الاثنين، 16 يونيو 2008

وقفات مع ذكريات ( من 56 إلى 60 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
56 – جلوس تلميذ مع تلميذة خلف طاولة واحدة :
على الأستاذ أن يتجنب إجلاس تلميذ بجانب تلميذة خلف طاولة واحدة (بعد بلوغ كليهما واحتياطا بعد وصول كل منهما إلى السنة الثانية متوسط حيث تقترب الكثير من البنات من سن البلوغ ) . وابتعدَ عن الصوابِ من قال بأنه ليس في ذلك شيءٌ , بل إن في ذلك من الشرِّ ما فيه إذا أصبح عادة متبعة , و" ليس الذكر كالأنثى" كما قال رب العزة سبحانه وتعالى . والرجل عادة يكذبُ في تعامله مع المرأة , وهو يكذبُ حين يقولُ للمرأة بأنه لا بأسَ من جلوسِ الابن مع بنت خلفَ طاولة واحدة في مقاعد الدراسةِ , وبأن التلميذَ لا يتأثر فكريا ولا سلوكيا بهذا الجلوس !.
إن جلوسَ التلميذ إلى جانب التلميذة مرفوضٌ شرعا لأكثر من سبب منها :
ا-أنه اختلاط غير مبرر . الأستاذُ مفروضٌ عليه في بلدنا أن يُدرِّس في مؤسسات مختلطة , ولكن ليس مفروضا عليه أن يُجلسَ الذكرَ إلى جانب الأنثى .
ب-أن التلميذَ وهو جالسٌ إلى جانب الأنثى يتأثرُ في الكثير من الأحيان – يتأثر أكثر مما تتأثر الأنثى - فيبقى أثناءَ الحصة يُفكرُ في التلميذة التي تجلسُ إلى جانبه أكثر مما يتابعُ الدرسَ الذي يلقيه الأستاذُ . هذا إن فرضنا بأنه لم يُحدثْ مع زميلته حركة لا تليقُ ولم يقلْ لها كلمة لا تجوزُ .
وبالمناسبة أقولُ بأنني وخلال 29 سنة من التعليم الثانوي حتى الآن ( 20007 م ) لم أضرب إلا حوالي 7 تلاميذ منهم :
تلميذٌ يدرسُ في ثانوية أم البواقي خلال السنة الدراسية 1981 / 1982 م , وجدتُه في يوم من الأيام عندما دخلتُ إلى القسمِ , وجدته جالسا مع زميلتِـه ( مع أنني حذرتُ التلاميذَ في بداية السنة من ذلك وبيتُ لهم سيئاتِ ذلك ) . سألتُ التلميذَ والتلميذةَ ثم ضربتُ التلميذَ بعد ذلك . ضربتُ التلميذَ لسبـبـين إثنين :
الأول : أنه هو الذي فرضَ على التلميذة الجلوسَ أولا ثم جلسَ بجانبها ومنعها من تغيير المكان أو الطاولة.
الثاني : أنه عندما سألتُه عن ذلك لم يعتذرْ إلي ولم يعتذرْ لزميلته , بل قال لي " وماذا في ذلك يا أستاذ , إنها مثل أختي !!!".
ضربتُ التلميذَ في ذلك اليوم ثم جاءني التلميذُ في اليوم الموالي ليعتذرَ إلي : غفر الله لي وله ولزميلته ولجميع من يقرأ لي هذه الوقفات آمين .
والله أعلم بالصواب .

57 – ما هو عدد زوجات الأب ؟ :
تعودتُ مع التلاميذ وخلال سنوات , أن أوزعَ عليهم – وهي مبادرة شخصية مني , أبتغي بها اهتماما أكبرَ بالتلاميذ حتى يُـحِسُّوا مع الوقت بأنني منهم وأنهم مني : أعيشُ آلامَهم فأحزنُ لها وأخففُ من حدتها عليهم , وأعيش آمالَـهم فأساعدهم على تحقيقِ ولو البعض منها - في بداية السنة الدراسية شبه استبيان فيه حوالي 50 سؤالا متعلقا بجوانب حياة التلميذ المختلفة : المدرسية , النفسية , الصحية , المالية , الاجتماعية , و ...
وعلى ضوء أجوبة التلاميذ المكتوبة ( التي أقرأُها في بيتي على مهل ) , أجلسُ في كل مرة – خلال السنة الدراسية - مع تلميذ لأقدمَ له النصائحَ والتوجيهاتِ المناسبةَ ولأساعدَه على حل مشاكل معينة يمكن أن يعاني منها و...لآخذ بعين الاعتبار هذه الأجوبة أثناء تعاملي مع التلميذ طيلة الموسم الدراسي .
ومما له صلة بهذا الاستبيان أتذكرُ أن سؤالا من الأسئلة طرحتُه على التلاميذِ :
ا-جلبَ لي مشكلة جعلتني أتوقفُ (من ذلك العام ) عن تقديم هذا الاستبيان للتلاميذ في بداية السنة الدراسية . السؤال هو " ما هو عدد زوجات الأب ؟" [وأنا الآن أقولُ بأن السؤالَ كان يمكن أن يُطرحَ بصيغة أفضل من هذه ] . وبسببِ هذا السؤال اتصلَ وليُّ تلميذ بمديرِ الثانوية (لم يكن الوليُّ يعرفني , لأنه لو كان يعرفني ما كان ليعترضَ عليَّ ) , وأعلنَ له اعتراضَه على عمل مثل هذا , لأنه يرى بأنه تدخلٌ من الأستاذِ في الشؤون الشخصية للتلميذِ . السيدُ المدير أخبر الوليَّ بقصدي الحسنِ , ومع ذلك طلبَ مني بعد ذلك أن لا أقدمَ هذا الاستبيان للتلاميذ في المستقبل , حتى لا نقعَ – إدارة وأستاذا - في أية مشكلة مع ولي جاهل .
ب-جلب لي جوابا من إحدى التلميذات أضحكني ثم أضحكها هي كذلك عندما علِمتْ بخطئها , لأن قصدَها من خلال الجوابِ حسنٌ , إلا أن لفظَ الجوابِ يحملُ معنى مستحيلا . أنا سألتُ " ما هو عدد زوجات الأب ؟ " والتلميذةُ كتبتْ في جوابها " عدد زوجات الأب هو : 0 " !!!. وواضحٌ أن قصدَ التلميذ هو " صفرٌ من غير أمها ".
والله أعلى وأعلم بالصواب.

58 - الشلل :
الذي يصيب في بعض الأحيان البعض من أجزاء جسم الإنسان كالوجه مثلا أو اليد أو الرجل , والذي يكون في الغالب نصفيا ؟ هل تلزمه رقية أم عرض على طبيب ؟ .
ج : أظن بأن أغلبية المصابين – ولم أقل الكل - بهذا النوع من الشلل يحتاجون إلى طبيب ولا يحتاجون إلى رقية. والحاجة إلى طبيب أخصائي في أمراض الطب النفسي والأعصاب أكثر عادة من الحاجة إلى طبيب عضوي.وأذكر بالمناسبة امرأة عجوزا أصيبت بهذا النوع من الشلل النصفي في جزء من جسدها وعرضت على شبه راقي (!) فأخبرها بأنها مصابة بجني وبأنه لا يليق بأهلها أن يذهبوا بها إلى الطبيب أو إلى المستشفى , لأن "صاحبنا"يرى التناقض بين زيارة الطبيب والرقية الشرعية , ومنه فإنه قال لأهل المريضة بأنها إن أُخذتْ إلى الطبيب فإن الجني سيخنقُها في الطريق ويقتلها !!!. وعندما اتصل بي أهلها طلبتُ منهم أن يذهبوا بها في الحين إلى المستشفى وحذرتهم من مغبة التأخر وإلا كانوا مسؤولين شرعا عما يمكن أن يصيبها نتيجة لأي تأخر ,كما طمأنتهم إلى أن المستعجل هو العرض على الطبيب , أما العلاج بالرقية فهو غير مستعجل بإذن الله تعالى , وأكدت لهم بأنه ليس هناك أي تناقض بإذن الله بين العرض على الطبيب والرقية . أُخذت المريضةُ إلى المستشفى وتبين بأنها بحاجة إلى دواء مستعجل ثم شفيتْ بعد ذلك خلال أيام قليلة . وعندما حكى أهلُها قصةَ الراقي المزعوم للطبيب تأسفَ هذا الأخير وقال "الحمد لله الذي عرفنا بالإسلام قبل أن يُـعرفنا بالمسلمين , وخاصة بالبعض منهم من أمثال هذا الراقي الجاهل !".

59 - الأجر أكبر ولكن ... :
أنا أقول دوما للناس بأن من علامات عظمة الواحد منا أن :
1- يفعلَ الخيرَ فيمن لم يفعلْ معه هو أيَّ خير .
2- يفعل الخيرَ مع من لا يستحق منه أيَّ خير .
3- يفعلَ الخيرَ مع من فعل معه هو شرا .
وأغلبية من أنصحُهم بهذا أقولُ لهم بأنني غالبا أعطي المثال من نفسي في العمل بهذه النصائح قبل أن أنصح بها غيري.
أنا ملتزمٌ بالعمل بها مع من يحيط بي من الناس في كل مكان وزمان وظرف , أنا ملتزم بالعمل بها في أغلبية الأحيان ولا أزعم أنني أغلبُ نفسي دوما .
وفي الكثير من الأحيان عندما أنصحُ الغيرَ بهذه النصائح يُقال لي " قدرتَ أنتَ أما نحن فإننا لا نقدرُ " و " نعم ما تطلبهُ منا جميلٌ جدا وفيه عند الله من الأجرِ ما فيه , لكن ..." .
فأقول :
ا-" ما أكثر ما نخلطُ بين : لا نقدرُ , ولا نريدُ " . إن الحقيقةَ تقولُ بأنكم لا تريدون العمل بهذه النصائح , لا أنكم لا تقدرون . إنكم لو أردتم لوفقكم الله بإذن الله لما أردتم , ولكنكم لا تريدون في حقيقة الأمر , والأفضل أن تكونوا صرحاء مع أنفسكم .
ب- إذا سلَّمتُم بأن هذه النصائح جميلةٌ وأن العملَ بها فيه من الأجر ما فيه , فلا يجوز لكم أن تقولوا بعدها " لكن ...". ما دام هذا العملُ مصدرَ أجر من اللهِ فلا جوابَ لنا عليه إلا " سمعا وطاعة " . وحتى إن ضعُفنا يجب أن نعترفَ بأننا ضعُفنا ولا نغطي على ضُعفنا , كما لا نُحوِّل الضعفَ إلى قوة . ومنه إن قلنا " لكن ..." يجب أن نعترفَ بأن " لكن..." هنا كلمة ضعيف لا كلمة قوي . نسأل الله أن يُـغلبنا جميعا على أنفسنا وعلى الشيطان آمين . والله وحده أعلم بالصواب .

60 - يربط بعض الناس كل مشكلة بالرقية :
يبالغُ الناس في ربط كل شيء بالرقية الشرعية التي بها يُعالج الإنسانُ من السحر أو العين أو الجن.وعلى سبيل المثال جاءني شاب في يوم من الأيام من أجل أخذ موعد لرقية شرعية لأخيه .
قلت له : ما بال أخيك ؟
قال : أولا هو ينام متأخرا أي يسهر كثيرا,ثم يصبح نائما فيُضيِّعُ عمله إن كان له عمل وهو غالبا لا يعمل!
قلت :على أخيك أن يُعوِّد نفسه على النوم مبكرا,يجدْ نفسه تلقائيا وقد تعوَّد على الاستيقاظ المبكر.وقد يتطلب هذا الأمر بضعَة أيام أو أكثر قليلا,لكنه لا يحتاج في كل الأحوال إلى رقية شرعية.
قال :ثانيا هو عصبي فوق اللزوم ويدخن كثيرا.
قلت :هو عصبي من صغره؟
قال :نعم.
قلت :إذن هذه هي عادته وهذا هو مزاجه,والمسألة مسألة تربية لا مسألة رقية شرعية.تربية تتم منه مع نفسه وكذا من محيطه معه هو,وقد تُفلح وقد لا تُفلح.وكونه يُدخن كثيرا يُعرفنا أكثر بسبب عصبية أخيك الزائدة,وكما يقال:"إذا عُرفَ السببُ بَطُل العجب".
قال :ثالثا هو قلقٌ.
قلت :القلق البسيط مرضٌ من أمراض العصر المعقد وغير المنضبط بضوابط الدين.وإذا كان القلق زائدا فهناك احتمال كبير في أن يكون القلقُ بسبب أن الأخ غالبا عاطلٌ عن العمل.إذن هو لا يحتاج إلى رقية.
قال :رابعا هو لا يريد أن يتزوج.
قلت :هناك فرقٌ بين أن تتوفر له كل الإمكانيات -المادية على الخصوص-ثم لا يريد أن يتزوج لأنه لا رغبة له في الزواج ولا في النساء,فهذا يمكن جدا أن يكون مسحورا أو به عين أو جن,وهو في أشد الحاجة إلى رقية شرعية من أجل تخليصه مما به.أما أخوك فإنه لا يقدرُ على الزواج (وفرق بين"لا يقدر" و"لا يريد") لأنه عاطلٌ عن العمل.
قال لي :لكن ربما به شيءٌ من السحر أو العين أو الجن.
قلتُ:لكن لماذا الميل إلى التفسيرات الغيبية وسبب كل ما ذكرتَ واضحٌ ؟ثم لماذا الله أعطانا عقولا وفضلنا بها على الحيوان؟!أليس من أجل أن نُحكِّمها ؟!
قال :لقد عرضناه على "طالب"(أي مشعوذ) ف…فقاطعتُه قائلا:فقال لكم"الطالب":إنه مسحور أو مصاب بعين أو بجن!
قال :نعم,لكن كيف عرفتَ ؟
قلت :خذني أنا عند أي"طالب"سيقول لك بأن رميتة عبد الحميد مسحور أو معيون أو مصاب بجن!إن عمل"الطالب"كله مبني على الكذب من أجل أكل أموال الناس بالباطل,فحتى تعطيَه أنتَ المالَ لا بد أن يقول لك"بك كذا".
قال :وفي النهاية أليس هناك أمل في رقية لأخي؟!
قلتُ:أنا لا أحب أن أكذبَ عليك.أنت ما ذكرتَ لي دليلا أو شبه دليل على أن أخاك يحتاج إلى رقية .انتهى الحوار.
أنا ألوم من يُنكر العلاجَ بالقرآن وأعتبره جاهلا حتى ولو كان طبيبا أو دكتورا,لكنني في نفس الوقت ألوم أكثر من يميلُ إلى إلصاق كل مشاكل الدنيا الطبيعية وكل الأمراض العضوية والنفسية و… في السحر أو العين أو الجن.و"خير الأمور أوسطُها".
يتبع : ...

ليست هناك تعليقات: