " و " الله أحسن الخالقين " , و
" الله لا يريد بعبده إلا الخير " , والله هو " العليم الخبير " وهو " أحكم الحاكمين " و... ولو بدا لكِ أنتِ غيرُ ذلك يا أستناذة !. وصدق الله تعالى حين يقول " هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ؟! ".ومع كل ما تقدم فأنا أرى - وأنا مطمئن إلى هذا الذي أراه - أن الرجل بقدر ما كان صادقا ومخلصا لله في عزمه على الحلال وعلى غض البصر بقدر ما يعينه الله ويُـنـزل السكينة والطمأنينة على قلبه . وكذلك فإن حرص الرجل على غض البصر لا يساوي أبدا إطلاق العنان للنظر الحلال والحرام , وما أبعد الفرق بين الطائع والعاصي , وما أبعد الفرق كذلك بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء ! .وكذلك يجب على الرجل الابتعاد ما استطاع عن الأماكن التي يكثر فيها وجود المرأة أو اختلاطها بالرجال .ويجب على الرجل كذلك أن يقوي نفسه روحيا , وأن يستغل وقته الفراغ فيما ينفع من أمور الدين والدنيا , وأن لا يترك لنفسه الفراغ من أجل أن يفكر في المرأة والنساء .كما أن على الرجل أن يهتم بالرياضة وبالمطالعة والسماع النافعين , وأن يصاحب الأخيار الذين يذكرونه ويذكرهم ويعينونه ويعينهم ويقوونه ويقويهم و... ولا ننسى في النهاية أن ما لا يدرك كله لا يترك جله , وعلينا أن نفكر في الأجر المترتب على غض البصر وكف النفس عن الحرام قبل أن نفكر في الصعوبات المترتبة وفي العقبات المعترضة , وكما يقول المثل عندنا في الجزائر " اللي عول على رمضان , يعول على الجوع والعطش " .
240- المرأة تحلم وكأنها تزوجت ! :
فتاة شابة (عمرها 30 سنة ) تحلم في الكثير من الأحيان بأن رجلا قويا بهي الصورة كأنه يطلبها للزواج . هل هذا دليل على أنها قاب قوسين أو أدنى من الزواج أم لا ؟.
ج : قد يطرح السؤال على مفسر أحلام , لكنني أؤكد هنا على أمرين :
الأول : هو أن تفسير الأحلام علم ظني وليس قطعيا كما هو حال الفقه , وقد يظهر التأويل كما رؤي وقد يظهر عكسه , وقد يظهر بشكل آخر مختلف تماما .
والثاني : يتمثل في تأكيدي على أن نسبة لا بأس بها من الفتيات اللواتي ترى الواحدة منهن في النوم وكأنها تزوجت أو كأنها مقبلة على الزواج , هي ترى ما ترى نتيجة انعكاس في الليل لما تُكثر من التفكير فيه في النهار ليس إلا . ويجب أن تعلم الفتاة أن الزواج قسمة ونصيب وقضاء وقدر ولا علاقة له بشكل عام بالأحلام , كما أن عليها أن تعلم بأن رؤيا الأنبياء وحدهم هي التي تعتبر حقا مطلقا أما غيرهم فقد يكون ما يرون حلما شيطانيا وقد يكون انعكاسا لأشياء فكروا فيها في النهار وقد تكون رؤيا صالحة . ومصارحة المرأة بالحق في هذه المسألة بالذات خير لها من مجاملتها أو الكذب عليها .
وأذكر بالمناسبة أن البعض من الإخوة ( ذكرهم الله بخير ) كانوا معي في سجن البرواقية فيما بين نوفمبر 82 وماي 84 م : كان البعض منهم يرى كثيرا في المنام بأنه سيخرج غدا من السجن ثم يتجهون في النهار للبحث عند بن سيرين رحمه الله عن تأويل ما رأوه في المنام , والحقيقة التي كنت أقولها لهم باستمرار هي أنه لا داعي لأن تضيعوا الوقت وتبحثوا عن تأويل رؤيا هي ليست برؤيا أساسا وإنما هي تعلق زائد عندكم في النهار بالخروج من السجن ينعكس بصفة عفوية في الليل على شكل حلم مضمونه كذا .
قال لي قائل كريم " ولكن من باب " الذي يتمنى خير من الذي ينتظر , والذي ينتظر خير من الذي يقطع الأمل"
فقلتُ له " أنا أظن أن هناك فرقا كبيرا بين التفاؤل أو تمني الخير أو ما شابه ذلك , وبين التعلق بالأوهام أو الشكوك أو بأحلام علمتنا التجارب الكثيرة جدا أنها لا تمت في الغالب إلى الرؤى الصالحة بأية صلة .ثم إن كثرة هذا التعلق بالأحلام قد يضيع علينا الكثير من الجهد والوقت وأحيانا المال , وقد نصاب بالإحباط في يوم من الأيام من كثرة ما عشنا أحلاما جميلة في واقع أقل جمالا بكثير " , والله أعلم .
ملاحظة : أنا أقصد هنا التأكيد على شيء بسيط ومهم في نفس الوقت , وهو أن الأفضل أن لا نكثر من التعلق بما نراه في النوم على اعتبار أنه رؤيا صالحة وهو في الغالب فقط انعكاس لشيء يفكر فيه الشخص في النهار ليس إلا . وضربت من أجل ذلك مثالا عن المرأة مع الزواج , ومثالا آخر عن الرجل والخروج من السجن .
والله أعلم .

ليست هناك تعليقات: