الثلاثاء، 17 يونيو 2008

وقفات ( من 221 إلى 230 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

221- قال لي " سأنصحها بإذن الله يا شيخ " ! : كنتُ أعرف في يوم من الأيام أخا كريما ( وهو عبارة عن شاب صغير عمره حوالي 26 سنة ) , أراد أن يتزوج بفتاة أعرفها جيدا وأعرف عائلتها . وكنت أرى أنها لا تصلح له لأنها كانت مائعة منحلة وكان أهلها يغضون الطرف باستمرار عن أخطائها وخطاياها , لأنها كانت ابنتهم الوحيدة , وكانوا يرون أن من تتمة أو تكملة تذليلهم لابنتهم أن ينظروا إلى مخالفاتها بعين واحدة فقط وأن يسمعوا عن انحرافاتها بأذن واحدة فقط . وكان الشاب يريد أن يتزوج بهذه الفتاة ولكنه لم يتحدث بعد عن نيته تلك إلا مع الفتاة وأمها . إذن من الناحية الشرعية ما زال لم يخطب الفتاةَ بعد , مادام لم يكلم بعد أباها في هذا الشأن . وكان هذا الشاب يذهب باستمرار لدار هذه الفتاة مدعيا محاولة التعرف عليها , ومستأنسا بعلم أهلها , أي أنه لا بأس أن يفعل معها ما يشاء ما دام ذلك يتم بعلم أهلها !!!. وكان يُـفطر هناك في الكثير من الأحيان ويتغذى ويتعشى , وكان يبيت في بعض الأحيان عند أهلها . وبطبيعة الحال كان يلتقي بالفتاة عند أهلها وبعيدا عن أهلها ( يختلي بها ) وبعلم أهلها , والله وحده أعلم ماذا كان يفعل بها ومعها ؟!. كان يختلي بها باستمرار وفي أوقات متقاربة ولفترات طويلة .
- قلتُ له – في يوم من الأيام - لائما ومعاتبا وموبخا وناصحا وموجها :
"يا أخانا أنتَ من البداية ترتكب مجموعة مخالفات وأخطاء ومحذورات شرعية :
ا- منها أنك تتصل بأهل فتاة وبالفتاة في حد ذاتها , وأنت ما زلتَ لم تخطبها بعدُ من أهلها .
ب- الخطبة تتم مع ولي الفتاة ( الأب ) , لا مع الأم .
جـ- زياراتك المستمرة والدائمة والطويلة لأهل الفتاة وأنت ما زلت لم تخطبها بعدُ ( ومن باب أولى ما زلتَ لم تعقد عليها ولم تدخل بها بعد ) , فضلا عما فيها من حرج شرعي , هي مخالف لعاداتنا وتقاليدنا وهي كذلك غير متفقة مع الذوق العام .
د- حتى من أجل أن تخطب الفتاة لا يجوز لك شرعا أن تنظر منها إلى غير الوجه والكفين من جسدها , ولكنك أنت ( في الحقيقة ) تنظرُ منها ومن مدة ليست بالقصيرة – كما سمعتُ من مصادر مطلعة – إلى غير الوجه والكفين من جسدها وأنت ما زلتَ لم تخطبها بعد .
هـ- أنتَ تختلي بالفتاة من مدة طويلة ولمرات ومرات , وكل ذلك حرام عليك ثم حرام , وبلا أي خلاف بين عالمين اثنين , لأن الفتاة ما زالت أجنبية عنك : أنتَ لم تخطـبْـها بعدُ ولم تعقد عليها بعدُ .
و- لا يجوز لك أن تختلي بهذه الفتاة ولا أن تُـقـبِّـلها ولا أن تنظر إلى غير الوجه والكفين من جسدها ولا ... سواء بعلم أهلها أم بدون علمهم . يحرم ثم يحرم عليك كلُّ ذلك سواء قبلت الفتاة ذلك أو رفضته , وسواء قبل أهلها ذلك أم استنكروه ورفضوه .
ي- وأما حكاية التعارف الذي تريد أن تحققه مع هذه الفتاة بمخالطتها خلال مدة طويلة , فوالله ثم والله إنه لتعارف كاذب ثم كاذب لأنك لن تتعرف على الفتاة إلا من خلال السؤال عنها , ثم لن تعرفها على حقيقتها إلا حين تتزوجها . عندئذ وعندئذ فقط ستعرفها وستعرفك . وأما مخالطة الرجل للمرأة قبل الخطبة أو بين الخطبة والعقد الشرعي أو حتى بين العقد والدخول من أجل التعرف عليها فهي أكذوبة من أكاذيب الشيطان ليخدع بها كلا من الرجل والمرأة وليوقعهما في الكثير من الأخطاء والمخالفات " .
- ثم قلتُ له في النهاية " يا أخانا إعلم أنه من تمام شكرك لله على كل ما أنعم به عليك هو أن تحاول أن تبدأ الزواج من أول يوم ومن أول خطوة على طاعة الله ورسوله ".
والمضحك هنا في هذه الوقفة هو أنني عندما قلتُ لهذا الأخ بأن الفتاة فيها وفيها ... وأنها لا تصلح له ...
- قال لي " سأنصحها يا شيخ بإذن الله , وسيستقيم أمرها خلال مدة قصيرة إن شاء الله " !!! .
- ابتسمتُ وقلتُ له مازحا وجادا في نفس الوقتِ " يا هذا : هذا الذي قلتَ لي الآن يصلحُ أن يكون نكتة , ولكن لا يصلح أن يكون كلاما حازما منك . إن رسول الله قال " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " , ومنه فأنت عندما تختلي بها , وعندما ترى منها ما لا يجوز لك رؤيته من جسدها , وعندما تقبلها أو تمس الجزء كذا أو كذا من جسدها , أنت بذلك ترتكب 3 مخالفات ومحظورات ومحرمات شرعية في آن واحد , فكيف بالله عليك تصدق أو تريدنا أن نصدق أنه يمكنك أن تنصح الفتاة وتوجهها وتأمرها وتنهاها وتدعوها إلى الله وأنت ترتكب معها هذه المعاصي والذنوب والآثام ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت تختلي بها يمكن أن تنصحها في الله ولله ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت ترى ساقيها وذراعيها وعنقها وصدرها و ... يمكن أن توجهها في الله ولله ؟!. كيف تصدق وتريدنا أن نصدق أنك وأنت تقبلها يمكن أن تأمرها بالمعروف وتنهاها عن المنكر وتدعوها إلى الله ؟!. إنك يا هذا إن أردتَ أن تنصحها في هذا الجو " الحرام " فلا تقل " أنا سأنصحها لله " , وإنما قل " سأنصحها لوجه الشيطان " . إن هذا الكلام قاس جدا عليك يا أخانا , ولكنها الحقيقة إن أردتَ أن أنصحك ولا أجاملك ".
- قال لي عندئذ " صدقتَ والله يا شيخ إنها الحقيقة التي تغطي عليها النفسُ الأمارة بالسوء وكذا الشيطانُ , وإنه الهوى الذي يعمي العقل ويقسي القلب , وإنها الشهوات التي تحببُ إلى الإنسان الفسوقَ والعصيان والعياذ بالله تعالى. أسأل الله لي ولها الهداية , آمين " .
222- لا تضحك علي حتى لا أضحك عليك ! : عندما كنتُ في سجن البرواقية فيما بين نوفمبر 1982 م و ماي 1984 م , حيث قضيتُ المدة كلها مع 20 أخا من الإخوة ( مجموعنا كان 21 شخصا ) , وكان الشيخ أحمد سحنون والشيخ عبد اللطيف سلطاني ( رحمهما الله تعالى ) في ذلك الوقت , كان كل واحد منهما في بيته ولكن تحت الإقامة الجبرية ( وكان ممنوعا حتى عن أداء صلاة الجمعة ) . قلتُ : عندما كنتُ في سجن البرواقية كان معي 20 شخصا أغلبيتهم من الجزائر العاصمة وضواحيها وكذا من الغرب الجزائري , وأما أنا والشيخ عبد الله جاب الله فكنا الوحيدين من الشرق الجزائري , وبالضبط من ولاية سكيكدة .
ومما كنتُ ألاحظه في تلك الفترة من المسائل الثانوية الفرعية البسيطة أن بعض الإخوة يتحدثون بلهجة الجزائر العاصمة ويأكلون ويشربون كما هي عادات وتقاليد العاصميين , وآخرين يتحدثون بلهجة الغرب الجزائري ويأكلون ويشربون كما هي عادات وتقاليد الغرب , وأما أنا وعبد الله جاب الله فإن لهجتنا هي لهجة سكيكدة ( مع أن لهجة مدينة القل " مسقط رأسي" تختلف قليلا عن لهجة سكيكدة عاصمة الولاية "مسقط رأس عبد الله جاب الله" ) , وطريقة أكلنا وشربنا كانت عموما كما هي عادات وتقاليد الشرق الجزائري .
ومما له صلة بهذه المسألة بالذات أنني كنتُ ألاحظ في تلك الفترة أن بعض الإخوة في البعض من أوقات فراغهم كانوا يسخرون ( وأحيانا يمزحون فقط ) من لهجة الغير ومن عادات وتقاليد الغير في الأكل والشرب و ... وأذكر أنني كنتُ غالبا إما أن أغيرَ موضوع حديثهم الهزلي ( الذي إن لم يكن حراما فهو على الأقل لغو ) إلى موضوع آخر جاد بطريقة لبقة ومؤدبة , وإما أن أحذرهم بالتي هي أحسن مما يقولون , وكان مما كنتُ أقول لهم :
1- إخوتي : نحن أحوج ما نكون كمسلمين إلى أن يكون أغلب حديثنا جادا .
2- ولما كنا دعاة إلى الله فمن باب أولى يجب أن ننـزه أنفسنا عن اللغو ما استطعنا , والأمة المجاهدة لا تعرف غالبا إلا الجد .
3- يجب أن نتعصب - إن تعصبنا – إلى اللغة العربية الفصحى التي هي لغة المسلمين جميعا دنيا وآخرة , لا إلى لهجتي أنا أو إلى لهجتك أنتَ . ومنه فإن الواجب أن نعتبر أن اللهجة الأفضل والأحسن هي اللهجة الأقرب إلى اللغة العربية . وفي الغالب ليست هناك لهجة أقرب إلى اللغة في كل كلماتها , وإنما كل لهجة هي قريبة في كلمات إلى اللغة وهي بعيدة عن اللغة في كلمات أخرى .
4- اللهجات مختلف فيها – عموما - بين الناس في كل زمان ومكان , ومنه فالواجب عدم التعصب فيها. ولا ننسى القاعدة الهامة جدا والصالحة في أمور الدين والدنيا : في المسائل التي لا خلاف فيها : الواجب هو التعصب , والتعصب محمودٌ بإذن الله تعالى . وأما في المسائل الخلافية الفرعية الثانوية الاجتهادية فالواجب سعة الصدر مع المخالف , وسعة الصدر فيها هو المحمود , والتعصب - على الضد من ذلك - هو المذموم .
5- يجب أن نتعصب- إن تعصبنا – إلى الوصفات الطبية والصحية في الأكل والشرب , لا إلى عاداتي وتقاليدي أنا أو إلى عاداتك وتقاليدك أنتَ في الأكل والشرب . ومنه فإن الواجب أن نعتبر أن الطريقة الأفضل في الأكل والشرب هي الطريقة الأقرب إلى مراعاة الصحة أولا ثم مراعاة الذوق العام ثانيا . وفي الغالب ليست هناك منطقة جغرافية كل عاداتها وتقاليدها هي أقرب في كل شيء إلى مراعاة القواعد الصحية , وإنما كل منطقة لها عادات وتقاليد هي قريبة في أشياء إلى مرعاة الصحة وهي بعيدة عن مراعاة ذلك في أشياء أخرى .
6- حتى إن كان الأخ مازحا مع أخيه فالأفضل تجنب المزاح في أشياء مثل هذه أو على الأقل عدم الإكثار منه . ولا ننسى أن الذي لا يزعجه مزاحك اليوم قد يزعجه ذلك غدا للأسف الشديد , هذا في وقت وظرف نحن أحوج ما نكون فيه إلى المحافظة على الأخوة والمحبة والمودة والرحمة فيما بيننا . كما يجب ألا ننسى دوما أن الضحك بلا سبب أو لسبب تافه هو من قلة الأدب , وأن كثرة الضحك تميت أو تقسي القلوبَ والعياذ بالله تعالى .
7- لا تنسوا إخواني أن كل تعصب يمكن جدا أن يولد تعصبا مضادا , ومنه فإذا ضحكت علي ( في مسائل خلافية كاللهجات وعادات الأكل والشرب ) يمكن أن أضحك عليك أنا كذلك , وإذا سخرت مني أنتَ يمكن أن أسخر منك أنا كذلك .
8-إذا كنتَ أنتَ اليوم في أغلبية مع أهل منطقتك فيمكنك أن تجد نفسك غدا معي أنا في مكان آخر وفي ظرف آخر حيث أكون أنا مع أغلبية من أهل بلدي وأنت لوحدك فقط .
9- وحتى لا يؤذيك أحدٌ لا تؤذ أنت أحدا , ولا تنس أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأنه كما تدين تدان .
10-وأخيرا يجب أن نعلم علم اليقين أنه من الصعب بقاء الحب والأذى مجتمعين لمدة طويلة , ومنه إن أردتَ أن أحبك فلا تظلمني أخي الحبيب لمدة طويلة , وإلا فلا تلومن إلا نفسك إن تحول حبي لك إلى كره أو بغض .
نسأل الله أن يرزقنا الصواب والإخلاص في القول والعمل . والله أعلم بالصواب .
223- قال " لماذا لا تزور زوجتُكَ زوجتي ؟ " ! : أنا أسكن مع زوجتي وأولادي منذ 1986 م , أسكن في حي سكني بجانب ثانوية عبد الحفيظ بوالصوف التي أدرس بها العلوم الفيزيائية منذ سبتمبر 1984 م . أسكن في هذا الحي السكني الخاص بأساتذة ثانويات مدينة ميلة . وهذا الحي يسمى حي بيدي عبد المجيد , كما يسمى كذلك حي 32 سكنا , لأنه يسكن به 32 أستاذا . وفي يوم من الأيام وحوالي 1990 م قال لي زميل من زملائي في التعليم وجار من جيراني " أنا ألاحظ منذ مدة أن زوجتك تزور كثيرا حوالي 4 أو 5 جارات , ومنه فأنا أتساءل بين الحين والآخر : لماذا لا تزور زوجتك زوجتي مثلا ؟ " , " هل هناك شيء لا يعجب فيما بين زوجتك وزوجتي ؟"!.
وأذكر أنني أجبته بما يلي :
1- ليس بين زوجتي وزوجتك إلا الخير .
2- هل يعقل أن تزور زوجتي 31 جارة !؟ . هل هذا معقول , وهل هذا ممكن عمليا , وهل هذا مستساغ عادة وعرفا ؟!. وهل يُـعقل كذلك أن تزور زوجتُـك 31 جارة ؟!.
3-هل يُـعقل أن أزور أنا أو تزور أنت 31 جارا ؟! . هل يعقل من تلميذ يدرس في مؤسسة تعليمية أن يتصل أو يخالط أو يصاحب كل تلاميذ المؤسسة التعليمية ؟!. هل يعقل من عامل بإدارة أو شركة أو مصنع أو ...أن يتصل أو يخالط أو يصاحب كل العمال أو الإداريين الذين يحيطون به ؟!. هل يعقل أن أتصل أنا أو أخالط أو أصاحب كل أساتذة الثانوية التي أدرسُ بها ؟!. هل هذا معقول , وهل هذا ممكن عمليا , وهل هذا مستساغ عادة وعرفا ؟!.
4- يا أخي !. إعلم أن الحب يأتي في الكثير من الأحيان بدون إرادة منا , ومنه فإنني إذا أحببتُ جارا مثلا أكثر مما أحببتُ جارا آخر , فإن ذلك لا يتم دوما بإرادتي , بل إن الحب يدخل إلى قلبي في الكثير من الأحيان بدون إرادة مني , ولا ننسى أن "‏ قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد , يصرفه حيث يشاء ‏"‏ كما ورد في حديث رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام . ولكن المطلوب مني في المقابل أن لا أسمح لقلبي أن يحب فاسقا أو فاجرا أو ضالا أو منحرفا أو كافرا أو مشركا أو منافقا أو عدوا للإسلام والمسلمين .
5- يا أخي ! . إعلم أنني إن أحببتُ غيرك أو اتصلتُ بغيرك أو خالطتُ غيرك , فليس معنى ذلك أبدا أنني أكرهك أو أبغضك أو أعتبرك عدوا أو خصما , بل أنا إن شاء الله أُحبك كما يحبُّ كلُّ مؤمن أخاه المؤمنَ , ولكنني ربما - بإرادة مني حينا وبدون إرادة مني أحيانا - أحببتُ غيرك أكثر مما أحببتُكَ أنتَ .
ومنه فالأمر بسيط وسهل ومفهوم , والنية من ورائه طيبة وحسنة ومباركة بإذن الله تعالى .
والله وحده أعلم بالصواب .
224- خفتُ من السحر فشربت كأسا كبيرا من زيت الزيتون :
حوالي 1987 م جاءتني امرأة من أجل أن أرقيها , وبعد مدة نشأت علاقة طيبة وودية بينها وبين زوجتي , ومنه أصبحت تزورنا بين الحين والآخر . وكان يبدو على المرأة الطِّـيـبةُ والذكاء والأدب والخلقُ و ... " الله يبارك عليها " ورحمها الله تعالى ( لأنها ماتت من سنوات قليلة ) .
وفي يوم من الأيام عبرت لي هذه المرأة عن طريق رسالة خطية أعطتني إياها بأنها تحبني وطلبت مني النصيحة لأنها تعرف شرفي وعفتي , وتعرف كذلك بأنني متزوج وبأنني أحب زوجتي وبأنني لست مستعدا أبدا للتزوج على زوجتي , حتى ولو كان تعدد الزوجات حلالا بشروط خاصة معلومة .
قرأتُ الرسالة على زوجتي لأطمئنها بأنني لا أخفي عليها شيئا خاصة ما له صلة بعلاقتي بالنساء بشكل عام , ثم كتبتُ ردا مكتوبا أعطته زوجتي لهذه المرأة بعد أيام , قدمتُ من خلاله مجموعة من النصائح لهذه الأخت من أجل أن تنساني أو من أجل أن تتخلص من حبها لي , أو من أجل تحويل هذا الحب من حب رجل لامرأة إلى حب مؤمن مسلم لأخيه المؤمن المسلم . والحمد لله أنني لاحظت بعد مدة من خلال سلوكها مع زوجتي من قريب , ومن خلال سلوكها معي من بعيد , بأنها استفادت كثيرا من نصائحي لها .
وأذكر بالمناسبة أن هذه الأخت أهدت إلى ( في تلك الفترة ) معطفا جميلا نسجته هي من الصوف , أهدته لي عن طريق زوجتي , فشكرتها زوجتي وقبلت منها هديتها , وأما أنا فأذكر أنني خفت من أن تكون قد صنعت لي سحرا من خلال هذه الهدية لتقربني منها ولتبعدني عن زوجتي . ولأنني كنتُ مبتدئا في ممارسة الرقية , فإنني عوض أن أرقي نفسي وأكتفي بذلك ( من أجل التخلص مما يمكن أن يكون هناك من سحر صنع لي ) فإنني لجأتُ – مع الرقية - إلى شرب كأس كبير من زيت الزيتون ظنا مني أن شرب زيت الزيتون مفيد من أجل التخلص من السحر كما هو شائع في بعض المجتمعات , وهو أمر بطبيعة الحال ليس صحيحا شرعا لأن السحر لا بد له من رقية وأما زيت الزيتون فهو واقي من الأمراض ومقوي بدنيا وهو كذلك علاج لكثير من الأمراض العضوية . وبعد أيام تبين لي بأنني أسأتُ الظن بهذه المرأة المؤمنة رحمها الله رحمة واسعة . وعندما أذكر هذه الحادثة أضحك على نفسي , لأنني أردتُ أن أعالج السحر ( الذي توقعته ) عن طريق شرب زيت الزيتون !.
وفي النهاية أعلق بتعليقات بسيطة على هذه القصة الطريفة :
1- الإسلام يوصينا بالميت خيرا . مطلوب منا أن نذكر الحي بالخير ولا نظلمه , ولكن مطلوب منا أكثر أن نذكر الميت بالخير وأن نذكر محاسنه , ونغض الطرف – ما استطعنا – عن سيئاته .
2- الحب أو العشق كما قلتُ وما زلتُ أقول , لا يلام عليه المؤمن إلا إذا كانت مقدماته حراما أو كانت نتائجه حراما , وأما إن أُصيب به الشخصُ بدون سبب منه , ثم لم يفعل حراما مع من أحب أو عشِـق , فلا يلام المؤمن شرعا أبدا على هذا الحب ولا يُعاتبُ ولا يُوبخُ ولا يأثمُ بإذن الله تعالى .
3- من علامات قوة الإيمان بالله أن تقول المرأة " أنا أحب فلانا " , "ولكن انصحوني رجاء وبالله عليكم من أجل أن أتخلص من هذا الحب الذي نهايته مسدودة ومغلقة " .
4- من تمام أدب المرأة الجم وحسن خلقها أن تضغط على نفسها هي , حتى لا تظلمَ امرأة أخرى ولا تفرق بينها وبين زوجها . وعلى الضد من ذلك كم هي عظيمة جدا جريمة المرأة التي من أجل نفسها ومن أجل دنيا زائلة ورخيصة , نجدها تعمل الممكن والمستحيل من أجل التفريق بين امرأة أخرى والزوج الذي أحبته هي أو عشقتهُ .
5- من أسباب سعادة الرجل مع زوجته وكذا سعادة المرأة مع زوجها أن يحس كل واحد منهما أنه وحده للآخر وأن الآخر له وحده . ولا يعرف أهميةَ هذه النعمة مثلُ الشخصِ الذي حُرِمَ منها .
6- كم هو جميل جدا ورائع جدا أن تنصحَ الغيـرَ بما لا يوافق هواك أو بما يعاكس ويخالف هواك !.
كم هو جميل ورائع عند ما تفعل ذلك لوجه الله تعالى . ومنه فلقد كنتُ أحسُّ بسعادة غامرة وأنا أنصح امرأة من أجل أن تتخلص من حبها لي , مع أن كل واحد منا مفطورٌ على الفرح بمحبة الناس كل الناس له , وكذا على الفرح بإعجاب ومحبة النساء كل النساء له .
7- مُـهِـمٌّ جدا لو يتعلمُ كل واحد منا ديـنَـه حتى يعرف بأن السحرَ لا بد له من رقية شرعية
( وليس زيت زيتون ) , وأما الغذاء المادي خاصة والطب الشعبي عامة وكذا الدواء الاصطناعي والكيميائي فهي علاجات للأمراض العضوية أو حتى لبعض الأمراض النفسية والعصبية .
8- صراحةُ الرجل مع زوجته بحيث يخبرها عن أهم ما بينه وبين أجنبيات عنه من النساء , هذه الصراحة وسيلةٌ أساسية من وسائل المحافظة على نظافة النفس وطهارتها وعفتها , كما أنها وسيلة مهمة للغاية من أجل كسب ثقة الزوجة بزوجها حتى تصبح مع الوقت ثقة تكاد تكون مطلقة .
225- ليست الحكمةُ : أن تسلك بالدعوة أقرب السبل إلى ضمان أمنِك ودنياك كما أنها ليست حِصنا يحمي به الداعيةُ نفسَه مما قد يلحقُـه من البأساء والضراء , وإنما الحكمة في الدعوة أن تسلكَ بها أقربَ السبل إلى أفئدة الناس وعقولهم ,كما أنها سياسةٌ يحافِظ بها على كلمة الحق كي تصل إلى مداها من عقول الناس ونفوسهم واضحةً وسليمة ومشروعة. ومن قال عكس هذا فكأنه يزعمُ أن على المرء أن يبتغي بآخرته الدنيا وأن يؤثر سلامةَ دنياه على سلامةِ دينه وأن يبحثَ عن مرضاة ربه فقط في الدعة واليسر والراحة والبحبوحة والنعيم.
وبالمناسبة هناك أشخاص كانوا بالأمس ( في الثمانينات ) بسطاء وبسطاء جدا في مجال علمهم بالدين وفي مجال عملهم الدعوي وكذا في مستواهم المادي ,ثم بطريقة "سِحرية" أصبح الواحدُ منهم بين عشية وضحاها "برلمانيا" يتقاضى عشرين مليونا من السنتيمات أو أكثر أو أقل مع مكاسب أخرى وامتيازات أخرى (وحالُ أغلب الشعب الاقتصادي والمعيشي معلومٌ من الدنيا والحياة بالضرورة ) . وإذا كان الواحد منهم يمكن أن يجد لنفسه حجةً يحتج بها ويُثبتُ من خلالها أنه مازال- حتى ولو كان هو في السماء ماديا وأغلبُ الشعب تحت الأرض - داعيةً إلى الله وزعيما إسلاميا سياسيا أو داعية إسلاميا كبيرا , فإنني أنصحُه أن يذهبَ إلى الغابة (حيث "ماوْكْلي" ومن معه ) لعله يجدُ حيوانا يُقنعُه بذلك , أو يذهبُ إلى مجنون لعله يثبتُ له صحةَ ما يقولُ . ماذا نقول عن الإسلامي الذي كان بسيطا ومتواضعا- ماديا - للغاية قبل توليه مسؤولية ما عند الدولة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين ,ثم وبقدرة قادر أصبح أو أمسى في وقت قياسي من الأغنياء الكبار في قريته أو مدينته أو ريفه ؟ ماذا نقول له أو ماذا نقول عنه ؟!. أنا لا أدري كيفَ يُقنع هذا البرلماني أو هذا المسؤول ( الإسلامي) واحدا من الناس بأنه يمثله بالفعل , وهو في قصرٍ وهذا " الشعبي " البسيطُ فيما يشبه القبر ؟!. ثم أنا لا أدري كذلك كيف يتصورُ صاحبُـنا هذا أنه – بعد أن ملأ له النظامُ جيبَهُ مالا - يمكن أن يقول للنظام : "لا " اليوم أو غدا أو بعد غد,إذا أساء هذا النظام في شيء ما ؟!.
ثم أقول : أنا من سنة 1994 م تقريبا , أرى من بعيد , وبين الحين والآخر , أرى أو أصادف برلمانيين إسلاميين كان الواحد منهم يحضرُ لي في نهاية السبعينات , يحضرُ دروسي ومحاضراتي وندواتي الإسلامية في الجامعة وغيرها , وكان يسألني عن مسائل الوضوء والصلاة وغيرهما , ... عندما أصادفه آتيا من بعيد إلى الجهة التي أكون فيها أنا , ألاحظ بأنه يُغـيِّـر طريقة حتى لا يلتقي بي . وأنا بطبيعة الحال على يقين من أنه لا يبتعد عن طريقي تكبرا علي لأنه يعرف أنني بصفة عامة زاهد في المال الكثير وكذا في المسؤوليات السياسية الرفيعة بالدولة , ولكنه كان يبتعد عن طريقي لأنه يستحي مني , ولا يعرف ما سيقوله لي ؟!. إنه متأكد من أنه لا يستطيع أن يقول لي ما يمكن أن يقوله لعامة الناس من أنه برلماني إسلامي مازال ثابتا على دينه ودعوته ومبادئه وأهدافه و... التي كانت عنده أيام زمان قبل أن يبدأ في النشاط من خلال الحزب السياسي وفي العمل من خلال البرلمان . إنه لا يستطيع أبدا أن يقـنعني أنه ومع الأموال الطائلة التي أصبح يمتلكها وطرق كسبها , ومع الجري الزائد والمبالغ فيه وراء الدنيا ومتاعها الزائل , ومع التساهل الشديد في صلاته وصيامه وعباداته , ومع سكوته عن كثير من المنكرات والتعديات على حدود الله التي يراها أمامه في كل مكان , ومع تخليه عن المطالبة بتطبيق شرع الله تعالى والحكم بما أنزل الله , ومع ... ما زال - مع كل ذلك ومع غير ذلك - إسلاميا وداعيا إلى الله تبارك وتعالى . إن حياءه هذا مني هو الذي يجعله يبتعد عن طريقي , والله بطبيعة الحال أحق أن يستحيا منه , ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
226- لا يحب سماع الأناشيد الدينية شخصان : ( شخصان مهمان , على سبيل المثال لا الحصر ) .
الأول : متشدد في الدين وجاهل ومتعصب ومتزمت , لا لأنه لا يريد أن يسمع ولكن لأنه يريد أن يفرض على غيره كذلك أن لا يسمعوا . إذن العيب ليس في أن لا تسمع , فهذا أمر أنت حرٌّ فيه , ويجوز لك حتى أن تمنع نفسك مما هو جائز ومباح بلا خلاف , ولكن العيب في أن تفرض على الغير ما لم يفرضه عليهم الله ورسوله , لأن سماع الأناشيد الدينية ( خاصة بدون موسيقى وبدون دف ) حلال وجائز ومباح بلا خلاف .
في يوم 26/4/2008 م , وعندما كنتُ راجعا إلى مدينة ميلة من سفر , رجعتُ أولا في حافلة تُقل حوالي 40 شخصا , شغَّـلتُ خلالها أناشيد دينية من خلال هاتفي النقال , وكان المسافرون كلهم ساكتين ( باختيارهم ) ويستمعون بشغف إلى الأناشيد الإسلامية التي اخترتها لنفسي ولهم . وبعد ذلك قطعتُ المسافة المتبقية من سفري من خلال سيارة تُـقل 6 أشخاص مع السائق . وبمجرد أن بدأنا الحركة شغلتُ أنشودة دينية لأبي خاطر ( بلا دف ولا موسيقى ) ورفعتُ الصوت قليلا حتى لا يُقلقَ ذلك الصوتُ أحدا من الركاب , ولكنني فوجئتُ بأحد الركاب ( يبدو من هيئته أنه من المتشددين في الدين والجاهلين ) يقول لي بصوت مرتفع وبفظاظة وغلظة " أطفئ هاتفك النقال يا هذا ولا تقلقنا بهذا الغناء المائع "!. أنا فهمتُ أن هذا الشخص يعتبر سماع الأناشيد الدينية حراما مهما كانت بدون موسيقى ولا دف ( لأنني أعرف مئات الأشخاص مثله في الجزائر ) , ولكن بقية الركاب نظروا إليه باستغراب وسكتوا . فكرتُ بسرعة " هل أستجيب لطلبه أم لا ؟!" , ثم عزمتُ أن أوقف تشغيل الأناشيد وأُعرض عن الجاهل ولا أدخل معه في جدال ومراء , وأنا أسأل الله له بيني وبين نفسي العلم والأدب والخلق والهداية .
الثاني : شخصٌ مستهتر تعوَّد على سماع الغناء الساقط المصاحب لكلمات مائعة ولموسيقى صاخبة , ومنه فهو لا يريد أن يسمع الطيب والنظيف من الأناشيد الدينية , بل يريد أن يُـبعد عنه كل من يريد سماع الأناشيد الإسلامية الطيبة المباركة , من باب " أخرجوا آل لوط من قريتكم , إنهم أناس يتطهرون " .
بعد أسبوع بالضبط من الحادثة السابقة , أي يوم 3/5/2008 م , انتقلتُ – مسافرا - مثل المرة الأولى تماما , أي في الحافلة ونحن نسمع الأناشيد الدينية , ثم في سيارة تُقل 6 أشخاص مع السائق . ولكن في هذه المرة – وبعد أن شغَّلتُ أنشودة دينية لأبي الجود ( بلا موسيقى ولا دف ) - طلع علي شخص آخر ( يبدو من تسريحة شعر رأسه ومن لباسه ومن السلسلة الذهبية في عنقه ومن شرب الدخان ومن ... أنه مستهتر بالدين غير مهتم به وبتعاليمه ) قال لي بصوت مرتفع وهو يغلق أذنيه بأصبعيه " رجاء يا هذا أطفئ هاتفك النقال , je n'aime pas ce genre de chansons , أي لا أحب سماع هذا النوع من الغناء " , فنظرَ إليه بقية الركاب باستغراب وفهمتُ وفهموا قصدَه . عزمتُ في هذه المرة على أن أقاوم ولا أستسلم فزدتُ من حجم الصوتِ قليلا وأظهر الركاب ُ لي وله بأنهم يريدون سماعَ الأناشيد , فلاحظتُ عليه أنه نزع بسرعة معطفه ووضعه على رأسه وسد بجزء منه أذنيه , وبقي على ذلك حتى وصلنا إلى مدينة ميلة ( والركاب ينظرون إليه ويبتسمون متعجبين ومنكرين ) . أسأل الله لي وله ولكل مسلم ومؤمن العلم الواسع والخلق الحسن والسعادة في الدارين , آمين .
ملاحظات أو تعليقات بسيطة :
1- الشاب الأول الذي قلتُ عنه بأنه متعصب , أهله وأصدقاؤه كذلك يقولون عنه بأنه متعصب , ولست أنا فقط الذي حكمتُ عليه بذلك .2- فرق كبير بين من يطلب مني أن أنقص الصوت ومن يطلب مني إغلاق النقال تماما . 3- وفرق كبير بين من يطلب مني أن أطفئ الهاتف النقال حتى لا يؤلمَه رأسه , أو حتى لا أشوش عليه في حديث مع آخر أو في مطالعة نافعة أو في تأمل للطبيعة أو في نوم أو في قراءة قرآن أو ... وبين من يطلب مني ذلك لأنه فقط يرى بأن سماع الأناشيد الدينية حرام . الموقف الأول مستساغ , وأما الثاني فمرفوض تماما . 4- الشاب الثاني الذي طلب مني إغلاق النقال تماما لم يطلب مني ذلك لأنه يريد أن يطالع مطالعة مفيدة أو ينام أو يسمع قرآنا أو يتأمل طبيعة أو يتحدث مع شخص آخر أو ... وإنما طلب مني ذلك انطلاقا من كراهيته لكل ما هو دين بدليل أن أصحابه وأصدقاءه يعرفون منه ذلك وبدليل الدخان الذي يتناوله والسلسلة الذهبية في عنقه وشعره الطويل الذي يشبه شعر النساء و ... وبدليل الغناء الساقط الذي كان يسمعه هو من جواله الخاص , وذلك باستعمال سماعة الأذنين ( نبهني إلى ذلك ابني الذي كان يجلس بجانبه في السيارة ).
5-أنا عندما كنتُ أسمع الأناشيد مع الشخص الثاني كنتُ أفعل ذلك بموافقة ومباركة وتأييد كل الركاب . إذن أنا وسائر الركاب أغلبية وهذا الشخص الذي رفض السماع يشكل الأقلية التي يجب أو يستحسن أن تخضع للأغلبية , خاصة وأنه يرفض سماع أناشيد دينية ليسمع غناء ساقطا كان ابني معي يسمعه منه حتى وهو يستعمل سماعة الأذنين الخاصة بجواله .
قال لي أخ كريم : " وماذا لو كنت أنتَ أقلية وسط أغلبية تسمع ما تراه أنت غناء فاحشا , هل يستحسن أن تخضع للأغلبية !؟! .الأمر هنا لا علاقة له بالأغلبية والأقلية , وإنما الأمر له علاقة بالإحترام المتبادل"!!!. فأجبتهُ قائلا :1- الأقلية تخضع للأغلبية في المسائل الخلافية في الدين مثل أن نسمع أناشيد دينية أو لا نسمع . وأما لو كانت الأغلبية تفعل الحرام وتسمع الغناء الفاحش الذي لا خلاف في أنه حرام , فيجب أن تخضع للأقلية التي لا تريد السماع إلا إلى الحلال . هذه هي الشورى في الإسلام , وهذا مما هو مقبول من الديموقراطية الغربية . وأما إذا قلنا " ما دامت الأغلبية تريد السماع إلى الغناء الساقط فلنسمح لها احتراما للأغلبية " , فهذا مما هو مرفوض من الديموقراطية الغربية .2- المسألة هي مسألة دين وإسلام وحق وعدل و " يجوز أو لا يجوز" قبل أن تكون مسألة احترام متبادل كما قلتَ أنتَ أخي الكريم . الذي يريد سماع الفاحش من الغناء لا يجوز أبدا أن يُحترم . هو لم يحترم الله ولا رسول الله ولا ... فكيف أحترمه أنا ؟. 3- وأما ما قلتَه لي أنتَ بقولك " ما تراه أنتَ فاحشا " , فأنا أقول لك بأن الغناء الذي قلتُ عنه بأنه فاحش وبذيء لا خلاف في أنه كذلك , وهذا ليس رأيي وإنما هو إجماع العلماء في كل زمان ومكان . لا خلاف في أن " الراي " مثلا أو الموسيقى الصاخبة لا يجوز السماع إليها , ولا خلاف في أن غناء مثل غناء الشاب أو الساقط خالد (الجزائري) أو ... هو حرام ثم حرام ثم حرام . إذن هذا شرع وليس فقط رأيي أنا .والله أعلم بالصواب .
227- ابدأ مع زوجتك رجلا عاديا ثم أحسن إليها بعد ذلك , ولا تفعل العكس ! :
أنا أنصح من زمان كل مقبل على الزواج "مطلوب منك أيها الرجل أن تُرِيَ لزوجتكَ من أول يوم في الحياة الزوجية أسوأ ما عندكَ ( بعيدا عن الحرام ومخالفة الدين بطبيعة الحال ) كما يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله , حتى إذا قبِلتْ مضطرة بك وصبرت محتسبة عليكَ , تـعود أنتَ فتُريَـها أحسنَ ما عندكَ من خلق وأدب ومعاشرة طيبة , فتفرحُ الزوجة بذلك فرحا شديدا وتحس وكأنها تزوجت بك من جديد , فتُقبل على زيادة الإحسان إليكَ وزيادة خدمتكَ , وستصيران بذلك كلما زادت الحياة الزوجية يوما كلما زادت سعادتكما قدرا ملموسا بإذن الله تعالى" . ثم أوضح حتى لا يلتبس على القارئ الأمر :
أولا : أقصد بكلامي أن تظهَـرَ - أيها الرجل - أمام زوجتك من أول يوم شخصا عاديا , حتى إذا قبلتْ بك على ذلك أظهرتَ أنتَ لها بعد ذلك ما عندك من خير ورحمة وبركة وإحسان وفضل و ... ( بعد زواجك بشهور أو بعام أو أكثر ) فتحس المرأة وكأنها تزوجت من جديد فتفرح بذلك فرحا شديدا وتُـقبل عليك وعلى خدمتك والإحسان إليك أكثر وأكثر . وأما الذي يفعله أغلبية الرجال المتزوجون في ال 15 أو ال 20 سنة الأخيرة , فهو العكس من ذلك , أي أن الرجل من أول يوم يقول لزوجته " أموت فيك , وأجن فيك , وشبيك لبيك عبدك بين يديك , وطلباتك أوامر , وتعبك راحة و ... " ويمكن أن يعصي الزوجُ اللهَ أو يكلف نفسه ما لا يطيق من أجل إرضاء زوجته , وفي ذلك ما فيه من الفساد للرجل وللمرأة على حد سواء , لأن من نتائجه : ا- أن الرجل لا يستطع أن يستمر على ذلك لمدة طويلة , أي أنه لا يستطيع أن يستمر لمدة طويلة على إحسانه الزائد لزوجته . ب- حين يضطر للإنقاص من الإحسان إلى زوجته تستاء المرأة , لأنها لا تعتبره أنقص من الإحسان إليها فقط ولكنها تعتبره ظلمها واعتدى عليها وأساء إليها وحرمها من حقوقها و ... ويمكن أن تعمل المرأة بعد ذلك - شعرت أم لم تشعر - على الإساءة إليه من باب الانتقام منه , وكذلك لا تشكره بل تنقم عليه . جـ - إذا بدأ الرجل حياته بالإحسان الزائد ( وأؤكد على كلمة " الزائد " ) إلى الزوجة فإنها يمكن جدا أن تعتبر طيبته معها ضعفا فتركب على ظهره , وإذا ركبت على ظهره يصبح بعد ذلك من الصعب جدا أن يُـنزلها من على ظهره , ويصبح هذا الرجل عندئذ يعيش مع زوجته ذكرا لا رجلا , ولا يمكن أبدا أن يكون رجلٌ من هذا النوع قواما على زوجته كما لا يمكن لزوجته أن تحترمه , بل هي - في أعماق نفسها - تحتقره بكل تأكيد . ولا ننسى أن المرأة مفطورة من خالقها على احترام وتقدير وحب الرجل المحسن والقوي , وأما الظالم فإنها تخافه ولا بركة في زواج تخاف فيه المرأةُ من زوجها , وكذا فإن الزوج الضعيف تحتقره زوجته ولا خير في زواج تحتقر معه المرأةُ زوجَها . ثانيا : كلامي لا ينطبق على كل النساء , ولكنني أظن أنه ينطبق على نسبة معتبرة وكبيرة وأغلبية من النساء . ومع ذلك فأنا أحترم كل الاحـترام رأي من يخالفني الرأي . نتفق ونحن إخوة ونختلف ونحن إخوة كذلك , والاختلاف في غير أصول الدين لا يجوز أبدا أن يفسد للود قضية . ثالثا : أنا في هذا الذي أقوله هنا أنطلق من واقع عرفته من خلال مشاكل واستشارات واستفتاءات أكثر من 1000 امرأة ورجلا قابلتهم وسمعتُ منهم وكلمتهم خلال أكثر من 30 سنة , وكذلك أنا أنطلق من مطالعاتي لمئات الكتب والمجلات والجرائد و ... خلال أكثر من 35 سنة التي تتحدث عن المرأة نفسيا وكذا عن العلاقات بين الرجل والمرأة .رابعا : يمكن للرجل أن يختلف معي في رأيي هذا كما يمكن للمرأة أن تختلف معي في وجهة نظري هذه , ولكن لا يليق أبدا أن يتهمني أحد بإحدى التهمتين الآتيتين , لأنني بريء منهما معا : ا- أنني مغلوب من طرف زوجتي , وأقرب الناس إلي يشهدون بأنني مع زوجتي سيد ورجل في نفس الوقت , والحمد لله رب العالمين . ب - أنني أظلم زوجتي , وزوجتي في حد ذاتها أول من يُـبطل هذه التهمة ويُكذبها لأنها تقول باستمرار لأمها ( لأنها تستحي أن تقول ذلك لأخواتها الإناث , ومن باب أولى لإخوتها الذكور ) " يا أمي , زوجي عبد الحميد : إذا أحسنتُ إليه مرة أحسن إلي هو 10 مرات " .
228- " إذا صليتُ الصبح في وقته أصبحتُ مرتاحة ونشطة " : قبل أن أرقي امرأة معينة منذ أيام
( ماي 2008 م ) طرحتُ عليها مجموعة من الأسئلة لتعينني الأجوبةُ عليها على تشخيص مرضها . وكان من ضمن الأسئلة التي طرحتُها عليها " كيف تصبحين عندما تستيقظين في الصباح : هل تكونين حيوية نشطة أم تصبحين معذبة ومكسرة وكسلانة ؟ " , فأجابت بدون تردد " عندما أصلي الصبح في وقته أصبح حيوية نشطة , وأما عندما لا أصليه إلا بعد خروج وقته أي بعد طلوع الشمس فإنني أصبح كسلانة معذبة ومُكَـسَّـرَة " . وكأن طريقة إجابتها عن السؤال أوحت لي بأنها – لجهلها - ترى أن هذا العرض هو إلى جانب أعراض أخرى من العلامات الدالة على أنها مصابة بسحر أو عين أو جن !.
قلتُ لها عندئذ :
[1- إن هذا الذي ذكرتِه الآن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالسحر أو العين أو الجن .
2- هذا الذي ذكرتِه الآن هو بإذن الله علامة طيبة على إيمانك القوي وعلى حسن إسلامك , لأنك من جهة حريصة على أداء صلاة الصبح وكذا سائر الصلوات الأخرى في وقتها , ومن جهة أخرى أنتِ تُـحِسين في الحين وفي الدنيا بثمرة الطاعة الطيبة أو بالثمرة الخبيثة للتكاسل عن الطاعة .
3- إذن هذا الذي ذكرتِه أختي الفاضلة مهم جدا , ويدل من ضمن ما يدل عليه على أن طاعة الله تعالى ليس فيها خير الآخرة فقط بل فيها بإذن الله تعالى كذلك خير الدنيا والآخرة .
4- أختي الفاضلة , يا ليتَ كل مسلم يُلزمُ نفسه باستمرار وبشكل دائم ومادام حيا بجملة واجبات دينية من أهمها أن يحرص على اتخاذ الاحتياطات اللازمة والأسباب المناسبة من أجل أن يؤدي صلاة الصبح في وقتها ( الرجل في المسجد ما استطاع إلى ذلك سبيلا , والمرأة في بيتها ) .
5- إن أداء صلاة الصبح جماعة علامة من علامات قوة الإيمان وشدة التعلق بالله , وعلامة من علامات عظمة المؤمن والمسلم , وعلامة من العلامات على أن أمة محمد عليه الصلاة والسلام ما زال فيها الخير والبركة .
6- الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى يوم القيامة , والكلمة الأخيرة والنصر النهائي سيكون حتما للحق , ولن يتم ذلك إلا على أيد متوضئة تحرص من ضمن ما تحرص عليه على أداء صلاة الصبح في وقتها ]. والله أعلى وأعلم , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير.
229 - قال " أنت ربي معك يا أستاذ ! " : في يوم من أيام شهر ماي 2008 م كنت أحرس تلاميذ السنة الأولى في امتحانات نهاية السنة الدراسية . وكعادتي في الحراسة أنا أتشدد ما استطعتُ مع التلاميذ من أجل منعهم من الغش , ومنه فالكثير من التلاميذ يريدون أن يدرسوا عندي ولكنهم لا يريدون أن أحرسهم في الامتحانات . أردتُ أن أجلس في لحظة من اللحظات على كرسي ( جرت العادة عندي أن أقضي جل الحصة وأنا أمشي متنقلا داخل قاعة الامتحان بدون أن أشوش على التلاميذ ) , وكان الكرسي مكسورا .
فقلتُ لتلميذة من التلميذات مازحا :
" أخاف عليكم أن تدعوا علي بالشر فينكسر الكرسي من تحتي وستضحكون علي طويلا " . قالت التلميذة وكثير من زملائها " أبدا يا أستاذ !. مهما أقلقنـا تشددك معنا في الحراسة فإننا لا ولن نتمنى لك بإذن الله إلا الخير ".
وقال تلميذ آخر " يا أستاذ أنت ربي معك , فلا تخف ".
وأنا أريد الآن أن أعلق على كلمة هذا التلميذ بجملة تعليقات :
1-الله وحده أعلم من الأفضل منا عند الله . ولا أحد يجزم بأنه أحب إلى الله من غيره , ولا يجوز لأي منا أن يتألى على الله تعالى فيدعي أو يزعم أنه أفضل من غيره .
2- فرق بين أن نقول " ربي معك " على سبيل الدعاء , وبين أن نقولها على سبيل الإخبار . وهذا مثل
" رضي الله عن فلان " مقبولة على سبيل الدعاء وغير مقبولة على سبيل الإخبار والإعلان , إلا بالنسبة لمن أعلمنا الله بأنه رضي عنهم كالصحابة مثلا " رضي الله عنهم ورضوا عنه " .
3- نحن نتمنى لنا ولكل مؤمن أن يكون الله معنا أينما كنا : يحفظنا ويؤيدنا وينصرنا ويثبتنا ويلهمنا ويسددنا ويوفقنا لكل خير .
4- الدنيا يعطيها الله للمؤمن والكافر وأما الآخرة والسعادة الدنيوية فإن الله لا يعطيهما إلى لمؤمن , ومنه فالواحد منا يجب ألا يفرح كثيرا بسبب الدنيا التي يصيبها بل عليه أن يفرح أكثر بمدى طاعته لله واجتناب معصيته ومدى قربه من الله و ...
5- وأخيرا , وهذا الذي أردتُ أن أؤكد عليه الآن مع هذه الوقفة : كلمة التلميذ " أنت يا أستاذ ربي معك" تدل من ضمن ما تدل عليه على أن التلميذ يعلم بيقين ( وهذا حال أغلبية التلاميذ والحمد لله ) بأنه وهو يغش هو يرتكبُ الحرام وهو يفعل ما لا يليق , وأنني أنـا وأنا أمنعه من الغش أنا على الحق وأنا أطيع الله بهذا وأنا لا أريد له في النهاية إلا الخير .
230- أنا أقول دوما للفتاة التي تستعمل المحادثة عن طريق الأنترنت : أكثر من واحدة من البنات اللواتي يستعملن المحادثة عن طريق الأنترنت يتصل بها الرجل في البداية متسميا باسم امرأة , حتى إذا أوقعها في مخالبه تحول معها إلى ذئب مفترس لا شفقة عنده ولا رحمة . وأما إذا انتبهت الفتاة قبل أن يوقعها الرجل في الشباك وسألته " لماذا الكذب بإظهارك لنفسك على أنك امرأة , وأنت في الحقيقة رجل ؟! " , يقول لها " ليس عندي إلا هذه الوسيلة لتحقيق مآربي من النساء والبنات , لأنني إذا أظهرتُ نفسي رجلا لا تكلمني ولا تتابعني ولا توافقني فيما أريد إلا النادرات من النساء ". وإذا امتنعت الفتاةُ عن مطاوعة الرجل في تحقيق رغباته الحيوانية اتهمها بأنها معقدة أو متعصبة . وإذا لم تكن الفتاة مؤمنة وقوية الشخصية فإنها يمكن جدا أن تسلم له فيما يريده منها حتى تنفي عن نفسها التعصب والتعقيد !!!.
وأنا أقول دوما للفتاة التي تستعمل المحادثة عن طريق الأنترنت :
1- عندما ترفض الفتاة التكلم مع رجل عن طريق الأنترنت , هي على صواب , وهي على حق بإذن الله تعالى .
2- أما اتهامها من طرف رجال بأنها معقدة ومتعصبة و... فهو أمر قديم يلصقه أي رجل لا يخاف الله في وجه المرأة التي لا تطاوعه على ما يريد منها .
3- وأما اتهامها بأنها معقدة من طرف نساء فهو أمر قديم كذلك تـلـصقه أية امرأة لا تـخاف الله في وجه من لا تطاوعها على ما تريده لها من ميوعة وانحلال وفسق وفجور .
4- لا يجوز أن تقلقك - أختي وابنتي - كلمات " معقدة ومتشددة ومتعصبة " و... التي توجه لك من طرف رجال أو نساء , إذا كان المقصود بالتعصب والتشدد والتزمت والتعقيد : المحافظة على العرض والشرف والحياء والأدب والخلق والدين .
5- حافظي ثم حافظي ثم حافظي على الشرف فإنه رأسمالك أختي وابنتي الفاضلة , وقولي لمن يتهمك بأنك معقدة " إذا كان الشرف تعقيدا وتعصبا , فاللهم احيني معقدة وأمتني متعصبة وابعثني يوم القيامة معقدة ومتعصبة , اللهم آمين ".
6-لا تنسي أن الرجال الذين لا يخافون الله لا يكذبون في شيئ مثلما يكذبون على المرأة حين يريدون إيقاعها في شباكهم .
7-اعلمي أن الرجال في تعاملهم مع المرأة أنانيون إلى حد كبير ( يريدون لنسائهم الشرف ويريدون لنساء الغير المـيـوعة ) , فاحذري ثم احذري ثم احذري مكرهم وخداعهم وأنانيتهم .
8- أنا أتمنى من كل امرأة أن تقول لنفسها ولأهلها ولمن يحبها من الناس – ولو بلسان الحال لا بلسان المقال - كما تقول لي تلميذاتي في الثانوية بميلة " يا أستاذ نورتنا وعلمتنا وأفهمتنا وربيتنا , إلى درجة نعدك معها أننا لن نكون بعد اليوم مغفلات أبدا " .
9-يجب أن تستفيد المرأة - وهي تستعمل الأنترنت - من تجارب الآخرين ومن أخطائهم , ولا يليق أبدا أن لا تبتعد المرأة عن السيئة حتى تقع فيها هي بنفسها , كما لا يجوز أن لا نبتعد عن شرب المخدرات حتى نشربها ونتأكد من أنها سيئة !.
10-إذا استعملتِ " الشات أو المحادثة " عن طريق الأنترنت , فتحفظي ما استطعتِ فيما تقولين أو تكتبين , لأن المتكلم يمكن أن يكون رجلا وليس امرأة , كما يمكن أن تكون امرأة ساقطة تسيء إليك أكثر مما تحسن إليك .
11- ثم لا تعط لأي كان من خلال الأنترنت سرا من أسرارك الخاصة , ولا تعط كذلك صورتك لأحد عن طريق الأنترنت مهما بدا لك بأنه امرأة , بل حتى ولو كان المتكلم معك بالفعل امرأة , بل حتى ولو كانت امرأة طيبة وصادقة ومخلصة .
الله يرضى عليك ويجعلك من أهل الجنة أختي وابنتي , آمين .

ليست هناك تعليقات: