الثلاثاء، 17 يونيو 2008

وقفات ( من 76 إلى 80 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
.
76- أُجزئ الكلمةَ الفاحشةَ من أجل فهمها :
ملاحظة : أنا منذ كنتُ صغيرا لا يتحدثُ زملائي أمامي بأي كلام بذيء أو فاحش , احتراما لي ( وهو احترامٌ أعتزُّ به كلَّ الاعتزاز ) . ومنه إذا جئـتُـهم من بعيد وكانوا يتحدثون بما لا يجوز من الكلام توقفوا على اعتبار أن " عبد الحميد آت " , وإن كنتُ معهم لم يقولوا كلمة حراما حتى أغادرَ مجلسهم على اعتبار أن " عبد الحميد ما زال معهم".
وبهذه المناسبة أقول : منذ حوالي 20 سنة اشتكى لي بعضُ التلاميذ والتلميذات من بعض الأساتذة الذين يتكلمون الكلامَ البذيء الفاحش مع تلاميذهم . فعلوا ذلك معي عوضَ أن يُـبلغوا لمدير المؤسسة لأسباب عدة منها :
1- أنهم خافوا من بطشِ الأستاذ لو بلغوا أمره للمدير مباشرة .
2- أنهم طمعوا في أن أقدمَ النصيحةَ للأستاذ حتى يتوقفَ عن عادته القبيحة .
وعندما طلبتُ التفصيلَ حتى أتأكدَ من صحةِ الشكوى وحتى أعرفَ كيف أقدمُ النصيحةَ للأساتذة المعنيين أو للأستاذ المعني , أخبرني التلاميذُ عن طريقِ الكتابةٍ في أوراق ( لأنهم استحيَـوا أن ينطِـقوا – على الأقل أمامي – بما نطق به الأستاذُ في القسم مرات ومرات ) باسم الأستاذ المعني وبكلمة من الكلمات التي كان يرددها كثيرا أمامهم في القسم .
ولأن التلاميذ أخبروني كتابة أن الكلمةَ بذيئةٌ وفاحشة , ولأنني من منطقة أخرى غير المنطقة التي كنتُ أُدرسُ فيها , فإنني لم أفهمْ معنى الكلمة الساقطة .
احترتُ في البداية " كيف أنصح أستاذا بضرورة التوقف عن الكلام الفاحش – خاصة مع التلاميذ - وأنا بعدُ لم أتأكدْ من صحة التهمة ؟" , لأنني لم أتأكد من أن الكلمةَ بالفعل فاحشةٌ . ولأنني من الصغر لا أنطقُ بالكلام الفاحش أو البذيء ولو كنتُ وحدي في غابة ( فقط مع ماوكلي ) , فإنني اهتديتُ بعد طولِ تفكير إلى الآتي :
قَطَّعْتُ الكلمة الفاحشة وجزأتُها إلى حروف , وبلغتُـها للبعض من زملائي الأساتذة مجزأة ( أي مثلا نون وألف وفاء وذال وتاء مربوطة , إن كنتُ أقصدُ نافذة ) ثم سألـتُـهم عن معناها . أخبرني الأساتذةُ عندئذ ( وهم أهل المنطقة ) بالمعنى الساقط والهابط للكلمة , فذهبتُ للأستاذِ المعني ونصحتُـه بما يجبُ عليه من أدب في الحديث سواء فيما بينه وبين نفسه أو في علاقته بتلاميذه وتلميذاته .
والله أعلى وأعلم , وهو وحده المُـثَـبِّـت لكل واحد منا على الصراط المستقيم .
77 -إذا أردتم أن تكونوا رجالا لا ذكورا فقط : إنني أقول دوما - باستمرار ومن سنوات - للتلاميذ الذين يدرسون عندي ( في ثانوية مختلطة للأسف الشديد) : "إن الذكورَ كثيرون , ولكن الرجال قليلون ( في هذا الزمان وفي كل زمان تقريبا ) . وإن الواحدَ منكم لن يكون رجلا إلا إذا حرص على أن يدافع عن المرأة –كل امرأة- كأنها أختُـه بالضبط. إذا وجدَ الواحد منكم في يوم ما "رجلا ساقطا" يريدُ أن يعتدي على إحدى زميلاته في الثانوية (أو على أية امرأة أخرى ) , فإن عليه أن يأخذَ عصا أو سكينا أو...ويقول للآخر :"تفضل ! إنك لن تصل إليها بإذن الله إلا على جثتي !". إذا حرصتَ أيها التلميذ ( وأيها الذَّكر بشكل عام ) على شرف المرأة وحيائها وعفتها , كما تحرص على شرف وحياء وعفة أختك , وبالشكل الذي ذكرتُ فعندئذ وعندئذ فقط أنتَ تستحقُّ أن تكون رجلا وممن قال الله فيهم" من المؤمنين رجال.." , وإلا فأنت ذكرٌ ولكنكَ لستَ رجلا للأسف الشديد .
78- الرقية لجلب الحظ الحسن ! :جاءتني امرأة منذ مدة وطلبت مني رقية , فسألتها :"من أجل ماذا ؟" قالت : "ما عنديش الزهر ( الحظ) , ومن أجل ذلك أنا أبحثُ لنفسي عن رقية شرعية !" , فقلتُ لها مازحا وضاحكا من هذا الطلب الذي اعتبرتُـه نكتة , ومستنكرا في نفس الوقت : " إذا وجدتِ من يرقي الناسَ حتى يصبح حظُّـهم طيبا مباركا فأنا أريد عندئذ أن أرقي نفسي قبلكِ أنتِ "! . إن الرقية الشرعية لا تُشرع من أجل التخلصِ مما يُسمى ب" الحظ السيئ " , وإن قضاء الله لا يسمى حظا سيئا , ولا يقابلُ إلا بالإيمان بالقضاء والقدر وكذا بالرضا والصبر مع احتساب الأجر عند الله تعالى , ثم بالسعي نحو الأفضل في الحياة , ولا يصلح أبدا أن يُعالج بالرقية الشرعية ولو قال بعض الناس الجاهلين خلافَ هذا .
79 – أنام عريانا ووسط الماء البارد (!) : لا يعرفُ قيمةَ النعمةِ إلا من فقدها . هذه حقيقةٌ يعرفُها أغلبُ الناسِ من الناحية النظرية , ولكن القليلَ من الناس من يعرفُـها حقيقة وواقعا , ومن يعلمُـها علمَ اليقين وعينَ اليقين .
ومما وقعَ لي منذ سنوات وسنوات , مما لهُ صلة بهذه المسألة بعضُ الحرمانِ أو الكثيرُ من الحرمانِ عِشْـتُـه في السجنِ أيام زمان :
1- في المرة الأولى : لمدة 18 شهرا , أي بين نوفمبر 1982 م , وماي 1984 م .
2- وفي المرة الثانية : لمدة 3 أشهر ونصف , أي بين 30 سبتمبر 85 م , و15 جانفي 86 م .
ومن أمثلة ذلك : 3 أيام قضيتُها في زنزانة عُريانا كيومِ ولدتني أمي . آكلُ عريانا وأشربُ عُريانا ويُحقَّقُ معي وأنا عريانٌ وأُعَذَّبُ وأنا عُريان و...وأنامُ وأنا عُريانٌ . ولا أنامُ وأنا عريانٌ بفراش أو غطاء , بل أنامُ وأنا عريانٌ ومحرومٌ من أي فراش أو غطاء في ليالي نوفمبر الباردة وفي مدينة ...المعرفة ببرودتها الزائدة في فصل الشتاء . ويا ليتَ الأمر كان كذلك فقط , إذن لهان الأمرُ عليَّ , ولكن المصيبةَ الأكبرَ هي أنني قضيتُ تلكَ الأيام الثلاثة وأنا أنامُ في زنزانة فيها ماءٌ بارد يصلُ إلى ارتفاع حوالي نصف متر . أنامُ في هذه الزنزانة ووسط الماء البارد وأنا عريان وبلا فراش أو غطاء ؟!. نَعم , أنامُ فيها نوما حقيقيا وأنا منكمشٌ على نفسي داخل الزنزانة , وعريانٌ وفي وسطِ الماءِ البارد , ولكنه نومٌ متقطع إلى ( ربما ) أكثر من 100 قطعة , أي أنني أنامُ حوالي 3 دقائق ثم أستيقظُ – بسبب برودة الماء وبرودة العري وبرودة الزنزانة وبرودة الجو السائد في الخارج و... برودة ( أو سخونة ) التعذيبِ في كل وقت من الليل أو من النهار- ثم بعدها بدقيقة أو دقيقتين أنامُ لحوالي 3 دقائق أخرى ثم أستيقظ , وهكذا ...
وفي ذلكَ الوقتِ , وفي تلك الأيامِ علمتُ علمَ اليقينِ وعينَ اليقين :
1- أنَّ نعمَ الله علينا بالفعل لا تُعد ولا تُحصى.
2- أن النومَ – مجردَ النوم - نعمةٌ من أعظمِ نعمِ الله علينا .
3- أن الثيابَ - مهما كان نوعُها , المُـهم أنها تسترُ العورةَ - نعمةٌ أخرى عظيمةٌ من نعم الله علينا.
4- أن الفراشَ والغطاء نعمتان كبيرتان من نعم الله على كل عبد حتى ولو كان كافرا .
5-أن الله يدافعُ عن الذين آمنوا , ومنهُ فمع كلِّ هذا البلاءِ المُسلطِ علي كانت معنوياتي مرتفعة جدا , وكنتُ -نفسيا- قويا جدا , وكان إيماني زائدا والحمد لله , وكنتُ باختصار أسعدَ مليون مرة من جلادي , لأنني على الحقِّ وهوَ على الباطلِ , ولأنني مظلومٌ وهو ظالمٌ .
نسأل الله الثباتَ وأن يعصمَنا من الظلمِ وأن يجعلًنا صالحين مُصلحين آمين .
80- جهلُ طبيب : أتاني طبيب عام في يوم من الأيام من أجل أن أرقيه . قلت له : "ما بك ؟ " , قال : " أريد رقية لأنني أعاني من آلام شديدة جدا في جهة الكليتين منذ مدة معينة . والأطباء أخبروني بأن السبب هو أحجار في إحدى الكليتين وأكدوا لي وجوب القيام بعملية جراحية ولقد حددوا لي موعدا من أجل ذلك ". قلت له : "وما دوري أنا إذن ؟! " فقال لي" لقد قال لي أهلي بأنه يمكن أن تكون عين قد أصابتني , ومنه فأنا أريد رقية للتخلص من العين ومن تلك الحجارة !" , ثم أضاف " وقد أستغني بالرقية عن العملية الجراحية !!!". وناقشتُ الطبيبَ طويلا وبينتُ له أن هذا الذي يقولُـه يصلحُ أن يكون نكتة ولكن لا يصلحُ أبدا أن يكون طلبا عقليا ومنطقيا وعلميا وطبيا و... وقدمتُ له الأدلة والبراهين القوية على أن الأمرَ لا يحتاج إلى رقية , ومع ذلك فإنه أصرَّ على أن أرقيه فاستجبتُ له تلبية لرغبته فقط . وفيما بعدُ , أي في الأيام التي جاءت بعد ذلك اتضح أن العمليةَ لا بد منها . وتمت العمليةُ بنجاح وشُفي الشخصُ ( بالعملية الجراحية ) بعد الله لا بالرقية الشرعية , والحمد لله رب العالمين أولا وأخيرا .

ليست هناك تعليقات: